قواعد السلوك السياسي المعاصر ما بعد الأمير (2)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة :-

ما مطروح في هذا القسم من المقالة(القسم الثاني),هو تلخيص لكتاب مخطوط للكاتب,طرح فيه بنود هي قواعد للسلوك السياسي,تقابل تلك التي وضعت في كتاب الأمير للإيطالي نيقولا ميكافيلي,مقابلة الضد لضده,فكل بند أو قاعدة كتبت في الأمير كتب أمامها قاعدة مضادة لها تؤسس لسلوك سياسي جديد كليا,بغية المساهمة في بناء دولة المواطنة في بلدنا العزيز العراق,لذا جاء هذا الكتاب كتجربة قد تلاقي القبول لدى البعض,والأمر متوقع أن تلاقي الرفض والنقد السلبي من البعض الأخر.فهذه مختصرات لما يوجد في الكتاب.

من هو الأمير:-

 في قواعد ما بعد الأمير,الأمير هو رأس الإدارة وليس السلطة,فالقواعد تُعرف الأمير على أنه رئيس الإدارة,وهو الشخص المنتخب أو المقترع عليه,والذي يدير البلاد بالتعاون مع فريق يختاره لهذا العمل,فلا سلطة لهذا الرئيس سوى ما يمنحه له الشعب لأجل خدمة الأخير,ورعاية مصالحه ومتى ما شاهد الشعب تلكؤا من هذا الرئيس يعزله بالطرق الحضارية ويسلبه شرعية الإدارة,فالجمهورية التي يديرها هذا الرئيس وفريقه هي جمهورية الشعب لا مملكته الخاصة,وعليه فلا يملك هذا الأمير أي شيء سوى الشرعية التي يحظى بها من قبل ناخبيه أو المقترعين عليه,والتي تخوله الإدارة لا القيادة,فالقيادة ليست بيده بل بيد الشعب,وهو مكلف فقط بإدارة هذه القيادة لا التسلط عليها أو حيازتها لمصلحته وفريقه.

قواعد ما بعد الأمير:-

1.    القوة في مقابل العنف:- القوة هي ما يمارسه الرئيس وليس العنف,فبسط سيادة القانون تحتاج إلى قوة وليس عنف,فالعنف هو ردة الفعل الطبيعية للمفلسين, أما القوة فهي الفعل الطبيعي لصاحب شرعية الإدارة,فالعنف يولد التسلط والقوة تولد بسط السيطرة,والفرق بين الاثنين شاسع.فالأولى تولد الكره والعنف المضاد,أما الثانية فتولد النظام والانضباط,فتطبيق القانون يحتاج إلى قوة وليس عنف القوة.فأي دولة في العالم تمتلك كل شيء ولكنها تفتقر لشيئين,الأول أن ليس للدولة كرامة بل لها هيبة,والثاني ليس لها يد لتولى وتكسر,فالهيبة وبسط السيطرة يأتي من خلال هذا الفهم للقوة.

2.    إظهار النية في مقابل المكر والخديعة:- فالخفاء هو أصل الوضع للمكر,وعلى الرئيس أن لا يكون إلا واضح النية ظاهر السريرة,فهو لا يحتاج أن يمكر بأحد أو يخدع أحد,بل عليه أن يظهر الأمور أمام الجميع بدون مواربة من أحد.

3.    الإيثار في مقابل الاستئثار:- فالرئيس يؤثر على نفسه لغرض خدمة الآخرين,فأساس الخدمة هو الإيثار لا الاستئثار,فينبغي على الرئيس أن يؤثر ويتنازل حتى عن حقه إذا أستوجب ذلك خدمة جمهورية الشعب,وهذه سمة ينبغي أن يتم التدرب عليها,فهي موجودة في أساس الذات,إلا أن الاستئثار يغطيها في الكثير من المواقف,وعلينا أن ندرس الإيثار في التاريخ لنتعلم منه الدروس والعبر.

4.    تطبيق القانون والحفاظ عليه في مقابل تجاوز القانون:- ليس القانون بحد ذاته عاصما عن عدم الوقوع في الخطأ,فالقانون يجرم السارق ولكن الناس تسرق,فالعصمة تأتي من خلال من يقوم على تنفيذ القانون والحفاظ عليه,فسن القانون شيء,وتطبيقه والحفاظ عليه شيء أخر,لذا من أولى واجبات الإدارة أن تنفذ القانون وتحافظ عليه.ولا يمكن تطبيقه إلا من خلال فهم روح القانون,الذي هو في أبسط معانيه تنظيم الحياة العامة والحفاظ على هذا النظام.

5.    الاهتمام بالداخل في مقابل التوسع :- فعلى الرئيس أن يهتم بالداخل وببنائه بدلا عن طموح التوسع,فالتوسع ليس له معنى وليس له مبرر, وحتى مع وجود هذه النية فينبغي أن تكون على شكل اتحاد أو تحالف يصب في مصالح الشعب وجمهوريته.

