السيد محمد باقر السيستاني يكتب عن “الحكمة في وجود الإمام المهدي مع غيبته عن الأنظار”


ينبغي أن نعلم على الإجمال أن بقاءه (عليه السلام) إنّما كان لسنة إلهية حسبما يظهر من مجموع النصوص في أن لا تخلو الأرض من خليفة له فيها منذ خلق آدم (عليه السلام) إلى بلوغ يوم القيامة، فوجود حجة له على الأرض هي سنة إلهية في أن يكون على الأرض من يكون مسدداً من السماء، فلا تنقطع العناية الإلهية الخاصة بالنوع الإنساني بعد أن أسكنه في هذه الأرض، ولا يعرض سبحانه عن الإنسان تماماً، بل يكون فيهم من هو مرعيّ منه سبحانه ومحل لعنايته ومستوجب لرعايته.

وفي هذا الأمر معان لطيفة متعددة، فهو إكرام للإنسان وإشعار له بعناية الله سبحانه به وعدم إعراضه عنه رغم كفران أكثر الناس لنعمه ومقابلتها بالإهمال والتضييع، كما أنّه تشويق لهم على تتبع الحجة وإعلام لهم بأنّهم متى تهيؤوا لاستقبال الحجة كشف عنه سبحانه الغطاء، فحجته لم يزل ماكثاً فيهم ولكن جعل بينه وبينهم غطاء بسبب صنيعهم بحججه، فإذا تبصروا كشف الله عنهم هذا الغطاء، فيكون في وجوده وإبقائه مستمسك رجاء لهم ومحل أمل في نفوسهم، ونحو تحفيزٍ لهم على أن يصلحوا أنفسهم حتى يقوم إليهم.

ولو أنّ الله سبحانه رفع الحجج المصطفين من بين أظهر الناس وأعلن للإنسان أنّه قد أعرض عنه ولم يعد موضع عنايته لعمّ اليأس وانقطع الرجاء وتوقع نزول الشر والعذاب، وكان ذلك أمراً مخيفاً ومؤلماً حقاً.

فكان إبقاء الحجة حفظاً للارتباط بين السماء والأرض ودلالة على بقاء عناية الله تعالى بالإنسان متى آب إلى رشده وانتهى عن غيّه، وتقوية لقلوب المؤمنين وإبقاء للأمل والرجاء وسبباً للانتظار وباعثاً على تحري الرشد والهدى.

ولا ضير في أن يكون أثر ذلك وجدواه في قلة من المؤمنين، فقد غلب الضلال الخلق من قبل حتى قال سبحانه: [وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ] ولكن الله سبحانه كره أن يعمّ الشر والجهل، ورغب في أن يكون هناك – بجنب الباطل المنتشر والضلال الغالب – ساقية عذبة تروي الظمآن وتغسل الأدران وتطهر النفوس وتحيي القلوب.

وبعد ففي وجود عبد مصطفى من عند الله سبحانه بركات معنوية لأهل الأرض، فإنّ العباد المصطفين هم محل بركة الله سبحانه ومساقط غيثه ومنازل رحمته وبشائر عنايته وفق سننه سبحانه في خلقه.

ولو أن الله سبحانه رفع الإمام المهدي (عليه السلام) عن أهل الأرض بأن توفاه في حينه فإنّ ذلك يعني إعراضه سبحانه عن خلقه وإيكاله إياهم إلى أنفسهم، وانقطاع بركاته عنهم.

وما ذكر تلمّس لوجه الحكمة في صنع الله سبحانه وفق الاعتبارات التي تظهر من النصوص الشريفة أو تلائمها.

بقلم السيد محمد باقر السيستاني


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/31



كتابة تعليق لموضوع : السيد محمد باقر السيستاني يكتب عن “الحكمة في وجود الإمام المهدي مع غيبته عن الأنظار”
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net