من أوروبا إلى فلسطين: كيف وصل اليهود وصُنعت إسرائيل؟
زيد الحسن
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زيد الحسن

في واحدة من أكثر قصص القرن العشرين جدلاً، تحوّلت جماعات مهاجرة مشتتة إلى كيان سياسي سيّد تحت اسم "إسرائيل"، فوق أرض لم تكن خالية يومًا من سكانها. من أوروبا إلى فلسطين، سارت قوافل الهجرة اليهودية خلال النصف الأول من القرن الماضي، بدعم دولي ورؤية صهيونية واضحة المعالم، فتمت زراعة دولة في غير أرضها، على حساب شعبٍ أصبح لاجئًا في وطنه.
جذور تاريخية أم رواية سياسية؟
تستند الرواية اليهودية إلى وجود ديني وتاريخي في أرض فلسطين، يعود إلى عهد الأنبياء ومملكتي "إسرائيل ويهوذا"، قبل أن تندثر هاتان الدولتان نتيجة الغزوات البابلية والرومانية.
بعد التهجير الروماني عام 70 ميلادية، واجه اليهود الشتات، وتفرّقوا بين أوروبا وشمال أفريقيا والشرق، بينما بقيت في فلسطين أقلية يهودية صغيرة تحت حكم الدولة الإسلامية ثم العثمانية.
الصهيونية: حلم أوربي بنكهة استعمارية ،،
عقب تزايد معاداة السامية في أوروبا، أطلق الصحفي النمساوي تيودور هرتزل نهاية القرن التاسع عشر حركة الصهيونية، الداعية إلى إقامة وطن قومي لليهود.
اختُيرت فلسطين موقعًا لهذا الحلم، فاندلعت خمس موجات "علياه" بين 1882 و1939، استُخدمت خلالها أدوات شرعية (شراء الأراضي) وأخرى سياسية (الضغط الدولي)، وصولًا إلى تأسيس مستوطنات زراعية محمية.
بريطانيا ووعد بلفور: المظلة الدولية،،
في 2 نوفمبر 1917، منح وعد بلفور المشروع الصهيوني غطاءً رسميًا بإعلان دعم إقامة "وطن قومي لليهود" في فلسطين، رغم أن أكثر من 90% من سكانها كانوا عربًا آنذاك.
طوال الانتداب البريطاني (1917–1948)، سهلت لندن الهجرة اليهودية، ودعمت تأسيس وتسليح "الهاجاناه" و"الإرجون"، ما أدّى إلى تصاعد مواجهات مسلّحة مع الفلسطينيين.
النكبة: دولة على أنقاض وطن ،،
مع انسحاب بريطانيا في مايو 1948، أُعلِن قيام دولة إسرائيل. وبدعم غربي مباشر، انتصرت القوات الصهيونية في الحرب الأولى مع الجيوش العربية، وصادرت 78% من أرض فلسطين التاريخية.
نتج عن ذلك "النكبة الفلسطينية": تهجير أكثر من 700 ألف فلسطيني، وتدمير نحو 500 قرية عربية، في واحدة من أكبر عمليات التهجير القسري في العصر الحديث.
الهجرات المتواصلة: استكمال المشروع ،،
بعد النكبة لم تتوقف هجرة اليهود. ففي خمسينيات وستينيات القرن الماضي، خرج يهود العراق واليمن والمغرب ومصر وإثيوبيا عبر عمليات عسكرية وسياسية سرية (مثل "بساط الريح" و"عملية موسى") إلى إسرائيل.
اليوم، تكمل إسرائيل ربط هويتها بـ"شتات اليهود" وتمدّ جسورًا ديموغرافية تحافظ بها على أكثرية واضحة.
لكن يبدو أن للجمهورية الاسلامية رأيًا آخر، فالمعادلة تتغير والمشهد لا يسير كما خُطط له. المؤشرات الحالية تكشف أن إسرائيل، التي بُنيت من موجات الهجرة، تشهد اليوم موجات مغادرة جماعية، خوفًا من حرب قادمة قد تعيد عقارب الزمن إلى الوراء. فالتاريخ، حين لا يُطوى بالعدل، يفتح صفحاته من جديد، وهذه المرة... على وقع الصواريخ الايرانية .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat