صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

عجينة الورد الأحمر
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 فديتك ياوطن

كانت تلك التسمية التي أطلقها ميثم على صفحته في موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك ، وكان يعيد تكرار تلك العبارة في أوقات مختلفة مع أصحابه حين يجالسهم في المقهى، أو حين يكون في ضيافة واحد منهم، وقد تعودوها منه، وكانوا يخشون عليه أن يندفع كثيرا ليتحقق الفداء بطريقة مختلفة غير مألوفة فكأنه يسابق الزمن ليصل الى اللحظة التي يعانق الموت مرحبا به، وسواء وقع على الموت، أو وقع الموت عليه فليس من فرق كبير مادام العناق سيكون معه على كل حال، وفي مكان ما من الأرض يشهد  نزف دمه القان، وذبول عينيه وهو مخضب بالحمرة التي تصبغ جسده وثيابه فتحيل الأشياء الى كتلة من عجين الورد الأحمر، هي خلطة من لحمه وثيابه وروحه الموغلة في وجع سومري لاينتهي.

وفوق ذلك كله فميثم الجندي الشجاع قارئ ممتاز لايجيد الإبتعاد عن القراءة، وحين يكون الكاتب في مأمن بينما يضحي القارئ بروحه، لايكون مقبولا أن يعتكف الكاتب حزنا فيمتنع عن الكتابة، ولابد من الكتابة بطريقة ما ليتحرر الكاتب من عقدة الشعور بالذنب فتكون أولى كتاباته بعد مقتل القارئ عن القارئ ذاته ليمجد فيه روح البذل لأنه تحرر من كل العقد، وتجاهل رغبة البقاء في مساحة الحياة التافهة التي يملؤها المزيفون واللصوص والقتلة أمثال الذين حرموا ميثم من الحياة، ويكون الرحيل نجاحا مبهرا لايوازيه نجاح كل الذين إجتهدوا في ميادين عدة، لكنهم فشلوا في التنازل عن أرواحهم من أجل قضية حقيقية.

كان ميثم قارئا جيدا يعرف الكتاب ويعجبه ماأنسجه من مقالات تتحدث عن الوطن، وعن الرغبة في بنائه وعدم التنازل والضعف في مواجهة القتلة والمارقين واللصوص الذين لايلتفتون الى القضية، ولايهمهم وجع المحرومين وحزنهم وضياع فرصهم ماداموا عرفوا الطريق الى الفساد والسرقة والإحتيال والمتاجرة بالفقراء والمحرومين، وبيعهم الكلام، وتقديم الوعود لهم رغم إنهم يعرفون إنها لن تتحقق على الإطلاق، ولن تفعل فعلها لأن من أطلقها شخص، أو أشخاص لايعرفون عن الوطن سوى إنه مكان للكسب والتبضع، ثم التخلي عنه بسرعة بينما يصر الفقراء والمعدمون على التضحية لأن الوطن لديهم تعبير عن الذات، وحين يجرح فإن ذوات محبيه ستكون عرضة لجرح أعمق قد لايندمل.

ذهب ميثم مسرعا ليقاتل مجموعات مسلحة تريد للوطن أن يظل ساحة للفوضى والضياع فيكون بركانا يتفجر بالحمم على رؤوس الناس من تونس حتى بغداد، وكان عليه ان يقاتل بشراسة وأن يستعد لتقديم أغلى مايملك     ( روحه) وحين أصابه الرصاص، نطق بتلك العبارة(فديتك ياوطن) ولم يلتفت الى فقر وعوز عائلته لأنه يدرك إن التفكير بالجزئيات، وتجاهل الوطن قد لايبقي لعائلته فرصة للعيش حين يكون القتلة مطلقي اليد لايرهبهم أحد لكنه بموته أكد حضور من كان معه وألزمهم بإستمرار المواجهة حتى النصر على العنف والفوضى وقهر إرادة الشر.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/07



كتابة تعليق لموضوع : عجينة الورد الأحمر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net