صفحة الكاتب : عباس الكتبي

الحكومات العراقية والتغيّرات الفيزياسية
عباس الكتبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ذهبت مرة ضمن وفد إعلامي إلى النجف الأشرف، في عهد الحكومة السابقة، فألتقينا هناك بأحد مراجع الدين، ودار الحديث حول الوضع السياسي في العراق بشكل عام، ومن طريف ماقاله سماحة المرجع الديني عن التغيّر الحاصل في الحكومة: هو عبارة عن نقل وزير المالية إلى وزارة النقل!

العراق بحاجة إلى سياسيين يفهموا طبيعة المجتمع العراقي والتغيّرات الحاصلة فيه، كالتحولات والتبدلات في الأفكار وخاصة في فئة الشباب، بسبب التقدم العلمي والتطور التكنولوجي، وعليهم_ السياسيين_ أيضاً النظر بدقة في التقلبات السياسية والاقتصادية التي تحدث في البلد والمنطقة كي يتعاملوا معها بالصورة المناسبة والشكل الممتاز.

كل جيل لاحق يختلف عن سابقه بفكره وآرأئه وبأدبه وذوقه العام وخاصة إذا تباعد بينهما الزمن، فالجيل الحاضر يحتاج إلى خطاب من قيادته السياسية تفهم طبيعته النفسية والعقلية لينسجم ويتماشى معها، من هنا ينبغي على كل الأحزاب السياسية والزعماء والقادة، التغيير والتبديل في أستراتيجيتهم السياسية والإجتماعية والإقتصادية والفكرية ليواكبوا التطورات الحضارية للمجتمعات الإنسانية، بل لابد أن يكون التغيّر حتى في المسميات والعناوين العامة.

على سبيل المثال لا القصد، فعنوان "حزب الدعوة الإسلامية"، ماذا تعني الدعوة إلى الإسلام في مجتمع أساساً هو مسلم يؤمن بالله وأنبيائه ورسله وكتبه، ويأخذ تعاليمه الدينية وأحكامه الشرعية من مراجع الدين؟! طيّب ما أنت حزب وطابعك الرسمي سياسي وأن حملت الصفة الإسلامية، تريد قيادة أو قدت دولة، فالمجتمع محتاج منك أن تخدمه وتوفر له الخدمات وهناءة العيش في ظل حياة كريمة يعمها الأمن والسلام، لا يريد منك أن تعلمه الصلاة والصوم والزكاة، فالأحرى بك أن تغيرّ عنوانك إلى "حزب الدعوة إلى الخدمات أو الدعوة إلى مجتمع حضاري"، لذا قلنا على كافة الأحزاب السياسية أن تقوم بتغيير الخطاب والمنهجية والعناوين بل حتى الشخوص تغييراً جذرياً ليتماشى مع الواقع الإجتماعي والسياسي المعاصر كي ينجحوا في قيادة الدولة.

درسنا سابقاً في مادة العلوم، التغيّرات الفيزيائية والكيميائية، وعرفنا أن التغيّر الفيزيائي هو يحصل في شكل المادة ومظهرها مع الحفاظ على خواصها الإصلية وبأمكانها أن تعود لحالتها السابقة كذوبان الثلج، أما التغيّر الكيميائي فهو يفقد المادة خواصها الإصلية ولا يمكن لها الرجوع إلى حالتها السابقة، فتتغير إلى مادة جديدة كأحتراق الخشب ليصبح فحماً.

يُمسي وزيراً للنفط ويُصبح وزيراً للكهرباء، هذا التغيرّ في الشكل والمظهر لا ينفع أبدا، وحتى لو جاءت وجوه جديدة فمع بقاء خواصها الحزبية الأصلية الفاسدة يمكن للفساد أن يعود إلى حالته السابقة، يجب أن يكون هناك أحتراق داخلي في تركيبة الأحزاب، وهذه مسؤولية المجتمع أولا، والأحزاب السياسية ثانياً فعليهم مراجعة أنفسهم، العراق بحاجة إلى تغيّرات كيمياسية وليس فيزياسية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس الكتبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/01/02



كتابة تعليق لموضوع : الحكومات العراقية والتغيّرات الفيزياسية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net