صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

أضواء على إمامة علي الهادي ( ع ) / المنشور الاول
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

غلاة في عصره : إبتلى امامنا الهادي عليه السلام كأبائه الكرام بجماعات من المنحرفين المحسوبين على خط الامامة للأسف الشديد والذين شكّلوا ثقلاً اضافياً على أعباء الامامة وفوق مسؤولية مواجهة جيوش الانحراف خارج الاطار المذهبي او خارج الاطار الاسلامي عموما .. ومن هذه الجماعات المنحرفة هم الغلاة الذين بالغوا عقائدياً في الامام وتجاوزوا الحدود الالهية في ذلك ، وممن ذكرهم التأريخ - نقتبس من بعض الدراسات _ :

1ـ علي بن مسعود القمي، المعروف بعلي بن حسكة ويعرف بالحوار، وتلميذه القاسم بن يقطين الشعراني القمي: كانت لعلي بن حسكة القمي حركة واسعة في قم ، استطاع من خلالها استغفال العديد من البسطاء والسذج وذوي النفوس المريضة، والعقول السقيمة ، منهم: القاسم اليقطيني ، وابن بابا القمي ، ومحمد بن موسى الشريقي .

ومن عقائده ادعاؤه ربوبية الإمام الهادي (عليه السلام)، وتحريض الناس على ترك الفرائض والسنن؛ بحجة المعرفة وعدم الحاجة إلى العبادة، وقد صدرت من الإمام الهادي (عليه السلام) ثلاث توقيعات بذم علي بن حسكة وجماعته، وفي أحدها يأمر الإمام بقتله وقتل كل من يروج لأفكاره الضالة، وكان من كلام الإمام (عليه السلام) بحقهم: (فاهجروهم لعنهم الله، والجؤوهم إلى ضيق الطريق، فإن وجدتَ من أحدٍ منهم خَلوة فاشدخ رأسه بالصخر)

2. محمد بن نصير الفهري النميري البصري بن محمد بن بابا القمي: وقد زعم كل منهما أنه نبي وأن الإمام الهادي (عليه السلام) هو الذي أرسله، وكانت من عقائدهم الفاسدة القول بالتناسخ، والدعوة للإباحية والمثلية الجنسية، وقد صدر من الإمام الهادي (عليه السلام) توقيع بلعنهما، وأفتى الإمام فيه بوجوب قتلهما وإراحة الناس منهما . ويبدو أن الكوادر استطاعت أن تظفر بالحسن بن محمد بن بابا القمي وتنجح في تصفيته، أما النميري الفهري ففقد أفلت من الاغتيال وبقي إلى زمان الإمام المهدي (عليه السلام)، وله فرقة منقرضة تعرف بالنصيرية، ولعل من فروعها الطائفة العلوية المنتشرة اليوم في بلاد الشام لاسيما سوريا ولبنان، غير أن المصادر السنية تنسب الفرقة النصيرية لنصير مولى أمير المؤمنين (عليه السلام)الذي يقولون إنه ادعى الألوهية في أمير المؤمنين (عليه السلام) .

3ـ فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني : وتعد حركته من أخطر الحركات العقائدية المنحرفة التي انتشرت في مدينة بغداد وما حولها من القرى والقصبات، ووصلت تأثيراتها إلى مناطق مهمة في إيران، ولا سيما مدينة قزوين، وقد استقر فارس أخيرًا في سامراء مما دفع الإمام الهادي (عليه السلام) إلى إصدار أكثر من عشرة توقيعات في ذمه ولعنه، والبراءة من عقائده، وتحذير الشيعة من الانخداع بتسويقه الدعائي للغلو ولبس الباطل لبوس الحق ، والسبب في خطورة حركة فارس القزويني يكمن في أمور عدة منها:

أ- إن فارس كان مستقيمًا أول أمره، وله مصنفات في الرد على الواقفة والإسماعيلية، وفي تفضيل الأئمة(عليهم السلام)، فالارتكاز الجماهيري عن شخصيته كان إيجابيًا قبل انحرافه حتى إن محمد بن عيسى اليقطيني روى عنه أحاديث في الفقه .

