بناء المنظومة الاخلاقية في المرجعية الدينية
د . راجي العوادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 جبلان شامخان في تاريخ المرجعية الدينية , السيد ابو القاسم الخوئي افضل استاذ في الاصول والفقه والمحقق الكبير في رجال رواة الحديث , والشهيد محمد باقر الصدر فيلسوف ومؤلف كتاب الاسس المنطقية للاستقراء , سابين العلاقة الودية بينهما التي تجاوزت حدود الاستاذ بطالبه , فساهمت في بناء منظومة اخلاقية يعتد بها وسيذكرها التاريخ وكم نحن بحاجة الى تجسيدها اليوم كما كانت بالامس ؟!

-          ما قراته ان الشهيد محمد باقر الصدر كتب عن علاقة باستاذه السيد الخوئي قائلا : هذا الاستاذ الذي ابصرت نور العلم في حوزتة وذقت طعم المعرفة على يدة , ساظل اتعامل معه , كما يتعامل الابن مع ابيه والتلميذ مع استاذة والطالب مع مرجعه , وقد صرحت بذلك مرارا للناس وللطلبة وللمسؤلين ولا ارضى عن اي شخص الا ان يعترف بذلك ويتعامل معي ومعة دام ظلة على هذا الاساس ...فلا يجوز مس مقام المرجعيه العليا ولا يجوز اي عمل يقصد به تفتيت شمل مجتمع للمؤمنين على مرجعيتهم العليا وتمزيق كلمتهم واني ابتهل الى المولى سبحانة وتعالى ان يمتعنا بدوام وجود السيد الاستاذ والاستضلال بظلة الوارف والقيام بواجب البنوة له .

نقل لي سماحة السيد حبيب الخطيب – الشخصية الاجتماعية المميزة والمتميزة المعروفة قال: في منتصف السبعينات عندما لمع اسم الشيد الصدر وذاع صيته واعلن مرجعته , وقد كنت من المقربين له والذين يحظون بمكانه عنده , اردت مرة الاتصال به في بيته عبر الهاتف للاستفسار هل غدا عيد الفطر؟! وبعد ان اؤمن الاتصال لي بصعوبة عبر دائرة البريد جاءني الرد بان السيد في المسجد , لكن استفسروا مني عن طلبي لكي يوصولة لسماحته , قلت لهم : هل غدا عند السيد عيد؟! مرت الايام وتم لقاءتي بالشيد الصدر في النجف الاشرف , فعاتبني بقوله كيف تستفسر عن رؤية الهلال مني والسيد الخوئي هو المرجع الاعلى, مع ان السيد الخطيب وكيله ووكيل السيد الخوئي معا , هكذا كان احترام راي المرجع الاعلى حتى في تحديد رؤية الهلال, ومن مَنْ مثل الشهيد الصدر الذي هو افضل من كنز في الاقتصاد وارسطوا في الفلسفة ؟!!! بالمقابل انظروا كيف كان يتعامل السيد الخوئي مع السيد الصدر فقد

نقل عن سماحة السيد عبد الكريم القزويني قائلا : في إحدى المرات قال لي السيد الخوئي , اني أرغب في زيارت السيد محمد باقر الصدر في بيته هذه الليلة , وأُحب أن نكون لوحدنا , فاخبرت الشهيد الصدر بذلك ، بعد صلاة العشاء اتجهنا انا والسيد الخوئي نحو بيت الشيد الصدر, خرج  لاستقبالنا ، وقبّل يد السيد الخوئي ، وجلسا فترة طويلة يتباحثان في القضايا العلمية ؛ فكان الشهيد يسأل والسيد الخوئي يُجيب ، وأحياناً بالعكس , وعندما خرجنا قال لي السيد الخوئي : أن الله أعطى من الموهبة للسيد محمد باقر الصدرما لم يعطه لأحد .

ويقول السيد الخوئي عن الشهيد الصدر , انه مظلوم لأنه ولد في الشرق وإلا لو كان مولودا في الغرب لعلمتم ماذا يقول الغربيون عنه ؟! فهو مفخرة من مفاخر الإنسانية والبشرية ، وليس مفخرة من مفاخر عالم التشيع ، وليس مفخرة من مفاخر عالم الإسلام .

لم يتوقف اطراء السيد الخوئي بمكانة الشهيد الصدر , بل اشاد بما كتبه في المعرفة العلمية بقوله : لا أتذكر أني فتحت كتابا من أي مكان كان وطالعت فيه ولم أفهمه ، حيث بمجرد أن اطالع , أفهم كل ما في محتوى هذا الكتاب من بدايته الى نهايته ، إلا كتاب الأسس المنطقية للسيد الصدر ، فعندما طالعت وسطه ، لم أفهم ما الذي يريد أن يقوله ، ولم ألتفت إلى ذلك ، إلا بقراءة الكتاب بأكمله .

اليوم المرجعية الدينية العليا بوجود السيد السيستاني (دام ظله) هي كمرجعية السيد الخوئي (قدس) بالكمال والتمام , مع الفارق ان مرجعية السيد الخوئي لم تستهدف كما تستهدف اليوم مرجعية السيد السيستاني , فهناك من يريد ان يوجه السهام لها ليشقها افقيا وعموديا , مرة باستهداف وكلاء المرجع الاعلى ونجله واخرى بالادعاء ببطلان التقليد .

الموضوع السابق روزبة في السينما العراقية

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat