صفحة الكاتب : معمر حبار

سحر الرسائل
معمر حبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حين يعود المرء بعقارب الساعة إلى أربعة عقود خلت، يقف لامحالة على الرسائل التي كتبت بخط اليد، والتي مازالت الذاكرة تحتفظ ببريق حبرها، ولمعان خطوطها، حتّى لو كانت الأسطر سيّئة، صعبة القراءة.
في العاشرة من عمره، كان يكتب لجاره رسائل لابنه السجين. وكان يجد صعوبة كبيرة في نقل العامية التي لاتحسن الجارة غيرها إلى اللغة العربية الفصحى، لأنه كان حريصا على أن يكتب رسائله باللغة العربية.
وكان يقرأ للجارة الرسائل الوافدة من ابنها، فيشرحها ويعيد شرحها، لأنها كانت تطلب ذلك وتلح عليه.
وحين كانت للرسائل سحرها، طلب منه أحد العشاق يومها أن يخط له رسالة، وهو طفل صغير لايعي معنى دقات القلوب، فامتثل وكتب له ماأراد باللغة العربية الفصحى، إذ بالعاشق يترجاه أن تعاد كتابة الرسالة، لأن المعنية بالأسطر، تعرف مستوى عشيقها الضعيف، وتدرك بالتالي أنه ليس صاحب الرسالة، فكان مضطرا وهو الطفل البريء، أن ينزل بمستوى الرسالة إلى مستوى العاشق الضعيف.
كتب بعض الخطب لأحد الأئمة منذ 25 سنة، ودرّبه على السماع والإلقاء، وحين ألقى الإمام الخطبة من على المنبر، صعق كاتب الخطبة من هول ماسمع، بسبب ضعف الإمام الفضيع، وهو ينقل الكلمات.
وفي بداية مساره المهني، طلب منه مدراء الجامعة وبإلحاح منهم، كتابة رسائل  بالخط العريض والكبير، وكيفية التدرب على النطق والإلقاء، لتلقى أمام الوزراء الذين زاروا الجامعة، وكذا زيارة رئيس الجمهورية.
بقيت الإشارة إلى أن ضعف ملقي الرسالة من حيث الاستيعاب والإلقاء، يؤثر سلبا على الرسالة وصاحبها، ويفقدها الجمال الذي تحمله، والهدف السامي الذي ترمي إليه.
كانت أحسن الرسائل على الإطلاق، والتي مازالت راسخة في الأذهان، تلك الكلمة التي ألقاها شخصيا، بمناسبة تدشين جامعة حسيبة بن بوعلي بتاريخ 18 فيفري 1995، وقد حضرها عدّة وزراء، ووالي الولاية، وشخصيات من قطاعات متعددة. لكنه لم يحتفظ بنسخة منها، لأن المرافقين للوزير، أخذوا منه الرسالة بعنف، ودون أن يستأذنوه في ذلك، ولم يتركوا أيّة فرصة ليسأل عن السبب، وإن كانت طريقة الإلقاء، لها دور في الاستيلاء على الرسالة، وكذا محتواها المتضمن حياة الشهيدة حسيبة بن بوعلي.
إن للرسالة سحر، يعرف سحرها من أوتي بياض القلب في الصغر، وداوم على القراءة والسهر في الكبر، وأدرك أن الوسائل العصرية لاتعدو كونها وسيلة تقريب وتسهيل وسرعة.
  


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


معمر حبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/24



كتابة تعليق لموضوع : سحر الرسائل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net