ب- انتماؤه إلى أسرة علمية معروفة، إذ يظهر من بعض الأدلة التاريخية كونه ابن اخت المحدث الجليل والوكيل الثقة (صفوان بن يحيى بياع السابري)، فقد أورد الطوسي في أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام) سعيد ابن أخت صفوان بن يحيى، ثم عقب عليه بأنه (أخو فارس الغالي) ، فإذا كان أخاه لأمه، فقد ثبت كون فارس ابن أخت صفوان بن يحيى، ومما لا شك فيه أن صفوان بن يحيى كان علمًا من أعلام الطائفة الشيعية المحقة، وهو من كبار الفقهاء والمحدثين، ومن الوكلاء المخضرمين، ولا شك أيضًا أن فارسًا قد استغل صلة القرابة هذه للولوج إلى مجالس الفقه والرواية، والسعي لاستجلاب الأتباع والنفوذ، ومن ثم إظهار المعتقدات الباطلة.

ومن إخوته أيضًا (طاهر بن حاتم) ، كان من رواة الحديث، وحدثت عنه الشيعة قديمًا، ثم أظهر هو الاخر القول بالغلو فتركوه، يقول الشيخ الطوسي في ترجمته: (كان مستقيمًا، ثم تغير وأظهر القول بالغلو، وله روايات. أخبرنا برواياته في حال الاستقامة جماعة) ، وكان من إخوانه (أحمد بن حاتم بن ماهويه)، وهو الذي أرسل كتابًا للإمام الهادي(عليه السلام)، يسأله عمن يأخذ معالم دينه؟ وكتب أخوه أيضًا بذلك ، فكتب إليهما : (فهمت ما ذكرتما، فاعتمدا في دينكما على مسن في حبنا، وكل كثير القدم في أمرنا، فإنهم كافوكما إن شاء الله تعالى).

ج- أنه كان يتصرف وكأنه وكيل عن الإمام الهادي (عليه السلام)، وقد تصدى له علي بن جعفر الهماني، الوكيل الشرعي للإمام الهادي(عليه السلام)، فجرت بينهما مشاحنات كبيرة انتهت بكشفه أمام الشيعة.

د- إنه كان يحظى بدعم ورعاية من قبل جعفر المعروف بالكذاب، وهو ابن الإمام الهادي (عليه السلام)، ويبدو أن تأثير حركته قد تجاوز المدن العراقية ليصل إلى مدن إيران كمدينة قم وهمذان اللتين وجد فيهما بعض الأتباع والنفوذ ، وقد استمرت هذه العلاقة حتى بعد هلاك فارس، فقد أورد الخصيبي أن أتباع فارس قالوا بإمامة جعفر بن علي، المعروف بالكذاب، وأنكروا إمامة الحسن العسكري (عليه السلام) ، ولا نستبعد أيضًا أن يكون لفارس علاقات مع السلطة العباسية، ولاسيما في عهد المتوكل.

هـ – إن فارس بن حاتم كان صلبًا في رأيه، عنيدًا في موقفه، ليس له حياء يردعه، ولا ورع يحجزه، وكان لتشدده هذا أثر في إيذاء الإمام الهادي (عليه السلام)، وفي خداع الكثير من الناس ممن ينساقون جهلًا خلف الشخصيات التي تمتاز بالكاريزما والثبات على الموقف.

استعمل الإمام الهادي (عليه السلام) أسلوبًا متدحرجًا في التعاطي مع حركة فارس القزويني، فقد أمر أولًا وكلاءه وشيعته بترك الجدال معه، ومقاطعته، فلما لم ينفع معه، انتقل الإمام (عليه السلام) إلى لعنه والبراءة منه، وأخيرًا أصدر الإمام الهادي (عليه السلام) أمرًا بتصفيته وإراحة الشيعة من ضلالاته، وقد كلف الإمام (عليه السلام) بمهمة قتله أحد المخلصين الأبطال من شباب الشيعة في سامراء، يعرف باسم (جُنيد أو الجُنيد)، فأخذ جُنيد ساطورًا وكمن لعدو الله بعد الصلاة المغرب وقتله، وكان ذلك بعد سنة 250 هـ، وروى الكشي ما يفيد أن الإمام العسكري (عليه السلام) ضمن لجُنيد الجنة .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/02/23



كتابة تعليق لموضوع : أضواء على إمامة علي الهادي ( ع ) / المنشور الاول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net