صفحة الكاتب : طيب العراقي

البصرة؛ حي على خير العمل..!
طيب العراقي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 قصة "خراب البصرة" ليست جديدة، وهو أرث يعود بدرجة كبيرة الى النظام الصدامي، ومنذ العام 1989، كانت عمليات التنمية والإعمار في البصرة محدودة للغاية، والهدف كان سياسيًا لاعتبارات طائفية معروفة، وتعمق هذا الخراب وأزداد إتساعا بعد عام 2003،. 
البصرة التي كانت "فيحاء" قبلة للسائحين، باتت مكبًا هائلًا للنفايات، تعلو سمائها سحب من السخام الأسود، فيما درجات الحرارة تتجاوز 60 مئوية، مع تصحر يبتلع المدينة ويحاصرها إلى جرف شط العرب، الذي بات بحيرة شديدة السُمية، فضلًا عن الإصابات السرطانية؛ المتفاقمة منذ حرب الخليج الثانية عام 1991، والتي كانت البصرة مسرحًا مؤلمًا لها.
البصرة؛ التي تدر نحو 80% من الموارد المالية العراقية، سواءً من إنتاج وتصدير النفط بنحو 3.23 مليون برميل يوميًا، من أصل 4.6 مليون برميل ينتجها العراق يوميًا، أو من موارد الموانئ التجارية، والمنفذين الحدوديين مع الكويت وإيران، تعاني من إهمال ممنهج وسوء إدارة، مع تمثيل سياسي ضعيف؛ على مستوى صنع القرار السيادي. 
البصرة تكاد تكون منسية في خطط التنمية، وتنشيط الاقتصاد، والقضاء على الفقر والبطالة، الأمر الذي أدى الى تفشي الاقتتال العشائري، إلى جانب الانهيار البيئي والخدمي والصحي، وانتشار السرطانات وشيوع تعاطي المخدرات.
استراتيجيّة "التناسي والإلهاء" هي عنصر أساسي في التحكّم بالمجتمعات، وهي تتمثل في تحويل انتباه الرّأي العام، عن المشاكل الهامّة والتغييرات؛ التي تقرّرها النّخب السياسية والاقتصاديّة، ويتمّ ذلك عبر وابل متواصل، من الإلهاءات والمعلومات التافهة.
هذه هي الأستراتيجية؛ تعاطت معها الطبقة السياسية التي تقود النظام القائم، طيلة الأعوام الستة عشر الماضية، والتي تلت زوال نظام صدام، ومن العجب العجاب؛ أن تتحد الجهات السياسية جميعها على إستراتيجية واحدة، برغم إختلافاتها البينية العميقة!
سبب ذلك أن البصرة كانت وما تزال؛ إناء كبير يحوي طعاما وفيرا، يسعى الجميع ليأكل منه، دون أن يهتموا بالإناء نفسه، أو على الأقل أن يبادروا لغسل أو تنظيف؛ الجزء الذي أكلوا منه وفيه!
الأمريكان من جهتم؛ أستغلوا تردي الوضع الخدمي في البصرة، لكي يمرروا مشروعهم في زعزعة الأمن العراق إبتداءا من هناك، وفعلا كانوا قد جهزوا صواعق فتيل إحراق البصرة، لعملائهم أواسط العام الماضي.
إعادة إعمار البصرة، والتي جرى تكليف الحاج هادي العامري بقيادته، يعني إختيار القيادة السياسية الناضجة والشجاعة والأمينة في تنفيذ المشاريع، وهي محاولة جادة لإنقاذ مدينة منكوبة، سيطرت عليها شخصيات وأحزاب فاسدة ومافيات مجرمة، ولعل غياب مثل هذه القيادة؛ كان سببا في هدر الأموال وسرقتها، لذلك فإن إعادة الإعمار، الذي يسيل لعاب الفاسدين مع الإعلان عن هذه الحملة، يجب أن يتم بروحية قيادية جهادية؛ مخطط لها بشكل دقيق عبرا مسارات محددة.
1- تحديد إيرادات المحافظة وأوجه صرفها، فهنالك الموانئ التي يذهب قسم كبير من جباية الكمرك فيها لمافيات مسيطرة عليها، إلى جانب تفعيل مشروع البترودولار من تصدير النفط الخام من محافظة البصرة، للقيام بأعمال تنموية وخدمية تنهض بواقع المدينة المتخلف.
2- تجاوز الروتين الحكومي في تنفيذ المشاريع، لكون الروتين كان سبباً مباشراً في تعطيل وتأخير المشاريع، كما يجب معالجة التداخل في الصلاحيات ما بين محافظة البصرة ووزارات الحكومة الإتحادية.
3- إيقاف التدمير الحاصل للبنى الاقتصادية في المدينة كتدمير مصنع الحديد والصلب، والذي كان يعد المشروع الأول من نوعه في المنطقة العربية آنذاك، بحجج واهية، ومصالح تخص هذه القوى الحزبية أو تلك أو من أجل ضمان إستمرار صادرات الدول الخليجية.
4- إعادة النشاط الزراعي لمحافظة البصرة، وتذليل العقبات التي تواجه الزراعة فيها.
5- إنشاء مدينة صناعية كبرى في البصرة بالإستعانة بالدول الصناعية الأمر الذي سيساهم إيجابياً في رفع مكانة العراق الاقتصادية وتشغيل آلاف العاطلين من أبناء البصرة.
6- تشغيل اليد العاملة المحلية في الشركات النفطية، بدلا من العمالة الأجنبية التي تزاحم الشباب البصري، وما يتسبب ذلك من تحد للأمن الوطني والاقتصادي والاجتماعي في مدينة البصرة، وهذا سيضع حدا للمشاكل الأسرية والعشائرية في البصرة.
7- تنفيذ مشاريع البنى التحتية والخدمية، كمشروع ميناء الفاو الكبير، والكهرباء ومشاريع تحلية مياه البحر، والصرف الصحي، والطرق الرابطة بين البصرة والمحافظات والموانيء، وشبكة السكك الحديدية، وعدد من المستشفيات والفنادق وغيرها من المشاريع الحياتية والسياحية.
8ـ قبل كل ذلك القيام بعملية أمنية واسعة، لضرب العصابات وبؤر المافيات، المهيمنة على مفاصل البصرة الأقتصادية، وتوفير بيئة آمنة للأستثمار ولحملة إعادة الإعمار.
المثل الصيني يقول " إذا أعطيتك بيضة وأعطيتني بيضة، يكون لدى كل واحد منا بيضة، أما إذا أعطيتك فكرة وأعطيتني فكرة، فيكون لدى كل واحد منا فكرتين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


طيب العراقي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/03/09



كتابة تعليق لموضوع : البصرة؛ حي على خير العمل..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net