صفحة الكاتب : القاضي منير حداد

السياسيون يكذبون والشعب لا يصدق
القاضي منير حداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تكرار الكلام الصادق، مدعاة للنفور، فكيف بالكلام الكاذب، المتهافت البناء.. شكلا ومعنى، على اسماع شعب حاد الذكاء، عنيفُ ردةِ الفعلِ ازاء من يستفزه؟

هذا هو واقع حال العلاقة الهجينة التي مدها الساسة العراقيون، الآن، مع الشعب العراقي، من دون ان يفيدوا من نظرية الكذب، التي اختطها السابقون عليهم.. عالميا ومحليا.

الجاهل يغتر بالظواهر؛ لأنه لا يمتلك وعيا يمكنه من استثمار العمق الغاطس للاحداث، وقراءة الممحي بين السطور، وملء الفراغات بمنطق ما يجب ان يكون.

وليس في سياسيينا الراهنين، من هو بحجم هذه النظرية! انهم مع الاسف، ادنى من ذلك، يتنافجون غرورا من دون ايجاد ما يقوم اود هذا الغرور.

التكبر على الناس والتعالي عما يجري لهم، مكروه.. مرفوض.. مستهجن، لا يصدر الا عن انسان فظ، لكن قد! يلتمس العذر في (النفخة) لمن قدم خدمة للمجتمع، اما ان تغتروا على شعب تعيشون من خيراته، بلا ايما خدمة تذكر، فهذا طغيان ديكتاتوري يفوق اية تسمية مخففة للتكبر الاجوف، بقوة الجاه والسلطة وامتصاص مقدرات الشعب، على طريقة الطاغية المقبور صدام حسين، الذي افرغ الشعب من نبض قواه، اقتصاديا وسياسيا ومعيشيا واخلاقيا وعسكريا؛ ما ادى الى تهافت الشعب وخلو العراق من اية قيمة فكرية او قيادية، ليقوى صدام شخصيا، ولما احتاج جيشا يدافع عنه، يوم 19 آذار لم يجد في العراق سوى الفراغ، فسقط بعد عشرين يوما بالتمام والكمال، في 9 نيسان 2003.

لذا قال اخوة يوسف لنبي الله يعقوب.. عليهما السلام: "وما انت بمؤمن لنا وان كنا صادقين" في واحدة من اجمل الآيات ادهاشا، تتناغم مع الآية الكريمة: "وقل موتوا بغيظكم".

انها معان قرآنية كبرى، على من يضع نفسه في قدر استثنائي، ان يفك الشفرات المرسلة من الله.. تعالى، على انبيائه ورسله، كي يستوفي القدر الاستثنائي الذي تصدى لاشغاله، وبغير هذا فأنه يورط نفسه بقميص يلاص في خلعه، جارا الويلات على الشعب والحكومة، التي يتسلل اليها.

ومن ابلغ مستويات الصراحة، فظاعة، قول الحجاج بن يوسف الثقفي، مهددا العراقيين، ومعترفا بظلم بني امية وجور حكمهم: "من تكلم قتلناه، ومن سكت مات بغله".

بهذا الجور وهذه الفظاعة، يوفر الطاغية غطاء منطقيا، يتناسب مع ظلمهم في الحكم، من دون كذب، مع ان الحجاج يرتكب يوميا جرائم ابشع من الكذب، بقتله مئات الابرياء، في المساجد، وهم راكعين لله امام المحراب الذي يشير الى القبلة.. بيت الله.

لكنه لا يكذب، استقواءً على المسلمين، وحفاظا على هيبة الخلافة، ولو رفع عرشها ثمانية من زبانية جهنم!

تلك هي لعبة الحكم بشكلها السلبي، أما منظومتها الايجابية، فلخصها الامام علي (ع) بحكمة بليغة الايجاز: "لولا التقوى لكنت ادهى العرب".

ما يعني، امكانية بناء علاقة صادقة بين السياسي والشعب، اتزانا في التقوى، من دون ان تنفرط خرزات الحكم من بين اصابعه، بل يضمن تعاطف الشعب مع حقيقة المجريات التي يطلع عليها؛ مدعوا للتآزر مع حكومته، في تأكيد الحسنات وتعزيز مواضع القوة الاقتصادية والعسكرية والعلمية، وردم الهوة وتقوية مناطق الضعف، في البطن الرخوة من جبهة بناء الدولة.. اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وعلمية.

اما تصحيح الخطأ بخطأ، فسلسلة لا تنتهي الا بمرزاب، تتسرب منه وفورات الدولة، متحولة الى عوز يوسع الثغرة ويكشف عورات الحكم فتتكور السلطة بلاء على السياسي الكاذب، الذي يجد نفسه مضطرا لمداراة الخلل بكذبة والتغطية على التلكؤ بعذر وهمي، ينتهي به الى المأسي التي جرها علينا السابقون.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


القاضي منير حداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/01/15



كتابة تعليق لموضوع : السياسيون يكذبون والشعب لا يصدق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net