6.    الصدق والشفافية في مقابل الكذب والتلون:- الكذب هو قول خلاف الواقع,والتلون هو تعدد الوجوه الافتراضية للشخص الواحد,فالكذب بما هو كذب منشأه الخوف,فالرئيس ينبغي أن لا يخاف حتى لا يضطر إلى الكذب,فالأمير يخشى جماهيره وغضبتهم ويخاف منها فيكذب,لأنه لم يأتي من خلالهم,بل جاء في غفلة من الزمن.بينما الرئيس جاء من خلال الشعب فلا يحتاج إلى الكذب,والتلون هو فعل وقول غير ماهو عليه الإنسان,ويدخل ضمن المجال العقائدي بمعناه العام,فلا يحتاج الرئيس لإخفاء لونه وتوجهه فهو من الشعب وإليهم.

7.    الوفاء في مقابل الغدر:- الغدر سمة للجبناء والوفاء سمة الشجعان,فالرئيس لا يحتاج إلى الغدر كونه يدير ولا يهيمن,وكونه مراقب من قبل الشعب ومحاسب من قبله,فعليه أي يكون مثالا للوفاء بعهوده ومواثيقه أمام الآخرين,وأن ينفذ برنامجه بعيدا عن الإيقاع بالآخرين والدس عليهم.

8.    العدل في مقابل الظلم:- فالعدالة أساس موضوعي وقاعدة عملية, ينطلق منها الفرد والمجتمع للبناء, بل هي ضرورة تحتمها الطبيعة البشرية, وتفرضها الوقائع الإنسانية من ضرورة إيجاد عوامل موضوعية, لضبط تصرفات الإنسان بصورة تكون ملزمة له وضعا وشرعا,وإلا انفلتت الأمور وأصبحت الدنيا غابة,ترعى فيها الوحوش الآدمية بلا رادع,وهذه هي روح القوانين والتشريعات السماوية والأرضية,فمن غير قانون عادل,لا توجد حقوق أو التزامات بل فوضى عارمة.إن العدالة الاجتماعية التي نتكلم عنها تعني احترام حقوق الآخرين,أي حقوق المجتمع والتقيد بالصالح العام,لذا فهي احترام للحقوق الطبيعية والوضعية,التي يعترف بها المجتمع لجميع أفراده,مثل تنظيم العمل ومنح العمال أجورا متناسبة تسد حاجاتهم وتكفيهم,وتوفير الخدمات والتأمينات الاجتماعية, التي يحق للأفراد أن يحصلوا عليها,في سبيل حفظ بقائهم وتيسير تقدمهم وتحقيق سعادتهم, مع توفير فرص عمل بحسب الاستحقاق للجميع دون استثناء.وهذه من مهام الرئيس,أي أن يحرص على تحقيق العدل من خلال أعطاء كل ذي حق حقه.

وأخيرا وليس أخرا أرجو أن تكون هذه المقدمة كافية لمعرفة منهج المؤلف(بالفتح) الذي نفترض أن يرى النور  قريبا أن شاء الله.

أستاذ حوزوي وأكاديمي

e-alfurkann70@yahoo.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/12/16



كتابة تعليق لموضوع : قواعد السلوك السياسي المعاصر ما بعد الأمير (2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : عزيز الخزرجي ، في 2012/12/16 .

ألشيخ العزيز على البغدادي ألمحترم :
المذهب الشيعي يا شيخنا لا يؤمن بمذهب أو (نظام) آلديمقراطية, نعم هناك ديمقراطية مشروطة مشروعة, و هذا ما أكد عليه الأمام الراحل(قدس) و كذلك الأمام الفقيه الفيلسوف محمد باقر الصدر(قدس)!
فهل يجوزلك يا شيخنا أن تُطيع مثلا ألسّيد علاوي أو المطلك أو طارق الهاشمي لو تمّ إنتخابهم على سبيل الفرض!؟
يرجى التأكد من حيثيات النظرية السياسية الأسلامية و مبادئ الدولة الأسلامية المعاصرة .. قبل الأفتاء يا شيخنا, لتلافي الوقوع في الأخطاء و المطبات الشرعية الحساسة, و الحمد لله يوجد آليوم مفكرين و علماء كبار كُثُر قد بيّنوا و يُبيّنون مبادئ الحكم ا لأسلامي العصري بكل تفصيل في (الحوادث الواقعة) والتي هي المعيار و المقياس للأجتهاد في هذا العصر من أمثل آلمرجع الأعلى السيد الخامنئي و الآية العظمى الفقيه الفيلسوف محمود الهاشمي الشاهرودي و آية الله العظمى المرجع الكبير السيد كاظم الحائري و آية الله العظمى السيد الآملي, و مكارم الشيرازي و اية الله العظمى الشيخ الآصفي و الشيخ الكوراني و غيرهم بجانب كتاب الحكومة الأسلامية و نظريات الشهيد الفيلسوف محمد باقر الصدر(قدس) كأساسات, و شكراً لتفهّمكم.




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net