بسم الله الرحمن الرحيم
كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ{105}
تذكر الآية الكريمة ان قوم نوح "ع" كذبوا المرسلين , وفي ذلك اشارة الى :
1- ان هناك رسلا سبقوا نوح "ع" .
2- ان نوحا "ع" لطول المدة التي امضاها بين قومه كان عمله يعادل عمل جملة من الرسل .
3- نظرا الى ان مهام الرسل والانبياء "ع" هي واحدة , فتكذيب القوم لنوح "ع" هو تكذيب الى كافة الرسل قبله وبعده .
4- ان من آمن مع نوح "ع" كانوا يقومون بأداء الرسالة والتبليغ ايضا , بتوجيه من نوح "ع" , بذلك كانوا رسلا من قبله "ع" مبلغين عنه .
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ{106}
تروي الآية الكريمة ( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ ) , نسبه لهم , لأنه "ع" كان منهم , ( أَلَا تَتَّقُونَ ) , تتقون الله تعالى وتخافوه , فتتركوا عبادة غيره .
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ{107}
يستمر خطابه "ع" لقومه في الآية الكريمة معرفا عن نفسه ( إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ ) , منه جل وعلا , ( أَمِينٌ ) , امينا على اداء الرسالة , وقيل لأنه "ع" كان مشهورا بالأمانة .
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ{108}
يستمر خطابه "ع" لقومه في الآية الكريمة ( فَاتَّقُوا اللَّهَ ) , خافوا الله واخشوا عذابه وانتقامه , ( وَأَطِيعُونِ ) , في ما آمرتكم به من التوحيد .
وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ{109}
يستمر خطابه "ع" لقومه في الآية الكريمة مبينا ( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ) , لا اطلب منكم الاجر على اداء الرسالة , ( إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ) , ان الاجر والثواب انتظره من الباري جل وعلا .
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ{110}
لتكرار الآية الكريمة عدة فوائد , منها :
1- للتأكيد .
2- والتنبيه على دلالة كل واحد من امانته وحسم طمعه لوجوب طاعته فيما يدعوهم إليه فكيف إذا اجتمعا . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .
قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ{111}
تروي الآية الكريمة رد القوم عليه "ع" ( قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ) , كيف نصدق بك ونحن نرى ان من اتبعك هم الفقراء ذوي المنازل الهابطة والمهن الوضيعة , علما انهم اتبعوك لا على ايمان , بل توقعا للحصول على المال المترتب على دعوتك "الزكاة وغيره" .
قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{112}
تروي الآية الكريمة جواب نوحا "ع" ( قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) , لا علم لي ان كان ايمانهم اخلاصا او طمعا , ما عليّ الاعتبار بالظاهر فقط , اما ما في القلوب فالله تعالى اعلم به , وكأنه "ع" يريد ان يقول ( وما ادراكم انتم انهم اتبعوني طمعا بالحصول على المال , ولم يك اتباعهم لي عن اخلاص وايمان ) .
إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ{113}
يستمر كلام نوح "ع" في الآية الكريمة ( إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي ) , حسابهم "العقاب والثواب" على الله تعالى فهو المطلع على البواطن , ( لَوْ تَشْعُرُونَ ) , لو تعلمون لما دفعكم جهلكم الى هذا المقال .
وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ{114}
يستمر كلام نوح "ع" في الآية الكريمة ( وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ ) , ليس لي الحق في طرد من اتاني مؤمنا , مهما كان وضعه الاجتماعي بالغنا والفقر , ومهما كان عمله ( وضيعا او شريفا ) , وهو متعلق بجواب القوم له انهم لن يؤمنوا به حتى يطرد هؤلاء الفقراء .
إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ{115}
يستمر كلام نوح "ع" في الآية الكريمة , فيبين "ع" احدى وظائفه ( إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) ,
منذر , بيّن الانذار , وبذا لا يحق له ان يطرد احدا من المؤمنين , أيا كانوا .
قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ{116}
تروي الآية الكريمة رد القوم عليه "ع" محذرين مهددين ( قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ ) , عما تقول , وتترك دعوتك , ( لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ) , بالحجارة او بالشتم والكلام البذيء .
قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ{117}
تروي الآية الكريمة دعاء نوح "ع" متوجها نحو الباري عز وجل ( قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ) , كذبوا بما جئتهم به من عندك .
فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{118}
يستمر دعاءه "ع" في الآية الكريمة سائلا :
1- ( فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً ) : احكم بيني وبينهم .
2- ( وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) : ثم يسأل النجاة له ولمن اتبعه من المؤمنين من الهلاك المتوقع على قومه .
فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ{119}
تبين الآية الكريمة ( فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ) , ان الله تعالى استجاب دعائه "ع" وانجاه ومن آمن معه , بحملهم على ظهر السفينة , ( الْمَشْحُونِ ) , المملوء او الجاهز للانطلاق .
ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ{120}
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة ( ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ) , بعد نجاة نوح "ع" ومن معه , حلّ الطوفان بالقوم , فأغرقهم عن بكرة ابيهم .
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ{121}
تبين الآية الكريمة ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ) , ما تقدم ذكره من خبر نوح "ع" وقومه , فيه من البيان والحجة والعظة ما يكفي ذوي العقول الراجحة للتأمل والتدبر , ولما شاع من خبر الطوفان وتناقلته الالسن والاخبار , ( وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ) , مع كل ذلك لم يؤمن اكثرهم .
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{122}
تستكمل الآية الكريمة مبينة ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ ) , القادر على الانتقام , تعجيله او تأخيره , ( الرَّحِيمُ ) , بالمؤمنين , او بالإمهال كي يؤمنوا هم او احدا من ذريتهم .
كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ{123}
تؤكد الآية الكريمة ان قوم عاد كذبوا المرسلين , جمع ( الْمُرْسَلِينَ ) , تعود الاحتمالات فيه لنفس احتمالات تكذيب قوم نوح "ع" .
عاد اسم قبيلة , نسبوا الى ابيهم " عاد " .
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ{124}
تذكر الآية الكريمة ( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ ) , نسبة لهم , أي انه واحدا منهم , ( أَلَا تَتَّقُونَ ) , الا تخافون الله تعالى وتتركون عبادة ما سواه .
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ{125} فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ{126} وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ{127}
كررت الآيات الكريمة كما جاء في قصة نوح "ع" لوحدة الرسالة , واشتراك الرسل والانبياء "ع" في مهامهم التبليغية ووحدة الهدف .
أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ{128}
تروي الآية الكريمة خطاب هود "ع" لقومه ( أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ ) , المكان المرتفع , ( آيَةً ) , بناءا لا تحتاجون اليه , ( تَعْبَثُونَ ) , ننقل فيها رأيين : فيها
1- تعبثون بالبناء , أي تبنون ما لا حاجة لكم به .
2- تعبثون بمعنى تسخرون بكل من يمر بكم .
وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ{129}
يستمر خطاب هود "ع" في الآية الكريمة ( وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ ) , اماكن لرفع الماء , او قصور فارهة , ( لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ) , ترتجون الخلود فيها .
وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ{130}
يستمر خطاب هود "ع" في الآية الكريمة ( وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ) , واذا بطشتم بأحد من الخلق بطشتم بلا رأفة ولا رحمة ومن غير استحقاق .
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ{131}
يستمر خطاب هود "ع" في الآية الكريمة ( فَاتَّقُوا اللَّهَ ) , اتقوا الله تعالى في ذلك وانتهوا عنه , ( وَأَطِيعُونِ ) , فيما جئتكم به من الله تعالى .
وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ{132}
يستمر خطاب هود "ع" في الآية الكريمة ( وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ ) , تكرار لترتيب النعم عليه , أي ان الذي انعم عليكم بنعمته احق ان تخشوه وتخافون عقابه .
أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ{133}
تستكمل الآية الكريمة خطاب هود "ع" ( أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ ) , الابل والبقر وغيره , ( وَبَنِينَ ) , واعطاكم الكثرة العددية بالأولاد .
وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{134}
تستكمل الآية الكريمة خطاب هود "ع" ( وَجَنَّاتٍ ) , انواع البساتين , ( وَعُيُونٍ ) , الانهار .
إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ{135}
تستكمل الآية الكريمة خطاب هود "ع" معربا عن خوفه عليهم ( إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) , في الدنيا , او يوم الاخرة .
قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ{136}
تروي الآية الكريمة رد القوم عليه "ع" ( قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا ) , الامر بالنسبة لنا سيان , ( أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ ) , فإننا غير عابئين بما تعظنا به , ومستمرون على ما نحن عليه .
إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ{137}
يستمر جواب القوم على هود "ع" في الآية الكريمة ( إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ) , ان ما تخوفنا به وتحذرنا منه كان في الذين سبقونا , فقد كانوا يتناقلونه في الاخبار والحكايات .
وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ{138}
يستمر جواب القوم على هود "ع" في الآية الكريمة ( وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ) , على ما نحن عليه , لا في الدنيا ولا في الاخرة .
فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ{139}
تروي الآية الكريمة ( فَكَذَّبُوهُ ) , كذبوا هودا "ع" , ( فَأَهْلَكْنَاهُمْ ) , فنزل بهم الهلاك , ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ) , ما تقدم ذكره من خبر هود "ع" وقومه , فيه من البيان والحجة والعظة ما يكفي ذوي العقول الراجحة للتأمل والتدبر , ولما شاعت به الاخبار عنهم , ( وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ) , مع كل ذلك لم يؤمن اكثرهم .
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{140}
تستكمل الآية الكريمة مبينة ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ ) , القادر على الانتقام , تعجيله او تأخيره , ( الرَّحِيمُ ) , بالمؤمنين , او بالإمهال كي يؤمنوا هم او احدا من ذريتهم .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat