صفحة الكاتب : علاء تكليف العوادي

 ليالي القدر وبناء الذات، الابوان منطلقاً
علاء تكليف العوادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من نعم الله علينا كمسلمين ان جعل لنا اوقات من خلالها نعيد النفس لحقيقة البناء الذي بناه الله عز وجل لها، ففي هذه اليالي والايام المخصوصة، التي منها ما نحن بدأ من الليلة سنكون فيها ضيوف عند الله عز وجل. 
وهي القدر التي تعدُ إحدى ليالي شهر رمضان وأعظمها قدراً. 
و هذه الليلة التي انزل فيها الله عز وجل قرآناً، فقال: فيه الحق تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} سورة القدر الآية ٣، وهي التي يفرف فيها كل أمر حكيم كما قال عزوجل في أية اخرى {...يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} سورة الدخان الآية ٤، وقد ورد الحث من النبي صلى الله عليه وآله و أئمة اهل البيت عليهم السلام على احيائها، لما لها من شأن، حيث تعد من مواطن استجابة الدعاء. 

فقد روى العلامة المجلسي، في البحار الأنوار، ج 40، ص 45، في فضلها، عن سلمان الفارسي (رضوان الله عليه) ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «...وشهر رمضان سيد الشهور ، وليلة القدر سيدة الليالي». 

وروى الكليني في الكافي، ج 4، ص 65 - 66، حديث 1، عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «فغرة الشهور شهر الله عزّوجل وهو شهر رمضان ، وقلب شهر رمضان ليلة القدر...». 

روى أيضاً الكليني في الكافي، ج 4، ص 160، حديث 11، عنه (عليه السلام) قال: «ليلة القدر هي أول السنة وهي آخرها».

وقد اختلف في تعين هذه اليالي الثلاث، وهي ليلة التاسعة عشر، وليلة الحادية والعشرون ، و ليلة الثلاثة و العشرون وذلك لما وردت من روايات تضمنت ذكر الثلاثة:

فقد روى الكليني في الكافي ج 4، ص 156 حديث 9، عن حسان بن مهران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن ليلة القدر؟ فقال: «التمسها في ليلة إحدى وعشرين أو ليلة ثلاث وعشرين».

وروى الشيخ الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه، ج 2، ص 103، حديث 460، عن سفيان بن السمط قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الليالي التي يرجى فيها من شهر رمضان؟ فقال: «تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين» ، قلت: فإن أخذت إنساناً الفترة أو علة، ما المعتمد عليه من ذلك؟ فقال: «ثلاث وعشرين».

فلما ورد من اختلاف في تحديد الليلة نجد إن المسلمين يسعون لإحياء تلك الليالي الثلاث حيث يعكفون فيها على تلاوة القرآن وقراءة الأدعية، فنلاحظ ونحن نعيش تلك الأجواء الروحانية التي تزيد من تعلق العبد بربه، انطلاق من العبادة للعروج بالروح لقدس الله تعالى، فالتعلق بقدس الله في هذه اليالي الكريمة نوع استيقاظ لبناء الذات بناءً صالحاً يكون منطلقاً لبناء مجتمع صالح، فما نجده من خلوص لله بالمسكنة والتذلل والخضوع، هو ما يشعرنا بالفقر له عز اسمه، هذا الذي ينبغي للانسان المسلم ان يفعله، فعليه ان يبحث عن تلك الأوقات الروحانية ليستعيد بها نظام وأسس حياته من جميع النواحي الدينية والأخلاقية، فالإنسان بطبعه سريع الغفلة، ولابد من  يوقض من تلك الغفلات التي تعتريه بين الفينة والأخر، فلذا نجد في الإسلام خصوصاً مذهب اهل البيت عليهم السلام الكثير من المناسبات الكريمات التي يمكن أن تكون واعزاً لحركة الذات نحوا مقتظيات اصلاح النفس، من خلال ما تتخلله تلك المواطن من رسائل حقيقية مشتملة على وسائل التغير، ومن خلال تلك الأدعية التي تحمل بطياتها الإشارات الدينية والمعرفة والأخلاقية، والتي يمكن أن تُستثمر بصورة جيدة لعودة من غفل ونزل في مهاوي الدنيا ومستنقعاتها، من خلال إعادة الروح في تلك النفوس التي جرفتها التيارات الباطل. 
فلابد من إيجاد برامج كافية ووافية لتنفيذ خطط الإصلاح للذات الإنسانية وهذا التغير يلزمُ أن يبدأ أولاً من البيت وليكون الأبوان  هما البوابة لذلك التغير من خلال المواضبة على حضور تلك المحافل الروحانية والبناءة حضوراً يجسدا به وجودهما الحقيقي الفعال الذي يكتسبا منه النفع لامجرد حضور لزيادة السواد العام فما لم يكن الابوان قد حصدا ثمار تلك المجالس فهما لم يستطيعا تغير شيء من واقع الأسرة وبناءها البناء المثالي الذي يجسد حقيقة الرفعة في بناء الذات الصالحة فلنكون نحن القدوة أولاً.
وخلاصة لما تقدم لابد من البحث عن طريقة للاستثمار ليالي القدر حتى تكون منطلق لتغير المنهج الحياتي للاسرة من خلال استثمارها استثمار فعال وجيد إذ اننا نملك الفرصة للتغير الفعلي  نحو الأحسن ومن تلك السبل التي يمكن الاستفادة منها هو الإلحاح بالدعاد لله تعالى والتوسل به ولنسأله التوفيق، ولنطلب منه أن يجعل أيّامنا في هذا الشهر الفضيل وما تبقّى من أيّامه التي هي على وشك ان تتصرم وتنتهي وهذه الأيام أيام تغيير وإصلاح لأنفسنا كما يقول عز وجل : { ... إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ...} سورة الرعد الآية ١١، وأن يجعلها أيّام غفران ، وأيّام أملٍ وتطلع لنيل الدرجات العلى ، وأيّام نسيان الذات والإحسان الى الآخرين ، وأيّام إحداث تحوّل حقيقي في نفوسنا .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء تكليف العوادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/27



كتابة تعليق لموضوع :  ليالي القدر وبناء الذات، الابوان منطلقاً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net