صفحة الكاتب : حسين فرحان

العتبات المقدسة ومشاريع تسابق الزمن
حسين فرحان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مع انشغال العالم بكبح جماح وباء كورونا، ومع ارتفاع نسبة الأصابات في أرجاء المعمورة ومع تصاعد نسبة الوفيات جراء هذه الأصابات، وأمام ذهول ومخاوف المؤسسات الصحية في جميع البلدان، واستنفار كل طاقاتها لإيجاد لقاح أو تطوير أساليب المواجهة المتاحة لذلك، تمارس المؤسسة الصحية العراقية دورها على أكمل وجه في أداء واجبها الأنساني لحماية الشعب من خطر هذا الفيروس القاتل، فتجلت بصدق تلك الروح المقاتلة لدى كوادرها وبهيئة تستحق أن يقف لها أبناء هذا الوطن إجلالا وإكبارا . 
الجانب الصحي في العراق يعد واحدا من الجوانب الخدمية الكثيرة التي لم تحظ باهتمام الجهات الحكومية طيلة عقد ونصف العقد من الزمن، وهي نتيجة طبيعية لصراعات ونزاعات الطبقة السياسية التي أثبتت فشلها في إدارة البلد بشكل مهني لا يخضع للمحاصصة المقيتة، لتضيع بذلك فرص التقدم والازدهار التي كان المواطن ينشدها بعد أن عانى ولعقود طويلة من حكم الأنظمة الطاغية المستبدة . 
المؤسسة الصحية تواجه اليوم تحديات كورونا في ظل وضع سياسي غير مستقر نتيجة مماطلات الطبقة السياسية وتسويفها وعجزها عن التخلي عن مصالحها أمام مطالب جماهيرية غاضبة تدعو للتغيير والاصلاح .. 
المؤسسة الصحية اليوم تواجه تحديات كورونا مع منشآت صحية قديمة لا تحتوي على أبسط مقومات العمل الصحي من أماكن للأنعاش والطواريء والأجهزة الطبية الحديثة، بالأضافة الى عدم كفاية هذه المنشآت وملائمتها للواقع السكاني الذي اختلف كثيرا عما كان عليه قبل عقد ونصف من الزمن، وقد شاهدنا كيف عجزت المؤسسات الصحية في بعض دول العالم المتقدمة عن الحد من خطورة الوباء رغم امتلاكها لكل مقومات المواجهة، فالوباء ينتشر بشكل متسارع ولم يكن بحسابات هذه البلدان الاستعداد لجائحة مثل هذه .
 
المؤسسة الصحية العراقية ورغم كل هذه الظروف المحيطة بها برهنت من خلال كوادرها المجاهدة أنها قادرة على مواجهة الأزمة فسطرت أروع الملاحم الأنسانية في ذلك، وقد سمعنا وشاهدنا تلك المواقف وهي تتجلى في مشهد عراقي جميل لم يترك دون أن تمد له يد العون المادي والمعنوي من أبناء هذا الوطن ..  
المرجعية العليا تصفهم بأروع الوصف وأجمله وتصف عملهم بأنه : " عمل عظيم وجهد لا يُقدّر بثمن، ولعلّه يُقارب في الأهميّة مرابطة المقاتلين الأبطال في الثغور دفاعاً عن البلد وأهله "" .
وتفتي بالتكافل الذي نال المؤسسة الصحية منه الأعانة في مواجهة التحدي، فالتكافل الذي صدحت به الفتوى لم يقف عند حد معين في منح العوائل المتضررة ما يسد حاجتها من مستلزمات بل تعداه الى دعم كبير لمؤسسات الدولة التي هي مؤسسات الشعب في المقام الأول، فكان للمواكب الحسينية دورها  وكان لرجال الحشد دورهم في ذلك أيضا  بالتزامن مع واجباتهم في حماية الحدود والمقدسات ..  
العتبات المقدسة وكعادتها وقفت مواقف مشرفة امتثالا لتوجيهات المرجعية العليا فانطلقت بكوادرها نحو دعم العوائل المتضررة والقيام بعمليات التعقيم والتعفير وتركيز جهدها الاعلامي حول التوعية الصحية وبكل ماتمتلك من إمكانات لذلك، كما بادرت الى دعم الواقع الصحي ورفده بتخصيص مدن الزائرين كأماكن لحجر المصابين، ورفد السوق المحلية بالمطهرات والمعقمات والكمامات ولم تتوقف عند هذا الحد من العطاء حتى شهدت كربلاء إنشاء الردهات العلاجية المخصصة للمصابين بفيروس كورونا، حيث أنشأت العتبة العباسية المقدسة بناية ( ردهة الحياة الثانية ) المكونة من ستين غرفة مجهزة بأحدث المعدات في الوقت الذي أنشأت العتبة الحسينية المقدسة مشروع مركز الشفاء للعناية والطواريء، لتنجز هذه المشاريع في مدة قياسية تعد الأولى من نوعها في العراق هي خمسة عشر يوما لتسلم بعدها الى دائرة صحة كربلاء كدعم للمؤسسة الصحية العراقية، فلم يسبق لجهة حكومية أن سابقت الزمن لأنشاء مشروع معين كما فعلت العتبات المقدسة .
المهم في هذا الأمر هو تلك الرسالة الواضحة التي ينبغي للجميع أن يمعن النظر فيها وهي أن  العراق يمتلك من القدرات والكفاءات ما يجعله قادرا على الابداع ومواجهة التحديات لكن بشرط الاخلاص والنزاهة والشعور الحقيقي بالانتماء لهذه الأرض الطيبة . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين فرحان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/13



كتابة تعليق لموضوع : العتبات المقدسة ومشاريع تسابق الزمن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net