صفحة الكاتب : د . علاء سالم

استقراء آلهة
د . علاء سالم

      المشهد الأول
الممثلون :   
زيوس Zeus  : كبير الآلهة في الحضارة  اليونانية.
هيرمز Hermes : رسول الآلهة اليونانيين.
الطفلة أرتميس Artemis : ابنة زيوس , إلهة الصيد والبرية  في الحضارة اليونانية.
المسرح يمثلُ قمة جبل الأولمب .. زيوس يجلس على عرشه الكبير الفخم, يمسك بيده اليمنى صولجان حكمه ويبدو منهمكاً بمطالعة بعض الأوراق, أمام عرشه توجد طاولة مستديرة كبيره يحيط بها أحد عشر مقعداً متشابه بالشكل والفخامة , سلة من الفاكهة موضوعة في وسط الطاولة مع أبريق فضي كبير وأحد عشر كأساً فضياً تتوزع على الطاولة بشكل منتظم أمام المقاعد, تحيط بخشبة المسرح أعمدة رخامية كبيرة معلق على كل واحد منها مشعل نار ضخم وتتضح من خلال المسافة التي تفصل الأعمدة عن بعضها ظلمة الليل الذي يحيط بجبل الأولمب وهو يطرز رداءه الأسود ببعض النجوم اللامعة...
يدخل الإله الشاب هيرمز إلى المسرح ويتجه نحو زيوس مسرعاً, زيوس ينتبه لقدوم هيرمز , يبقى جالساً على عرشه لكنه يتجه بكليته نحو هيرمز وكأنه ينتظر منه خبرٌ يتلهف لسماعه...
هيرمز : سيدي زيوس..
زيوس : أهلاً برسولنا هيرمز , سمعنا وبصرنا , عيوننا المثبتة على الأفق الذي يطل على كل شي, تعال لقد كنت بانتظارك...
هيرمز ( يبتسم ) : كن مطمئناً سيدي ,وهل عهدتني إلا سحابة تحمل بين طياتها بشارة المطر ؟!
زيوس : لا احد يعرف ماذا يختبئ خلف ابتسامات السحاب من أخبار..! مطر يستخرج حياة خضراء من بين فكي الموت الذي يتغلغل في روح الأرض أم برق يحرق الأخضر واليابس؟!
هيرمز ( يضحك ) : مطر..لا شيء سوى المطر..( بلهجة مقصودة ) ثم إني لا أتصور, بعد أن حملت أكتاف هذا العرش إلهاً قوياً مثلك, بأن رحماً آخراً غير صولجانك هذا الذي تزينه يمينك سيتجرأ وينجب برقاً باستطاعته أن يغيّر من مجرى الأمور...
زيوس : إذن فدع مقدماتك المعسولة واسكب ما تحمله من ماء أخبارك, التي تدعي أنها سارة, على سمعي المتلهف كأنه العطش...
هيرمز : باختصار لم يعد برومثيوس يشكل أي تهديد لعرشك..! لم أعد إلى هنا إلا من مشهد قيود أبدية صنعها مرجل هيفيستوس إله الحديد والنار وهي تقيد برومثيوس إلى قمة جبل من جبال القوقاز التي تخضع للحصة الأكبر من جلدات أشعة الشمس المحرقة..!
زيوس ( بعد ضحكة مختصرة ) : حسناً هذا ما كنت أنتظر سماعه بالضبط, إذن فلينفعه البشر الذي تجرأ أن يقف أمام إرادتي من أجلهم..!
هيرمز : معذرة سيدي أأستطيع , بعد انتهائنا من برومثيوس, أن أزف البشارة للطفل الذي يختبئ بين طيات روحي وأقول له بأن سلطان سيدي زيوس على عرش الأولمب وعلى من سيشغل هذه المناصب الإحدى عشر بات راسخاً ولم يعد هناك أية عائق في التربة التي غُرس عليها يعيق امتداد جذوره بالسرعة والعمق الذي نتأمل؟!
زيوس ( يتأمل قليلا ثم يتكلم بتأني ) : أنت تعرف أن برومثيوس, بالرغم من جرأته و اقتناعه برأيه فقط, كان من الركائز الأساسية التي وقف عليها عرشي...!
هيرمز ( يستفهم ): ؟!
زيوس ( يصمت لثوان ثم يضيف ) : إذا اقتطعت جزءاً من أحدى الدعائم التي يقف عليها العرش فإنه سيفقد توازنه حتى تقتطع من دعائمه الباقية الأجزاء المشابهة للجزء الذي اقتطعته من الدعامة الأولى...!
هيرمز ( بتردد ): أو ....
زيوس (يستفهم ): ؟!
هيرمز ( بحذر ): أو استعيد القطعة إلى مكانها بعد تهذيبها قليلاً...
زيوس ( يبتسم ): حكمتك تجعلني أفكر في أن يكون لك نصيباً من هذه المقاعد التي أمامك...!
هيرمز : وهل للأرض أن ترفض أنفاس الصباح...
( يبتسم زيوس )
هيرمز : بقي شيء آخر, قد لا يعجبك سماعه..
زيوس : إذن البرق سيرافق مطرك الذي ادعيت أن سحابتك لا تحمل شيئا سواه...!
هيرمز : لا أراه يرقى لمنزلة البرق, مجرد هذيان مغلول لا يملك سوى سيف الهذيان...!
زيوس: على كل حال تكلم, أسمعك...
هيرمز : برومثيوس قال إن لديه علماً بأمر تخبئه لك الأيام سيهدم مملكتك وإنه سينتظر ذلك اليوم الذي سيستخدم فيه معرفته لطريقة خلاصك الوحيدة كورقة ضغط عليك, آسف لقولي هذا ولكني أحببت أن أحيطك علما بنباحه الأخير برغم يقيني من أن كلماته تلك ليست سوى صراخ كبش يقتاده الكاهن للمذبح ولكن هيهات أن تصدأ سكين الجزار بصرخات الكبش المقيد..!
( ثوان من الصمت )
زيوس : لو كنت الجالس مكاني لعلمت كيف أن الإشاعة مهما كانت بسيطة وتتحدث عن مستقبل يكاد يلامس الأبدية ومهما كنت مقترباً من اليقين الذي يفضح كذبها تستطيع أن تقض مضجعك و تتحكم بتفكيرك وقراراتك و طريقة إقدامك على الأمور مادامت تحمل نبوءة ولو كاذبة بنزولك من على عرشك في يوم من الأيام...!
هيرمز : عفوك سيدي ولكن ألا تعتقد أن معرفته بهذه الأمور التي ذكرتها لي إضافة إلى معرفته بأننا نعرف مدى علمه بمفاتيح علوم المستقبل جعله يدرك أن كلماته التي من هذا القبيل ستنطلق في صفونا تعكره وكأنها خيول أطلقت من أعنتها لتعكر صفو بحيرة مائها من الزلال ولكن قعرها لم يكتس بالصخور بعد ؟! لا أظنه يريد الآن شيئا سوى سلب أرواح ضحكات انتصارنا وأحالتها إلى تماثيل تضحك باستمرار دون أن يكون لها قلب ينبض بغبطة وسعادة السبب الذي دفعها للضحك...!
( تدخل الآلهة الطفلة أرتميس, تتقدم نحو عرش أبيها )
زيوس ( مهتم بإكمال حديثه مع هيرمز بينما يشير بيده التي تحمل الصولجان لأرتميس يطلب منها الاقتراب منه ) : نعم وهذا ما أظنه أنا أيضا على كل حال لنفرح بانتصارنا كما يجب, وندع نبوءة برومثيوس هذه للأيام لأننا كلما أعطيناها قدرا من التفكير أكثر مما تستحق ستلتف علينا خيوط الخوف والقلق تماما كما تحكم خيوط العنكبوت قبضتها على جسد الذبابة أكثر كلما أمعنت بالحركة والمقاومة وتمادت في الأقدام على محاولات الهرب...
أرتميس ( وهي تسحب أصبع أبيها زيوس ) : أبي...أبي...
زيوس ( يكمل حديثه ): المهم سنتكلم في نبوءة برومثيوس لاحقا... اقترب إلى هنا لدي ما أريك إياه في هذه الأوراق...
هيرمز ( يقترب للنظر بالأوراق باهتمام): وما هذه؟!
أرتميس ( بإلحاح ): أبي أنظر إليّ, لدي ما أريد أن أخبرك به...
زيوس ( مكملاً حديثه مع هيرمز ): هذه أسماء الآلهة الذين سأختار منهم من سيجلس على هذه المقاعد ابتداء من هذه الليلة, أرفعهم كي أأمن سطوتهم وأقربهم كي أستعين بهم و...
أرتميس ( تصرخ مقاطعة أبيها وهي تضرب كفه بكل قوة قبضتها الصغيرة ): زيوس ألم تسمع .. قلت أن لدي ما أريد أخبارك به ...
يبتسم زيوس بينما يغرق هيرمز بالدهشة من جرأة الطفلة أرتميس))
زيوس ( يمسح على رأس أرتميس ): أسمعكِ يبنتي, نحن مشغولون قليلا, لهذه الأيام فقط...
أرتميس : أريد أن أكلمك ( تنظر نحو هيرمز ) ونحن وحدنا...
زيوس ( يبتسم ): إنه أخوكِ هيرمز , من الآلهة الذين أثق بهم..
أرتميس: أعرف من يكون , ولكن الأمر الذي أريد أن أبلغك إياه يخصني فقط ,سيعرفه هيرمزك هذا فيما بعد ولكني أريد أن نكون لوحدنا الآن....
زيوس : حسنا..(  لهيرمز ) يمكنك الانصراف الآن سأرسل بطلبك لاحقاً..
هيرمز : حسناً سيدي سأنصرف, ولكن بخصوص الأسماء...
أرتميس ( بحنق ): قال لك سأرسل بطلبك لاحقا...
يبتسم زيوس))
هيرمز ( ضاحكا ): حسناً..حسناً..كما تشاء أرتميس...( يستأذن للانصراف, يشير زيوس برأسه موافقا على طلب هيرمز بالانصراف..)
                          ( يخرج هيرمز )
يرفع زيوس أرتميس ليجلسها على ركبتيه))
زيوس( وهو يضحك): من أين لك كل هذا الجرأة , لا زلت أكثر طراوة من غصن الغار هذا الذي تضعينه على رأسك الجميل...
أرتميس : ولدت كشجرة لا كبرعم أم نسيت أني قمت بما تقوم به البالغات وساعدت أمي على أنجاب أخي التوأم أبولو و لي من العمر يوم واحد فقط..؟!
زيوس : لك كبرياء الآلهة الشيوخ ولسانهم السليط..أفكرُ أن أجعل لكل منكما أنتِ و أخيكِ أبولو مقعداً على هذه الطاولة المستديرة بين كبار الآلهة الذين سأستعين بهم وأجعل لهم رأيا في القرارات التي ستهبط من جبل الأولمب, كل ما يعيقني هو أن لكم من العمر الآن ثلاث سنوات فقط..!
(تنزل أرتميس من على ركبتي أبيها)
أرتميس (بغضب): تفكر؟! أتظن أن حفنة من شيوخ الآلهة الخرفين يملكون رأياً أكثر تعقلا وحكمة من رأيينا أنا و أخي أبولو ؟! نعم, كانت لهم فيما مضى آراء و طرق بإدارة الأمور ماضية كأنها السيوف ولكن كثرة الحوادث استهلكت آرائهم كما تستهلك كثرة المقارعة حد السيف أو كمحارب يستطيع أن يتنبأ خصمه بكل حركة قبل أن يناوره بها لكثرة ما تقابل بريق عيونهم وسط غبار المعارك..! لا أظن إنك ستسمع منهم رأيا جديدا..!
زيوس (يضحك): إذا كان كلامك هذا استعراضاً لسلاطة لسانك ونفاذ رأيك لإقناعي بأحقيتك بأحد هذه المقاعد فكوني مطمئنة لأنني مقتنع مسبقاً, عمرك فقط هو ما يعيقني وهذا ما سأحاول أن أجد طريقة لتقليل أهميته بنظر بقية الآلهة ولكني أكثر معرفة بأولئك الذين تسفهين أرائهم, خَبِرتُهم بأكثر من موضع ورأيت كيف أن باستطاعتهم إيجاد ألف طريقة لاستخراج الأمل من رحم المستحيل..!
أرتميس : لك الحق باستخدام طريقة تفكيرك الخاصة بإدارة شؤون ملكك الخاص, أما أنا فجئت لكي أبلغك بما سأقدم عليه...
زيوس : أممممم أبلغك أم أستشيرك ؟!
أرتميس : لي أيضا طريقتي الخاصة بإدارة شؤوني ولكني جئت لكي أعرف منك سبب السبب الذي أجبرني على التفكير بما سأقدم عليه...( ينزل زيوس من على عرشه )
زيوس : أرتميس يبنتي دعينا من الأحاجي الآن وأخبريني بهذا الأمر الذي تذكرين أقدامكِ على فعله..
أرتميس : ليس قبل أن تجيبني على تساؤلاتي بالتفصيل...
( يقترب زيوس من أرتميس, يجلس تحت أقدامها, يمسك بيديها الصغيرتين )
زيوس : سلي تجابي..أُعرضي عليّ كل الآنية الفارغة في معرفتك والتي يؤرقك خلوها وسأملؤها لك بما تشتهي نفسك من معرفة وأخبار...
أرتميس : زوجتك..
(ينهض,بألم ) : هيرا ؟! (ينهض , يتجه إلى عرشه )
أرتميس : نعم, زوجتك هيرا.. تعاملني و كأني ضرتها.. تراقب تحركاتي وكأني ثعبان أجبرت على الاحتفاظ به تحت ثيابها.. أريد أن أعرف سبب كل هذا الكره والحذر..
زيوس ( وهو يضع رأسه على مسند عرشه ): غيرة أنثى..
أرتميس : غيرة؟! مني أنا؟!
يجلس زيوس على عرشه ويشير لأرتميس بأن تقترب))
زيوس : لا يبنتي ليس منك,كل ما ترينه هو الحقد الأعمى الذي ليس هو إلا ابن غيرة هيرا القديمة من أمك ليتو ..!
أرتميس (تستفهم ): ؟!
زيوس : غيرة الأنثى غراب يتغذى على عقلها ويجعل منه أداة لصنع حماقات تزداد بازدياد شهية ذلك الغراب...! وغراب الغيرة حط على رأس هيرا وبدأ ينهش عقلها بعد أن عرفت بأمر حبي لأمكِ ليتو ولكن معرفتها أتت متأخرة جداً لأن ليتو كانت قد حملت بكما أنت و أخيك أبولو وانتهى الأمر...! فبدأ حقد تصرفات هيرا يزداد بما يناسب المقدار الذي يأكله غراب الغيرة من عقلها حتى انتهى بها الأمر إلى إطلاق لعنة قاسية على المسكينة ليتو...!
أرتميس ( باستغراب ): أية لعنة تقصد ؟!
زيوس : حكمت عليها بأنها لا تستطيع وضع حملها في أي مكان قد تصله أنامل الشمس...!
أرتميس : ولكنك كبير الآلهة وتستطيع أن تحيل السلاسل التي صنعتها هيرا بلعنتها إلى محض رماد تذروه بوجهها لتذرف عيناها بسببه دموع العجز...!
زيوس : لا يبنتي, ليس الأمر كما تتصورين, ستعيشين كإلهة وتعرفين أنه ليس بمقدور إله ,مهما كان له من القوة والبأس, رفع لعنة أطلقها إله آخر..! كل ما نستطيعه هو أن نصبَّ مشيئتنا بالقالب الذي صنعه الإله الآخر بلعنته...!
أرتميس : هه يال بؤسنا إذن..(باستهزاء) وكيف شكّلت مشيئتك بالقالب الذي صنعته لعنة هيرا ؟!
زيوس : اضطررت أن أبحث عن مكان لا تطاله الشمس فوجدت جزيرة ديلوس المغمورة تحت الماء فبدا لي المكان كحارس مكين يستطيع أن يحمي ليتو تحت درعه المائي من أشعة الشمس  التي تحمل بين غبار نورها لعنات هيرا وبالفعل أرسلت ليتو لتلد فيه...
أرتميس : إذن نزوة طائشة لنفسك التي لا تسيطر عليها إلا كما يسيطر سائسٌ حَدَثُ ضحل الخبرة على قطيع من الخيول الوحشية وحماقات هيرا هي السبب وراء كل ما لاقيناه أنا وأمي وأخي أبولو هناك في تلك الجزيرة النائية..!
زيوس (بغضب): أرتميس...
أرتميس (باستهزاء) : هه غضبت ؟! الغضب لجام الشهوة ولا أعرف أين تنسى لجامك عندما تثور بين قطيعك مهرة ما...! (تصمت لثوان ثم تكمل) ثم إن أمي مذنبة أيضا حالها حال جميع الإناث تفرح عندما تودع سنيها التسع الأولى وكأنها تخرج من منفى أزلي ثم لا تبذل أي جهد لإخماد النار الحمراء التي يرتفع لهيبها شيئا فشيئا إلى أن يصل القلب ولم تستطع إخفاء هذا اللهيب عن عينيك فأتيت ليرتفع بمجيئك اللهب حتى لعقت ألسنة الشبق عقلها المسكين وهي الخاسرة الوحيدة..! نعم, أراهن أنك كنت على عرشك هذا أو ربما مع أنثى أخرى عندما كانت أمي تجمع فتات ما بقي لديها من كبرياء وقوة هناك في جزيرة ديلوس كي توصلنا أنا وأخي التوأم إلى شاطئ الحياة سالمين...!
(يشيح زيوس بنظره إلى الأرض, يقترب من الطاولة, يتناول تفاحة خضراء ويقدمها إلى أرتميس,تأخذ أرتميس التفاحة تتطلع إليها قليلا, تعيدها إلى السلة ثم تجلس على أحد المقاعد المحيطة بالطاولة , ثوان من الصمت )
أرتميس ( وهي تحمل الكأس الذي أمامها وتتطلع به ) : قررت أن أترك جبل الأولمب...! أن أعيش في المكان الذي يجب أن أنتمي إليه..!
زيوس : أ بهذه السرعة يبنتي؟!
أرتميس (تتوجه إلى أبيها): أبي تعرف أني يجب أن لا أكون آلهة لغير الصيد والبرية, هما ما أعشق وهما ما أريد أن يكون تحت سلطاني...
زيوس : أعرف..أعرف, لا أحد يعارض إلوهيتك للصيد والبرية و أعلم أن السلطان كلما اقترب من مملكته ومكث بها أكثر كلما صغر حجمها بالنسبة إليه حتى تصل للحجم الذي يستطيع أن يحكم قبضته عليه ولكن....
أرتميس: ولكن ماذا ؟!
زيوس : لازال برعمك طرياً على استطاعتي تركه لمفرده وسط كل هذه الرياح التي تطوف صولجاني الجديد على الحكم...!
أرتميس : لا أجيبك بأكثر مما أجبتك به سابقاً...! ولا أظن أنك تجهل أن هيرا هي سبب خروجي المبكر هذا خاصة وأني قد ألمحت بهذا عندما سألتك قبل قليل على سبب كراهيتها لي...! ( يحاول زيوس التكلم لكنها تقاطعه مكملة حديثها) ثم إني أعرف أن لك من الأعداء من يتربص بك كما يتربص الماء بسد حجري يعترض طريقه..! ولأني لا أريد أن أكون حجر هزيل في صدر السد تنبجس رماح الماء من خلاله, أريد منك أن تلبي لي بعض الأمنيات التي أكون معها منيعة للدرجة التي أدفع بها عنك طعنات أعدائك التي قد تأتيك من جانبي...!
زيوس : ولكني لازلت أطمع باستعطاف ابنتي والتأثير عليها للتريث قليلا...
أرتميس : إذن سأتسلق الجبل الذي أريد دون الحاجة لسلم مساعدتك لي...!
(تنهض)
زيوس : اجلسي..اجلسي يا ابنتي, مثلك من تستحق أن تقول أن زيوس أبي..لكِ مني كل ما تطلبين..تكلمي, أسمعكِ
أرتميس : يجب أن يكون الإله كمال صفات مخلوقاته وبما أني إلهة الصيد فأريد أن تكون لي قدرة عليه لم يملكها صياد قبلي ولن يملكها صياد بعدي...! نعم أريد أن أكون كمال الصيد وأن تعينني على ذلك بقوس فضي ونبال فضية من صنع إله الحديد والنار هيفيستوس...!
زيوس : نِعمَ الطالب وبئس المطلوب...!
أرتميس : عين المقاتل يده الأولى وشريان يديه الأخرتين وبما إن مشاعلك النارية هذه ستكون بعيدة عن غاباتي وعن طريقي السماوي المحتبي بردائه المظلم بينها وبين جبل الأولمب الذي يجب أن آتي إليه بين فترة وأخرى لإبداء الرأي الذي يستحقه مني مقعدي الذي أستحق على هذه الطاولة المستديرة إذن فأنا بحاجة لعربة من الذهب تجرها الأيائل يحل ضوئها في طريقي ليلا محل عيون الشمس في النهار...
زيوس : أممممم, حسناً يبنتي وستكون من صنع هيفيستوس أيضاً...أبقي شيء آخر ؟؟
أرتميس : نعم, الوحدة تلك الأرَضَة التي تستطيع أن توقع أكثر أشجار البلوط شموخاً أريد أن أبددها ببعض الصحبة, أريد أن تجعل لي ستين حورية من مياه النهر وعشرين أخريات من مياه المحيط يبددن وحشتي ويساعدنني في بعض الأمور لكن بشرط...
زيوس(يستفهم): ؟!
أرتميس : أريدهن بس التاسعة فقط..! لا أقبل من تكبر التاسعة ولو بيوم واحد...!
زيوس : امممم التاسعة, السن الذي تقرأ به الأنثى آخر صفحات براءتها وتتطلع في أول يوم بعده بالكتاب الذي يزخر بروائح النضج التي تمتزج مع دخان لهيب الشبق...!
أرتميس : بالضبط أريدهن عذراوات ما بقين معي...! لا أريد لأحد أن يفتخر بلكز رمحه في طرف ردائي...!
(يضحك زيوس)
أرتميس(تستفهم): ؟!
زيوس : أظنك تجهلين يبنتي بأن التفاحة شهية بفم البعض حتى قبل أن تنضج...(يضحك من جديد)
أرتميس : إذن سأسحق حينها تلك التفاحة التي ستقطف قبل نضجها بعد أن أسلب أنفاس ذاك المتطفل الذي يتجرأ على الاقتراب من حاشية أرتميس..( يبتسم زيوس )
زيوس : على كل حال اعتبري كل ما تمنيتِ واقعاً ستجدينه حولك عما قريب إضافة إلى هدية بسيطة مني هي أني سأمنحك قدرة على القتال لا تفوقها إلا تلك التي يملكها إله الحرب آرس و...
أرتميس (تقاطعه): مقبولة هي هداياك لكني لم أكمل ما أريد...!
زيوس(يستفهم): ؟!
أرتميس:  بما إني أريد أن أملك القوة التي لا تليق بالإناث لذا أظن أني سأكون هرَماً ولكنه يقف على قمته لا على قاعدته على العكس من كل الأهرامات الأنثوية الأخرى..! وطلبي الأخير يمثل حجر القمة الذي يستند عليه كل هرمي الذي أريد أن أكون...!
زيوس : أفصحي...
أرتميس : أريد أن أحتفظ بعذريتي إلى الأبد..! أن لا أتقيد بزواج على الإطلاق...!
زيوس : أرتميس أتعين ما تطلبين ؟!
أرتميس : لا أظن أن هناك من تضاهي أمي ليتو قوة وبأساً ولكني رأيتها وهي تنزف جبروتها إلى آخر قطرة..! و لأي سبب؟! للسبب التافه هذا الذي تسميه الإناث الحب... نعم أريد أن أكون منيعة ضد كل ذلك الضعف...!
زيوس: أرتميس..أرتميس...أنتي لا زلت صغيرة على النظر إلى هذه الأمور بمنظارها الصحيح..! أخاف أن الصورة التي ارتسمت في مخيلتك عن العذاب الذي قاسته أمك ليتو جعلك تنفرين من مثل هذه الأشياء و دفعك إلى قرار العذرية الأبدية هذا والذي لا أشك بأنه سيلبسك رداء الندم ذات يوم ويجعل بنظرك الحياة أضيق من هذا الكأس الذي أمامك...! أعيدي النظر بقرارك هذا يبنتي, هنالك فرق في معرفة الاحتراق بين من يقف وسط النار وبين من يتفرج على الواقف وسطها ويحاول أن يصف آلامه...! على الأقل انتظري عبورك لسن التاسعة فقط وقرري بعدها ما شئتِ...
أرتميس (بلهجة مقصودة): أبي لا أظن أن كلماتك هذه ستساعد على ارتخاء عقدة قراري المحكمة إلا كالمساعدة التي قدمتها أنت لزوجتك ليتو عندما كانت تطلق زفرات المخاض هناك في جزيرة ديلوس...!
زيوس : أذن يجب أن أوضح لك أمرا قد تجهليه...
أرتميس (تستفهم): ؟!
زيوس : إذا اجتمع الليلة مجلس الآلهة فأنه, سيجبرون كل واحد منهم على الالتزام بالصورة التي يقدم نفسه بها, سيبني كل منهم لنفسه سجنا في مملكتي الجديدة فاحرصي أن يكون سجنك أكثر اتساعا..! أرتميس إذا قدمت نفسك كآلهة عذراء فأنك ستجدين نفسك مضطرة على التمسك بعذريتك إلى الأبد...!
أرتميس : إذن إجبارهم سيكون لي سبباً آخراً للتمسك بعذريتي.. ! سأحضر مجلس الآلهة وأقدم نفسي كآلهة عذراء,آلهة للصيد والبرية ولا أتقبل أي نقاش في الأمر... ( ثوان من الصمت)
أرتميس :سأنصرف الآن...
زيوس : قبل أن تنصرفين أريد أقول لكِ شيئا أعتقد أنك ستتذكرينه كثيراً في القادم البعيد من أيامك فاحفظيه جيداً..تكلمتِ قبل قليل عندما كنت تخطّأين ليتو بعدم بذلها لأي جهد لإخماد النار التي تضطرم بأجساد الإناث وأريد أن أقول لك شيئا بشأن ذلك المزيج من الشعور والرغبات الذي تسمينه ناراً..! ستصطلين تلك النار في يوم من الأيام , وستعرفين أنها شجرة..نعم, أغصانها من اللهب ولكن ثمارها غرف الفردوس بعينها...! وما من أنثى تستطيع إخماد تلك النار يبنتي..! أشدكن بأسا هي من تستطيع أن تحبسها في قلبها فقط وتمنعها من الوصول إلى مملكة عقلها ولكن احتباسها في القلب فقط سيذيب القلب والروح معا شيئا فشيئا إلى أن تصبح قوية البأس المسكينة تلك كتمثال شمع آخر ما يذوب منه هو وجهه المبتسم...!
( ثوان من الصمت يقاطعها طرق يوحي بالحيرة من أصابع أرتميس على الطاولة)
أرتميس : استأذنك يا أبي....
( تخرج)
(يبقى زيوس واقفا جنب عرشه مذهولا لبضعة ثوان,يبتسم بمكر,يقترب من الطاولة ينحني على أوراقه الموضوعة عليها, يتفحصها من جديد...)                                                                                                                                                ستار




المشهد الثاني
    الممثلون:
• الشابة  أرتميس artemis : إلهة الصيد والبرية.
• كروكاليkrrocala   , رانيس ranis ,كاليستو kalissto: وصيفات أرتميس ومستشاراتها.
• هياليhialli  , فياليvialli  , نيفيلي nephelli : وصيفات أرتميس.
المسرح يمثل المكان المفضل من الغابة لاستراحة أرتميس ومن معها من وصيفاتها الحوريات, بحيرة صغيرة تحيطها أحجار الرخام في اليمين ومكان الجلوس المفضل لأرتميس في اليسار والذي هو عبارة عن جذع شجرة كبير ملقى على الأرض نمت حوله الأعشاب والزهور...
صوت خرير الماء مع أصوات الطيور القادمة من بعيد يمثل الخلفية الموسيقية للمشهد...
تدخل الإلهة الشابة أرتميس بزيها الجميل المعروف ذو اللون الأحمر الغامق ,فوق رأسها تاج ذهبي يمتزج لمعانه مع شقرة شعرها,جعبة سهامها معلقة على ظهرها وتحمل في يدها قوسها الفضي..على يمينها ويسارها وصفيتيها المقربتين كروكالي ذات الرداء الأسود و رانيس ذات الرداء الأبيض يزين سواد شعر كل منهما تاج فضي ويحمل كل منهما قوسا وجعبة سهام أيضاً, خلفهن مباشرة ثلاثة من الوصيفات الشقراوات...
جميع الوصيفات دون سن المراهقة...
 يدخلن إلى المسرح وهن يمشين بعفوية ويضحكن بغبطة...
كروكالي (وهي تضحك): مسكين لو كان يعرف أن سهام أرتميس الفضية ستطوف الغابة اليوم لتوزع دمى الموت على أمثاله لأختبئ بجحره كما يختبئ كاهن خرف بمعبد إله يتوعده بلعناته...(تستمر بالضحك)
أرتميس ( تبتسم وتداعب وجه كروكالي ): كروكالي الصفيقة...! ماذا سيقول كهنتنا الأجلاء لو علموا أن وصيفتي تشبههم بالأرانب ؟! ( تضحك ضحكة مختصرة )
رانيس : أيعقل أنها سمعت سيدتها أرتميس تشبههم بما لا يرقى لمنزلة الأرانب؟! (تضحك)
(تجلس أرتميس على الجذع الخشبي)
أرتميس( بغبطة ): وقحات, ولكني أستمتع بأحاديثكن الوقحة هذه..! ( تضحك )
( تتقدم أحدى الوصيفات الشقراوات وتنتزع جعبة السهام من على ظهر أرتميس بينما تتقدم أخرى وتحمل قوسها الفضي...
تجلس كروكالي على يمين أرتميس وتجلس رانيس على يسارها)
أرتميس : كان يوما متعبا....
كروكالي : أتساؤل أحيانا عن سبب نظرة الازدراء للكهنة من قبل سيدتي أرتميس على عكس كل الآلهة الذين يعطونهم اهتماماً مبالغ فيه غالبا...!
أرتميس (تبتسم): كروكالي حبيبتي, إذا سألتك عن رأيك بأولئك الذين يسمون أنفسهم آلهة فما ستكون أجابتك..؟!
كروكالي: بصراحة لا أراهم أهلا للألقاب التي يحملون..!
تغرق أرتميس بضحك متصل ينتهي بنوبة سعال...))
أرتميس : كنت أتوقع منك جوابا أقل جرأة..المهم لماذا لا تراهم كروكالي أهلا لتلك الألقاب ؟!
كروكالي : أتصور أن من يجب أن يكون إلهاً يجب أن يكون محض عقل..! يملك ما يملك عبدته من حسنات فقط, الضعف والتناقض والانقياد المسرف للغرائز من شأن المخلوقات الضعيفة فقط وليس من شأن الآلهة...
أرتميس: قد أختلف معك برأيك الجريء هذا الذي قد توهبين عليه عذابا أبديا فيما لو سُمع منك بحضرة غيري لكن المهم عندي أنك عرفتِ هذه الأشياء لقربك من الآلهة وبالنسبة للكهنة فأنا أعطف عليهم و أسخر من جهلهم لأنهم يتفانون بعبادة آلهة لا يعرفونهم جيدا..! بالنسبة لي فإن الإله يجب أن يملك كمال حسنات عبدته ولا بئس أن يستمتع ببعض سيئاتهم...! وبهذا فكل كهنتنا باستطاعتهم أن يكونوا آلهة لو استطاعوا الصعود بسلالم كمال صفاتهم بدلا من اقتياد الخراف لتماثيلنا, نعم أزدري غبائهم هذا ( تضحك )..لكن هذا أمامكن فقط , رأيي بهم أمام بقية الآلهة كرأي أي إله آخر ( تضحك ) وأعتقد أن بقية الآلهة يشاطرونني نفاقي هذا...
(تضحك كل من كروكالي ورانيس...
ثوان من الصمت... )
أرتميس( وكأنها تتذكر شيء ما ) : ألم تأت كاليستو بعد ؟!
رانيس : لا لم تأت بعد...! بدأت أقلق على كاليستو لمعرفتي بأن تعلقها بسيدتها أرتميس جعلها ترى أن ما يحسب لها عمراً هو فقط ما تقضيه برفقة القوس بالقرب من سيدتها.. لا أعتقد أن أي سبب كان يستطيع أن يؤخرها عن رفقتنا كل هذا الوقت..!
أرتميس : لكاليستو منزلة خاصة عندي.. أنا أيضا بدأت أقلق عليها
كروكالي (لرانيس ) : صواب ما قلتيه يا رانيس , عشق كاليستو للصيد عشق فطري..! أحسبها أحيانا و كأنها ترى الصيد برفقتنا كما يرى الطفل الأعمى بيته الذي ولد فيه ولم يخرج منه حتى أيقن أن لا عالم خارج جدرانه..!
أرتميس : سننتظر مجيئها قليلا ثم نذهب للبحث عنها إذا ما طال غيابها أكثر....!
ثوان من الصمت))
تلتفت أرتميس  إلى الوراء حيث الشقراوات الثلاثة):  لماذا تقفن هناك ؟! (تضحك) اقتربن لا أعتقد أن كروكالي سوف تعض أحداكن ( تشير بيدها إليهن كي يأتين أمامها ) قانونكن الأول هنا بعد التمسك الأبدي بالعذرية طبعا هو التصرف معي بعفويه..لا تقيّد, لا ألقاب, لا تردد بإبداء أي رأي كان....! ( تضحك ) أتصور أن كروكالي قد طرحت لكن مثالا حياً بوقاحتها قبل قليل.... أمامي,أمامي,أمامي....حسنا والآن أريد أن أعرف كيف كان اليوم الأول معي بنظر رفيقاتي الجميلات... أسمع منكِ أنتي, نعم هيالي أولا...
( تأخذ قوس رانيس من يدها, تجرب وتره بينما تستمع لكلام الوصيفة)
الوصيفة الأولى: عندما يطرق مسامع أعمى الولادة نبأ قرب إبصاره فسيتوقع بأنه سوف يفتح عينيه على كمال الجمال, كنت في البحر لا أرى غير الماء والصخور فتوقعت أن تكون الأرض فردوساً ولكن يومي الأول كان دون توقعي...
أرتميس: أممممم , جريئة ذات لسان عذب وسليط..! لكن في بلاغة تصويرك هانة صغيرة فأعمى الولادة لم ير جمالا من قبل كي يتوقع له كمالا ويقارنه بالواقع الذي سيبصره, لو كان تشبيهك يتخذ من السجين والحرية مادة له بدلا من أعمى الولادة والإبصار لكان أبلغ و أدق..
(تبتسم لها و تلاطفها بضرب رأسها بالقوس ضربة خفيفة)
( للوصيفة الثانية ) وأنتي يا نيفيلي كيف كان يومك الأول مع أرتميس..؟!
الوصيفة الثانية: كان البحر بالنسبة لي رحم دافئ وأمر الآلهة بمرافقتي لإلهة الصيد هو المخاض الذي جاء بي لهذه الدنيا..أنا سعيدة بيومي الأول وما من رضيع يعرف ما قد يخبئه له القادم من الأيام...!
(تضحك أرتميس وتضربها بالقوس على خصرها...)
أرتميس: ماكرة, إجاباتك مفتوحة النهايات, سريعة البديهة وتستفيدين من أخطاء الآخرين بسرعة...( للوصيفة الثالثة) هيا يا فيالي توجب عليك أن تكوني أكثر دقة وبلاغة ضمن هذا النمط التصاعدي...
الوصيفة الثالثة: بالنسبة لي....
( تقاطع رانيس الوصيفة الثالثة قبل أن تكمل حديثها)
رانيس (وهي تنظر باتجاه اليمين): ها هي كاليستو قد جاءت .. لكن...
تنهض أرتميس...))
أرتميس : لكن ماذا...
( تدخل كاليستو الشقراء المسرح, متعبة,مبعثرة الشعر,ترتسم على وجهها علامات الخوف والحياء, تجلس على أحد أحجار الرخام المحيطة بالبحيرة...)
تركض أرتميس باتجاهها..))
أرتميس: كاليستو ما الذي جعلك على هذه الصورة..أين قوسك,,ماذا حدث..
(كاليستو تشير برأسها أن لا شيء مهم..)
أرتميس: كاليستو أجيبي...
(تنهض كاليستو باكية ,ترتمي بأحضان أرتميس,ترتسم على وجه أرتميس علامات التعجب بعد أن تحتضن كاليستو, تضيّق من عينيها مذهولة,تشهق, تدفع أرتميس وترميها على الأرض...! تحبس رأسها بين كفيها وتولول)
أرتميس : كاليستو..كاليستو..كاليستو..من غيرك , كنت أتوقع هذا(بهستيرية) عاهرة, ابتعدي عن مياهنا المقدسة لا تدنسيها..جاحدة النعمة فرطت بالزهرة التي أقسمت على المحافظة عليها إلى الأبد, سمعتك مرارا تقسمين على عذرية أبدية (تحبس رأسها بين كفيها من جديد) عاهرة..عاهرة...عاهرة...( تضربها بالقوس بقوة)
(تبدو علامات التعجب على كل من كروكالي ورانيس , بينما يسيطر الخوف والهلع على الوصيفات الشقراوات الثلاثة...)
كاليستو: أقسم أني لم أكن أعرفه..أقسم..(تبكي) أتاني متقمصاً صورتكِ, كان يشبهك تماما,اكتشفته بعد أن أمسك بي..لم أستطع الهروب من قبضته...(تبكي)
أرتميس(بذهول وغضب): ومن هذا الذي تجرأ على تقمص صورتي ؟! من هذا الذي سولت له نفسه امتحان غضب أرتميس ؟!
كاليستو(باكية): زيوس, زيوس,زيوس, أبوك زيوس..أقسم أني لم أكن أعرفه, لقد خدعني كان يشبهك تماما...
(تفرغ أرتميس غضبها بهستيرية على الأشجار المحيطة بها)
أرتميس( ترفع رأسها إلى السماء وتصرخ): زيوس..منك تلقيت الضربة الأولى, من مثلك كنت أخشى على صورتي التي رسمتها بالكبرياء لكل تلك السنين, أنت من حذرني منك,أنت ذلك الساذج الذي قطف التفاح قبل نضجه..زيوس أتسمعني؟! ( تلتفت نحو كاليستو) تكلمي قبل أن أُجن, قولي أن ما تعاهدنا عليه كان واقعاً..قولي أنك شربتي كأس زيوس مجبرة حتى آخر قطرة..!
كاليستو: مجبرة..أقسم كنت مجبرة على ذلك...
أرتميس: حتى آخر قطره؟؟
كاليستو صامتة))
أرتميس: كاليستو أجيبي أكاد أُجن..كنت مجبرة كارهة لذاك حتى وهو يسقيك آخر قطرة؟!
تجيب كاليستو بالصمت أيضاً...))
(تفقد أرتميس توازنها تتهاوى إلى الأرض, يهرعن كل من كروكالي ورانيس إليها قبل أن تقع, يحملنها إلى البحيرة, يجلسنها على الرخام المحيط بها..
دقيقة صمت لا يقاطعها غير خرير الماء ونشيج كاليستو المتقطع المر...
تنهض أرتميس بكبرياء رغم الوهن البادي على خطواتها..)
أرتميس: كاليستو أنتي تعرفين جزاء من ينقض عهد عذريته منا..أليس كذلك؟!
لا جواب من كاليستو))
أرتميس(تصرخ): كاليستو....
(تأخذ أرتميس قوسها الفضي من الوصيفة الشقراء , تضع السهم بكبد القوس وتوجهه نحو كاليستو التي تطرق مذعنة للمصير الذي كُتب عليها...)
كروكالي( تقف بين أرتميس وكاليستو): أرجوكِ سيدتي, أقسم لو كان ما كان بمحض إرادتها لكنت أنا من قدم لك القوس والسهم, هي لم تذنب بتعرضها لسهام كيوبيد الذهبية ففيم تعرضيها لحر سهامك؟! أخاف على سهامك من براءة دمها..! أرجوك سيدتي....
رانيس(تزن كلماتها بدقة): زيوس فضّل عطر كاليستو أيضا على زوجته هيرا, ولا أظن أن كاليستو ستفلت من غضب هيرا ولعناتها...!
كروكالي: أرجوكِ سيدتي..أنتي من قام بتربيتها مذ كانت في الثالثة من عمرها وأمام ناظريك خُط كل حرف من صفحات حياتها التي قضتها معك..أنت تعرفين أن منبعها بقي طاهر إلى أن ولغ فيه هذا ال....(تصمت)....أرجوك سيدتي أعفي عنها...
(تنزل أرتميس قوسها, تأوي إلى جذع الشجرة...)
أرتميس(تلتفت نحو كروكالي): قولي لها أني لا أريد أن أرى وجهها ثانية...
تجلس على جذع الشجرة وتدفن وجهها بين راحتيها...)
تقترب كروكالي من كاليستو..تجثو إلى جانبها..تهمس بأذنها بضع كلمات,تنهض كاليستو تجر بخطواتها المتعبة...تخرج...
ثوان من الصمت)
أرتميس( بغضب وهي تضرب الأرض بقوسها): بئس الإله..! يدعي السيطرة على الكون ويعجز عن السيطرة على نفسه وكأنه خنزير شهواني..
                                                   (تخرج ويتبعنها وصيفاتها الخمس)
      ستار                                                                


المشهد الثالث                               
الممثلون      
زيوس zeus  : كبير الآلهة .
هيرمز hermes : رسول الآلهة.
المكان هو ذات المكان في المشهد الأول مع بعض التغيرات المناسبة للتغير الزماني
يفتح الستار على مشهد زيوس و هيرمز المنهمكين بحديثهما...
زيوس: أكمل مهمتك وعد إليّ بعد ذلك...
هيرمز: كما تأمر سيدي...أستأذنك بالانصراف...
ينصرف..خطوات...يرجع..))
هيرمز: سيدي أتصر على عدم الحديث عما عكّر صفوك بهذه الطريقة...
زيوس(بكبرياء): لا شيء يعكر صفو زيوس..
هيرمز: أعرف .. أعرف سيدي..أعرف هذا جيدا..قد أكون مخطئا لكني أعتقد أنك ليس على ما يرام اليوم...
زيوس: أنت تجبرني على استخراج الكلمات من صدري بالمنجل...
هيرمز : سيدي أعرف بما يناسبه...
(ينزل زيوس من عرشه, يمشي لبضع خطوات,يأخذ نفساً عميقاً...يزفر)
زيوس: منذ أن أحالت لعنة هيرا البغيضة كاليستو,أجمل ما وقع عليه بصري,إلى ذلك الدب البشع بعد أن أنجبت ابني أركاس الذي أيقض نار غيرة هيرا المختبئة تحت الرماد وأنا أخشى من وقوع مثل هذا اليوم....                       
هيرمز: أي يوم تقصد يا مولاي؟! نِعم الابن أركاس له قوة أبيه زيوس ورقة أمه كاليستو..أراه يطارد فرائسه حيناً فيُخيّل لي أنه خلق من برق صولجانك وأراه جالسا يتأمل البحر حينا آخرا فيُخيّل لي أنه خلق من عبق ابتسامات أمه كاليستو عندما كانت ترافق سيدتها أرتميس وكل ما في الغابة يبتسم لوجها الجميل..(يتنهد)...  كم هو شاسع ذلك الفرق بين كاليستو وذلك الدب الذي صارته الآن بعد أن حاقت بها لعنات سيدتي هيرا...
زيوس: هيرمز..! أين أنت من مما حدثتك به؟! أحدثك عن جرح لم يقتم دمه بعد فتعود لتداعب بعدم فهمك لحديثي جرحاً عالجته كل تلك السنين الستة عشر حتى اندمل أو يكاد...!
هيرمز: عفوك سيدي..
ثوان من الصمت...))
زيوس: أركاس أبني...
هيرمز : أأصابه مكروه؟!
زيوس : وهبته الخلود لكني سلبته مكانه في هذه الحياة..!
هيرمز(يستفهم) : ؟!
زيوس : منذ أن بدأ يخرج للصيد وأبدى ولعه بمطاردة الدببة واصطيادها وأنا أحاول أن أبعد عن طريقه أمه كاليستو..! مسكينة هي لازالت بإدراكها القديم بالرغم من هيئة الدب التي مسخت إليها...
هيرمز : سيدي أرجوك لا تقل أن أركاس....
زيوس : نعم,غفلت للحظة عن السيطرة على تفكير أركاس فاقتاده فضوله إلى الغابة التي تسكنها كاليستو وما إن امتزج عطر أنفاسه بهواء الغابة حتى نسيت كاليستو شكلها وهرعت إلى طفلها الذي لم تره من قبل ولكن عطر أنفاسه كان كافيا ليقينها بمعرفته, مسكينة...هرعت إلى أركاس لتحتضنه كما تفعل الأمهات بالوقت الذي كان يتقدم نحوها فرحاً بفريسته التي لم تهرب منه كما تفعل بقية الفرائس حتى إذا أصبحت في متناول يده شهر رمحه ليغرسه في صدرها الذي لطالما تمنت أن يغفو على زغبه...!
(يصمت لثوان)
لم أستطع رؤية دم كاليستو يزخرف رمح أبنها أركاس فمسخته إلى دب مثلها وحملتهما إلى السماء...!
هيرمز : سيدي...لا.. لا أعرف أي كلمات العزاء أصلح لمواساة فقدك...
زيوس : لست مضطراً لزخارف الكلمات هيرمز.. (يتنهد) سينير الدب الأصغر والدب الأكبر ظلمة الليل كما أنارا ظلمة روحي من قبل, سوف لن يغيبا عن نظري...
(يتقدم زيوس نحو أحد أعمدة الرخام ويطل على الليل الذي صار له نديما بعد أن خبأ في خزاناته أعز ما يملك...! يتبعه هيرمز ويقف إلى جانبه...)
ثوان من الصمت والتأمل...)
يقطع هيرمز الصمت)
هيرمز : سيدي...
زيوس : تكلم هيرمز
هيرمز: أتعتقد أن أرتميس لا زالت تضمر نوايا الانتقام لكاليستو أم أنها استسلمت لضعفها تجاهك وأحالت الأيام تهديداتها إلى مجرد أطلال ؟!
زيوس : الانتقام عند أرتميس كطائر العنقاء تتقادم عليه السنين فيحترق ويستحيل رمادا ثم ينهض ثانية من بين الرماد مستغلاً أقرب فرصة للحياة...!
هيرمز : رأيتها بالأمس مع وصيفاتها ( يتحرك زيوس نحو عرشه ويتبعه هيرمز مكملا حديثه ) من يرى غنج رقصها الذي يتمايل معه كل ما تملك الغابة من قسوة ورقة ويسمع اللحن الذي تنسجم بنسيجه خيوط ضحكاتها الهادئة مع خيوط قهقهات وصيفاتها لما تصور ولو للحظة واحدة أن وراء كل ذلك الجمال قمقم يخبئ بداخله عفريت الانتقام...!
زيوس : يتزين سفح الجبل بأجمل ما في خزانات الأرض من أثواب خضراء مطرزة بالورود لكن هذا لا ينفي أن وراء تلك الزينة يختبئ شيطان يقف جنب مرجله يقلّب حمما بركانية على نار حقده بصمت منتظرا نضجها كي يطلقها كبركان مجنون يلتهم كل ما يقف في طريقه..!
هيرمز : لا أعتقد أن هناك بركان أحمق لدرجة أنه يثور بوجه كبير الآلهة زيوس...!
زيوس : أنت لا تعرف أرتميس إذن, هي فقط تنتظر الفرصة التي إذا طعنت بها فسوف لن يبق من سيفها جزء خارج أجسامنا سوى قبضته..!
هيرمز (متعجبا): !!
يضحك زيوس ممثلا الكبرياء...))
زيوس : تعابير وجهك تختصر مفردات الخوف...( يضحك ) أرى أنك تأخرت قليلا عن مهمتك...هيا اذهب أكمل مهمتك فقط وعد إليّ بعد ذلك...
هيرمز: كما تأمر سيدي...أستأذنك بالانصراف...
(يخرج)
يسحب زيوس نفسا عميقا, يزفره مرة واحدة, يسند رأسه لراحة يده....))
                                                                       ستار
                                 



                                       المشهد الرابع
        الممثلون:
• أرتميس artemis : ابنة زيوس , إلهة الصيد والبرية.
• كروكاليkrrocala   , رانيس ranis ,كاليستو kalissto: وصيفات أرتميس ومستشاراتها.
• هيالي hialli  , فياليvialli  , نيفيلي nephelli : وصيفات أرتميس.
أكتيون actyon  : صياد.
المكان هو ذات المكان في المشهد الثاني مع بعض التغييرات المناسبة...
كاليستو تستلقي عارية في البحيرة, يبرز ظهرها بالكامل تقريبا وكأنه قطعة من خد الشمس, كروكالي تصنع من شعر سيدتها ضفيرة تكورها فوق رأسها, الوصيفات الشقراوات الثلاثة يغرفن ماء البحيرة بكؤوس ويصببنه على أرتميس بينما تجلس رانيس بكامل عدتها على أحد أحجار الرخام...
يرتفع صوت قهقهاتهن تارة ويخفت أخرى بالنسبة لصوت الطيور وخرير الماء الذي يلف المكان...
رانيس : كف رانيس المسكينة يمسك القوس والسهم ويتوزع نظرها على المسالك المؤدية لمخدعنا هذا من الغابة كخيط عثرة ينبهنا إذا ما اقترب متطفل ما, بينما يمسك كف كروكالي بخصلات أرتميس التي يبدو الماء خشن الملمس بجانبها ويطوف نظرها جمال أرتميس الذي لو تشظى على اليباب لاستحالت إلى فردوس تتخلل جنائنها أنهار يجري بداخلها الماء والخمر جنبا إلى جنب دون أن يمتزجا....!
أرتميس (تضحك): أشم راحة الحسد تنبعث من شواء قلب ما, أتصور أننا سنشاهد معركة كلامية تصلح أن تعلق كقلادة لؤلؤ في جيد المسامع (تضحك)
كروكالي : رانيس حبيبتي ,خصلات شعر أرتميس أَحدُ من أفواه السهام وجمالها نار لو تجوّل بصرك بقدمين حافيتين على جمره كما أفعل أنا الآن لحمدت القدر الذي أتاح لبصرك تجوالا بين أغصان الشجر الخضراء بمهمة المراقبة تلك....!
رانيس : كروكالي أنت كمن يقف بالفردوس ويتأوه مدعيا أنه يعانق العذاب وسط دهاليز الجحيم خوفا من حاسد يحرقه أو طموح ينافسه على فردوسه...! (تضحك أرتميس)
كروكالي : رانيس أرى أن هناك من يستمتع بإيقاعنا بألسنة بعض...
رانيس : وأنا أرى أن هناك من يتجنب الحديث الذي يمس مهمته التي يحاول أن يحتفظ بها ككاهن بخيل يتجنب إطلاع الناس على وجه آخر درهم في صرة نقوده حفاظا علية من الضياع...!
تضحك كروكالي..))
فيالي (أحدى الوصيفات الشقراوات): سيدتي أرتميس...
أرتميس : نعم يا روح أرتميس...
فيالي: لماذا تصر رانيس على ارتداء الأبيض دائما بينما تصر كروكالي على ارتداء الأسود ؟!
أرتميس (تضحك): حبيبتي الماكرة فيالي, كنت أبحث عن الشيطان الذي سينفخ في جمر معركتنا الكلامية التي ننتظر لتخرج منه ألسنة اللهب من جديد بعد أن حاولت كروكالي إخمادها , لم أتوقع أنه سينطق على لسان ملاك (تضحك) الآن سنسمع تعليلا من السيدة رانيس و آخرا من السيدة كروكالي يوضّح لنا سبب تمسكهما بألوان أرديتهما تلك...
رانيس : أظن إنه إذا كان هناك في الفرق بيننا غموض بالفعل فما هو إلا بقدر الغموض في الفرق بين الليل والنهار(تضحك),أتصور أن رداء الجسد هو فضلة أردية الروح, وبما أن روحي نقية ككأس خمر فلاشك بأن أرديتها ستكون بيضاء فضفاضة...!
كروكالي( تضحك ): سأكون أقل قسوة عليك حبيبتي رانيس,وأقول أن الفرق بيني وبينك يشابه لحد ما الفرق بين منزلة الشمس ومنزلة القمر( تبتسم ابتسامة ماكرة ) أما بالنسبة للأردية فسأتحدث بما يعلل اختياري للون ردائي فقط, أعترف بأن وسط صفحة روحي البيضاء قطرة من الحبر الأسود قد تصدر منها بوقت من الأوقات تصرفات بلونها تماما وأنا أعلن بردائي هذا عن تلك القطرة السوداء التي قد تسيطر على أفعالي بيوم من الأيام كي لا يخدع البعض بوجهي الحسن ولا يتوقعوا مني إلا ما يشابه حُسنهُ...!
أرتميس : ادعيّت أنك ستكونين أقل قسوة ومن يدقق بين كلماتك سيجد أن تعليل رانيس يبدو كحمل وديع بين أنياب تعليلك...! (تضحك)
كروكالي(تضحك): سيدتي لا تقوّليني مما قلت ما لم أقل...
يغرق الجميع بضحك متصل يقطعه صوت نباح كلاب صيد تقترب...))
أرتميس( بارتباك): حبيبتي رانيس أحد الصيادين يقترب..! حذار أن يدخل مخدعنا بأية لحظة...
(ما إن تكمل أرتميس جملتها الأخيرة حتى يدخل من يمين المسرح الصياد أكتيون والذي يبدو وكأنه يبحث عن فريسة ما, يرى أرتميس عارية في بركة ماءها, يشهق, يتجمد في مكانه مصدوماً, تعم الفوضى والارتباك بين الوصيفات الخمس اللاتي بسرعة الارتباك يحطن بسيدتهن كستار يمنع عنها نظرات أكتيون وبالسرعة ذاتها يخرجن...
 يترنح أكتيون كالمخمور,يتقدم حتى يصل جذع الشجرة,يسقط إلى الأرض....
صمت لا يقل عن الدقيقة
تدخل أرتميس بزيها المعروف,يحطن بها كروكالي و رانيس فقط,على وجهها علامات الارتباك رغم الكبرياء الذي تمثله في مشيها...
تصفع أكتيون,يبتسم,تزداد غضبا,تستل سيفه من غمده,لا يحرك ساكنا...)
أرتميس( وهي تتطلع بسيف أكتيون): سوف أتركك لكي تفتخر برؤيتك لجسد أرتميس عاريا ولكن بعد أن أقطع رأسك,فابحث إذا استطعت عن لسان غير هذا الذي في رأسك..!
 (يتقدم أكتيون بنفسه خطوة نحو الموت فيجلس على ركبتيه, تضع أرتميس السيف على كتفه..)
أرتميس: أفتح عينيك لترى أي شبح للموت سيسلبك الحياة, أحب أن أرى بريق عيون الظباء قبل اصطيادها...!
أكتيون( وكأنه يتلذذ بلفظ اسمها): أرتميس..
أرتميس : أرتميس هي من سيسقيك كأس موتك..!
أكتيون( مبتسما,مغمض العينين,منتشيا كالمخمور): شهي هو الموت حين نكرعه من راحات الأحبّة...!
أرتميس (تنزل السيف مذهولة): أحبّة؟!
(يفتح أكتيون عينيه, يتطلع أرتميس, يتنهد, يغمض عينيه تارة ويفتحها أخرى بينما ترتسم على وجهه تعابير التلذذ...)
أرتميس (تصرخ): تكلم..
أكتيون: لو كنت أعرف أن إثم النظر لجسد أرتميس سيملئ كأس قلبي بكل هذا الأيمان برسالة كيوبيد التي كنت أجحد, لكنت اقترفت إثم النظر منذ زمن...!
أرتميس: أي هذيان هذا الذي أسمع؟!
رانيس: سيدتي ما الذي يؤخرك عن سلب تلك العيون الآثمة الحياة ؟!
أكتيون: هي من وهب لعينيّ الحياة وهي من لها حق سلبهما إياها, كانتا لا تريان الأشياء إلا ساكنة ليس لها غير أبعادها الثلاثة تلك و بنظرة واحدة لأرتميس تحركت الأشياء أمامهما وطافت بُعدها الرابع الجميل هذا...
كروكالي: أتعرف من هي تلك التي تلقي عليها آثام مجونك الآن..؟!
أكتيون: وهل يجهل الظبي صياده, نعم هي أرتميس التي لا تعرف من أوجه هرم الحب غير وجه مجونه, أرتميس التي حبست نفسها في أحلام العذرية الطفولية فكانت أحلامها جدران زنزانتها البريئة التي كبرت معها فأجبرتها على يقين كاذب جعلها تؤمن بأن لا حب أوسع من مخاوفها الحمراء التي تخيلتها عنه..! (تحاول رانيس صفع أكتيون فترفع أرتميس يدها بصمت معطية أكتيون فرصة أكمال حديثه) أرتميس إلهي الذي كنت أعشقه بالسر كإله صيد أتقرب إليه بنجواي ليلا وبقوسي الذي لا يخطئ نهارا حتى نظرت لها تلك النظرة فوجدت نفسي عابرا لحدود إلوهيتها أعشقها بالعلن كربة عشق لا كربة صيد أتقرب إليها بكلامي المضطرب هذا كما يتقرب الطفل لأبيه ببضعة أحرف مبعثرة...
أرتميس( تقاطعه ): هذيان,هذيان..(تستدير لتترك مشهد أكتيون خلف ظهرها)
أكتيون: لم أكن أعرف قبل اليوم نفسي إلا صيادا لا يسعده شيء بقدر إطلاق سهام الموت التي تحتلب الدم من أوداج ضحاياه, ولا أعرف أرتميس غير إلهة أقدم لها القرابين كي تعينني على وهب المزيد من  الموت للمزيد من الفرائس..أما الآن فلا أظننني قادراً على سلب حياة أخرى بعد أن آمنت برسل الحب,لا أظننني قادراً على رؤية أرتميس غير معشوقة أقدم لها نفسي قربانا أثبت به صدق هذياني, جميل أن يكون معشوق المرء إلهه بعينه..!
رانيس : ما أنت إلا عبد من عباد الغرائز, زيوس بشري لا أكثر ولا أقل...!
أكتيون : أرتميس...
رانيس : لا تلفظ اسم أرتميس بلا أي لقب هكذا..
أرتميس (دون أن تستدير): رانيس دعيه يتكلم...
أكتيون: أرتميس عشاق الجسد لا يتمنون الموت...! وها أنا مستعد لأن أخضّب هذه الأرض التي ولدت عليها اليوم بدمي لقاء أن تصدقين كلامي فقط, لا أرغب بأكثر من تصديقك أياي أقسم...
رانيس : سيدتي أعتقد أن ما سمعناه من كلمات إله الجنون الذي ينطق على لسانه كافيا إلى هذا الحد...
أرتميس(تستدير): إذن أنت مستعد للموت..(تضع السيف على عنقه)
أكتيون: وبلهفة أيضا إذا كان معنى الموت أن هناك من سيرى البرعم الذي تبرعم الآن في راحة خريف روحي و يتعهده بعدم نسيانه ...!
أرتميس (تركله بغضب ): مجنون..مجنون..مجنون..
أكتيون ( وهو واقع على الأرض ): نعم جنون أن تحب إلهة وإفراطا بالجنون أن تكون هي أرتميس بعينها, أرتميس التي أقسمت على عذريتها أمام مجلس آلهة الأولمب, ولكن ما أعظم جنوني هذا الذي لو عرفت التماثيل أنها ستحيى به كما حييت لما ترددت للحظة واحدة عن اعتناقه..!( يبتسم ابتسامة ألم).... نبي الجنون !
ثوان من الصمت...)
يجلس أكتيون على ركبتيه مجددا, يرفع نصل السيف الذي تمسك أرتميس على قبضته ويضعه على رقبته..)
أكتيون : افعليها لا أريد للواعج الليل التي تطلب المستحيل باشتياقاتها أن تحرق هذا المرج الأخضر الذي أراه الآن...
كروكالي : سيدتي أحقا ستوقفين نبض هذا القلب..
أكتيون: افعليها أرتميس إبقائي على قيد الحياة يعني تعرضك لغضب بقية الآلهة, افعليها أرتميس ليس لي قدرة الوقوف بوجوههم إذا ما امتدت نحوك الأنامل الشوهاء للعناتهم..! لا أريد أن أراك تتحملين تبعات جنوني..افعليها أرجوك..
كروكالي : سيدتي أحقا ستمكنين الموت من هذا الصوت..؟!
رانيس : كروكالي..! أرى أن عدوى الهذيان قد طالتكِ أيضا..!
كروكالي : لم أعرف قبل اليوم أن لجسد الحب المتشح بالشبق روحا بهذا الطهر..! ( لأرتميس ) سيدتي لا أعتقد أن نفيه لبلاد خارج سيطرة آلهة الأولمب بالأمر الصعب,لا أريد لهذا القلب بالتوقف عن النبض, حتى أنا التي أحبكِ حد العبادة لم أستطع أن أعشقكِ بالطريقة التي وصفها الآن...
(تلقي أرتميس السيف جانبا,تجلس على الجذع الخشبي,تتخلل أصابعها شعرها الذهبي..تطرق إلى الأرض شاردة الذهن... ثوان من الصمت)
أكتيون( يولول ):
لي حبيب ليس لي فيه أمل        غرس الرمش بقلبي وارتحل
حين ضجّت منه شكوى ظمئي     جَلدًا من كأس نكراني انتهل
أرتميس(بجزع ) : كفى..كفى....
أكتيون (يكمل):
جئت استجديه موتي فأبى        وهب العيش وبالموت بخل
أرتميس: كفى..أرجوك كفى أكتيون!
(ثوان من الصمت... تقترب كروكالي من أرتميس,تجلس إلى جنبها,تربت فوق كتفها... يدخل هيرمز...)
رانيس : سيدتي أرتميس لقد جاء هيرمز...
أرتميس : إذن لقد أرسل زيوس بومة قصره لنا...
هيرمز : تحية احترام للإلهة أرتميس,إلهة الصيد والبرية,أختي الجميلة, ابنة العظيم زيوس..
أرتميس : أسمعنا علقمك الذي جئت به دون أن تمزجه بشهد كلماتك..سيدك فقط من يلعق زخارف تحاياك هذه من لسانك بالشراهة التي تتوقع...!
هيرمز : مثلي كمثل الرياح لا تَسأل عما تحمل, أنا رسول الآلهة فقط وكبيرهم من أرسلني بعد أن لم يفهم سبب تأخيرك لقتل أكتيون..
أرتميس : ومنذ متى كان لكبير الآلهة سلطة على ما يدور هنا...
هيرمز : هو لم يحاول التدخل, فقط أراد تذكيرك بأنك فرد من مجلس الآلهة الذي هو على رأسه والذي قدمتِ نفسك فيه على صورة للمجلس حق إجبارك عليها..
أرتميس : لك الأمان إذا كان الخوف هو ما يجعلك ترتب كلماتك على قوالب معانيك بهذه الصورة المبعثرة الساذجة كطفل جديد العهد بالنطق, أسمعني رسالة زيوس بلهجة واضحة مختصرة أو ارجع له ليرسل من ليس للفزع إلى قلبه سبيل...
هيرمز : ليس لمن يتكئ على جبل كزيوس أي معرفة بالخوف من أية رياح مهما عتت..! نعم, زيوس يخبرك أنه سيرسل جنودا من القوة والقدرة لقتل أكتيون وحفظ صورة العذرية في جبل الأولمب المتمثلة بكِ والتي ستلوثها أحاديث أكتيون عن نظرته المحرمة إذا ما رجع للبشر وما زال رأسه فوق كتفيه..وبالطبع فأن باستطاعتك تجنب ذلك إذا ما قمت بالأمر بنفسك...
أرتميس : هه هدد الذكر بقطع ذيله أو انعته بالخوف وستسمع منه كل ما تود سماعه بدقة واختصار, وصلت رسالتك انصرف الآن...
هيرمز : ليس قبل أن أسمع صدىً لصوتي..
رانيس : تجاوز حد الاحترام بحضرة أرتميس مرة أخرى وستجد نفسك ضيفا على العالم السفلي هذه الليلة..
كروكالي: انصرف هيرمز كما رأى زيوس من عليائه ما حدث و أرسلك بهذه السرعة سيسمع صدى رسالتك و هناك ستعرفه منه...
(يخرج هيرمز والانزعاج باد على لغة جسده)
أكتيون: أرتميس أغلى ما يملكه العشاق حياتهم لذا فهي أول ما يقسمون على وقفها لسعادة ربات عشقهم  ولأن ربة عشقي العذراء هي من أرسلني نبيا للحب وهي أول من كذب رسالتي فسأكون سعيدا إذا قبلت موتي وقفا لسعادتها, نعم بموتي أستطيع أن أجنبك كل هذا الوعيد الذي نعب به هيرمز وأمنحك سعادة الأمان ,غاية العاشق سعادة معشوقه لا فرق عنده إذا سلك نحو غايته تلك طريق الحياة الطويل أم طريق الموت المختصر...!
أرتميس : أكتيون لا أعرف بم أحس الآن ولا أعرف ما أريد..!,للآن لم أسمع هاتف الوحي الذي تسميه حباً , كل ما أحسه هو أني فتحت عينيّ فجأة على عالم كنت أجهله, أتحسسه فقط كما يتحسس الأعمى طريقه أحتاج إلى وقت كاف أعرف به الفرق بين ما عشت فيه كل تلك القرون من حياتي وما وجدت نفسي فيه الآن,أحتاج أن أعرف أيهما حقيقة وأيهما سرابا,أيهما نورا وأيهما ظلمة ( لكروكالي و رانيس ) ولأني لا أملك ذلك الوقت الآن أحتاج إلى من يساعدني كي أجد حلا وسطا...
رانيس : لا أعرف أي جنون هذا الذي حط بيننا, لا أخفي أملي بأن يكون كل هذا حلم سوف أفيق منه ذات صباح, لكن إذا كان هذا حقيقة فلا تشكّي ولو للحظة واحدة أن رانيس قد تتخلى عن مساعدتك على ما تنوين بكل ما تملك من قوة ورأي..(تتنحى جانبا وتجلس على الجذع)
أرتميس : كروكالي أبحثي لي عن مخرج أرجوك, لا أضمن عدم إصابة أكتيون بصاعقة من صولجان زيوس بأية لحظة...
كروكالي : سيدتي لا نملك قوة لي ذراع زيوس...ليس لنا سوى الحيلة..!
أرتميس: كروكالي أريد أن أسمع ما لا أعرفه فقط أرجوكِ..
كروكالي : باختصار يجب أن نخرجه خارج الأرض التي يحجب عنها ظل زيوس الشمس ولكن أجهل بأي طريقة يمكننا إخراجه..
أكتيون : أرتميس أرجوك لا تخرجيني من هنا, أكاد أسمع همس الموت وبكِ أقسم على يقيني بأن ما بقي لي من الحياة لا يعدو أن يكون بمقدار ما تتطلبه همسة وجوابها بين شفاه عاشقين أثنين (يشير إلى قلبه) وهذا يتوسلني أن أقضي ما بقي لي من حياة بقرب أرتميس...
أرتميس : آخر ما أحتاجه الآن هو تشاؤم كتشاؤمك هذا, دع عنك كلام قلبك الآن واتركني أفكر بحل منطقي...
( ثوان من الصمت)
أرتميس : نعم وجدتها( لأكتيون)..أسمعني..مؤكد أنك تعرف طرق الغابة جيدا..أسمع بمجرد خروجك من هنا سأحولك إلى أيل..نعم,نعم, إلى أيل هكذا يصعب عليهم إيجادك وسأترك لك عقلك وإدراكك ذاته..فقط اخرج من الغابة وسأبعث لك من يدلك على بقية الطريق..
أكتيون (يتنهد): لن, لن أرفض لأرتميس طلبها الوحيد... ( يركض خارجا)
أرتميس : أكتيون..
تتقدم أرتميس نحو أكتيون,تقبّله بسرعة))
أرتميس: أعدك بأني سألتقي بك ذات يوم.. أخرج الآن بسرعة..أخرج..
( يخرج )...( بضعة ثوان )
أرتميس : رانيس..رانيس..ألحقي به أرجوك..بسرعة, في الغابة الكثير من الصيادين...
تركض رانيس خارجة,تتبعها كروكالي... صوت نباح قادم من الخارج يملئ المسرح...))
رانيس(من الخارج, بالكاد يسمع من صوت النباح): أرتميس, أرتميس,أدركيه,أرتميس...
تهرع أرتميس..)
تدخل كروكالي..)
كروكالي(بلهجة متقطعة): أكتيون..أكتيون..لقد قطّعته كلابه أربا..لم..لم تعرفه..ظنته أيلاً بالفعل..
(تقع أرتميس..)
أرتميس: أك..أكتيون
تنهض, تركض لبضعة خطوات, تقع..)
يخفت صوت الكلاب قليلا..)
الممثلون:خ): أكتيون...
                                                             ستار
المشهد الخامس                  
الممثلون :
 زيوس zeus  : كبير الآلهة .
هيرمز hermes : رسول الآلهة.
هيفيستوس Hephaestus  : ابن زيوس, إله الحديد والنار.
 المكان هو مجلس آلهة الأولمب ذاته الذي يحوي عرش زيوس...
القلق باد على خطوات زيوس وهو يذرع القاعة ذهابا وجيئة...
يدخل هيفيستوس الأعرج الضخم...
زيوس: هيفيستوس كنت بانتظارك (يحاول إخفاء ارتباكه) كم هو بغيض ذلك الشيء الذي يسمى وقتا يبطئ إذا عرف أننا نراقبه في طقس انتظار شيء ما يتصرف وكأنه طفل يزداد عنادا كلما أحس إنك تنتبه لعناده أكثر...!
هيفيستوس : كطفل أممم,تقصد إنه كطفلك هذا الذي لا أعرف ما لذي يعجبك فيه..! كلما جاءني برسالة منك جعلني, بسبب هلعه وارتباكه,أشك في أني سأجدك قادرا على الوقوف على قدميك..!
زيوس( يتصنع الضحك ): طفل ولكنه يؤتى الحكمة في بعض الأحيان القليلة وحالي معه مثل صائد اللؤلؤ يتحمل قذارات المحار ليوم كامل أملا في الحصول على لؤلؤة واحدة (يضحك) ثم إني أفضل أن يكون جليسي ساذجا بعض الشيء..!
هيفيستوس: أنت لا تحب أن يفهم من حولك كل ما يصدر منك..!
زيوس: ليس هذا فقط, على كل حال دعك من هذا الآن فأنا أرسلت بطلبك بمهمة لا يقوم بها إلاك..!
هيفيستوس: أنا ذراعك الثالث أبي..
زيوس : هيفيستوس ولدي خالق الجبل هو الأقدر على دكّه..! وقيود أعدائنا التي ولدت من رحم مرجلك لا تقل منعة عن أكثر الجبال صلابة..
هيفيستوس: أفهم إنك تريد تحرير بعض أسراك الذين أمرتني أن اختصر جبروتهم بقيود تزين معاصمهم وتمنع تطاولاتهم عليك وعلى حكمك..!
زيوس : أحدهم فقط و إن كان أعتاهم..! ذاك الذي كنت أشك باستحقاقك للقب إله الحديد والنار قبل صنعك لقيد يكافئ قدرته وجبروته...!
هيفيستوس: برومثيوس؟!
زيوس: نعم برومثيوس هو من أريد أطلاقة..!
هيفيستوس: ولكن, بعد كل تلك الآلاف من السنين..! بعد كل ال...؟! ما...ما الذي أعادك لأولى صفحات مذكرات حكمك..! برومثيوس؟!
زيوس: نعم برومثيوس..
هيفيستوس: أبي لثلاثة عشر جيلا و برومثيوس يخطط للحظة ينتقم بها منك, ماذا لو خرج وحرر أخوته التيتان من العالم السفلي؟! ثم ...(يتنهد) لا أعرف ماذا أقول بالضبط لكن,عفوك أبي, أرى أن تعيد النظر بقرارك هذا..
زيوس: برومثيوس أكثر حكمة من أن يقارع عرشا تلاشت قمته في الزمان وتلاشت قوائمه في المكان فصار جزءا من هذا وذاك..
هيفيستوس: وما الذي يجبرك على ابتلاع الأفعى..؟!
زيوس : لا زالت تؤرقني نبوءة برومثيوس بذلك الشيء الذي سيكسر صولجاني, برومثيوس يدعي أنه قادر ,شرط تحريره من قيوده, على أن يسلك بي طريقا لا يمر بذاك البئر الذي يخبئه لي القدر...
هيفيستوس: ولكني سمعتك في أكثر من مجلس وأنت تصف نبوءة برومثيوس تلك بالسهم الذي يطلقه فارس أحمق تاه في عرض الصحراء نحو عين الشمس بعد أن ألهبت خيوطها ظمئه..!
زيوس: بني لقد حملت أكتاف الريح عرشي لارتفاع بدأت أخشى عليه من السقوط بأية لحظة وأريد أن أتخلص من وهم السقوط هذا لأن من أطال التفكير بالنهاية هرولت النهاية نحوه لتعانقه..! نعم, لن يهدأ لي بال حتى أقف على صحة نبوءة برومثيوس تلك...!
هيفيستوس: وماذا لو سقيته خمر الحرية وتبين إن كل ما ثرثرت به نبوءته لا يعدو أن يكون دخانا لنار غضبه ؟!
زيوس: إذن فسيعيد ابني هيفيستوس إله الحديد والنار كرّته مرة أخرى ويحمل برومثيوس إلى العالم السفلي هذا المرة والتي سيشتاق به إلى عذابات جبال القوقاز...
هيفيستوس: امممم
زيوس: على كل حال أنا أرسلت لبرومثيوس من يقايض معه الحرية بالبوح, ورجع الرسول وضحكت حين وصف لي انفعالات برومثيوس وهو يتصنع الرفض ثم يصرخ بالقبول حين استدار الرسول راجعا...
هيفيستوس: إذن فخطتك مُحكمة المخارج...
زيوس: نعم, كل ما ينقصها هو البدء ومن أجله أرسلت إليك...
هيفيستوس: ولكن..
زيوس: لكن؟!
هيفيستوس: أبي لا أظنك صائبا باختيارك لي قادحا لشرارة البدء..!
 زيوس: أي رد هذا هيفيستوس؟! لا غاية من جدل الصواب والخطأ إذا لم يكن أمامنا سوى خيار واحد..! أنت القادر الوحيد على تحرير برومثيوس ألم تفهم ما أقول ؟!
هيفيستوس: تحرير برومثيوس ليس مسألة فك قيوده وحسب..!
زيوس(يستفهم):؟!
هيفيستوس: النسر الذي سلطته مشيئتك على كبد برومثيوس يأكله (يدخل هيرمز) فينمو من جديد أصبح حارسا لبرومثيوس كما تعرف وقتل النسر الخطوة الأهم في تحرير برومثيوس وهذا ما يحتاج إلى خفة حركة وسرعة لا أملكها أنا كما ترى...
هيرمز : أفهم أن حجرا ما لم يوضع بالمكان الذي خطط له..
زيوس: الحجر الأساس...
هيفيستوس: أبي لو كانت المسألة مسألة فك قيود فحسب فمن أقدر مني على الضربة التي تودي بما استحال أمام عيني من سائل يتخذ شكل المرجل الذي أضعه فيه إلى جبروت القيد الذي فاق جبروت برومثيوس بعينه..! لكنك حين ضاعفت عذابات برومثيوس بإرسالك لذلك النسر فإنك قطعت طريق العودة الذي كان بإمكاننا أن نسلكه لتحريره...!
هيرمز: أظن أن مع هيفيستوس الحق فتحرير برومثيوس يحتاج إلى أكثر من القوة والخبرة...
زيوس: إذن سأظل قرين الشك وسيظل قريني..! يأكل ويشرب معي أرفع يدي لأضرب فيحول بينها وبين ما تحتها ,أسيّر قدرتي في مجرى ما فأجده سدا يحوّلها نحو المصب الذي لا أرغب..!
هيرمز: ولكن في أبنائك من اختصرك في هيئة بشر, ذاك الذي صنع من المعجزات ما تعجز عن فعله الآلهة..
هيفيستوس: لا أظن أن من البشر من يستطيع تحرير برومثيوس حتى لو كان قد تبرعم من ظهر زيوس...
زيوس( لهيرمز ): من هذا الذي رسمته لنا أملا ؟! تكلم فبي عطش يستأنس حتى لأحاديث السراب...
هيرمز: ليس سرابا بل هو البحر بعينه, البحر الذي حملت شواطئه تحقيق عشر معجزات جاءت تنفيذا لرغبات الأمير يورشيوش التي قد يعجز كثير من الآلهة على تحقيقها...
هيفيستوس: هرقل؟!
هيرمز: نعم هرقل..
زيوس : لا أعرف كيف غاب حل كهذا عن تفكيري, أيعقل أن تكسف ظلمات القلق شمسا كهذه, أحسنت التفكير هيرمز..
هيفيستوس: أبي نحن نعرف أن هرقل أنجز طلبات يورشيوش العشر المستحيلة لكننا نعرف أيضا أن الطلب الحادي عشر علت أسواره لكل هذه الأيام على تسلق هرقل, ولا أظنه قادرا على تسلقه..! فحتى نحن لا نعرف أين تفاحات هسبريدس  الذهبية أو أين هي الشجرة التي تثمر الثمر اللامع ذاك...
زيوس: هيفيستوس لن أسمح لنار حسدك أن تحرق آخر سنبلة خضراء من الأمل الذي أملك..
هيرمز : لا أتصور أن تحرير برومثيوس يشكل أي صعوبة لهرقل..! مَن قتل الهيدرا ذاك المخلوق ذو التسعة رؤوس الذي كلما قطع له رأس نبت له رأسان جديدان لا تصعب عليه مهمة برأسين دم الرأس الأول يشحذ السكين التي تقطع الرأس الثاني..!
هيفيستوس: ثم إن هرقل الآن كاهن نذر نفسه لعبادة إله واحد فقط من بين جميع الآلهة, فكلنا نعرف أنه كرّس نفسه لتنفيذ طلبات يورشيوش بغية الحصول على وهم العتق من عذابات الضمير...
هيرمز : هو ليس وهما..! ليس هرقل من يتسلق الجبل الوعر بغية الحصول على بيضة النسر وهو لا يعرف ما يريده منها أو ليس واثقا من قدرته على الوصول إليها..!
هيفيستوس: دعنا من حذلقاتك هيرمز, لا أظن هرقل ناسيا لأزهار الكاميليا البيضاء في فناء داره, تلك التي سقاها من نحر زوجته وأبناءه, حتى لو ضاجع الاستحالة وأنجب من رحمها الإمكان..!
زيوس : هيرمز؟! هيفيستوس؟! أين أنا من عقم جدالكما هذا ؟!
( ثوان من الصمت, يتنحى هيفيستوس جانبا, يجلس على أحد المقاعد, يصب لنفسه كأسا من النبيذ)
هيرمز ( لزيوس): كيف سنقنع هرقل بالقيام بمهمة فك أغلال برومثيوس؟!
زيوس ( يتنهد): سنقنعه بأن هذه المهمة جزء من عمله الذي أعلن نفسه وقفا له..
هيرمز (يستفهم):؟!
زيوس : من المؤكد أن كل ما يشغل باله الآن هو مكان تفاحات هسبريدس سنقنعه إذن بأن برومثيوس هو من التيتان الذين شهدوا  ولادة شجرة التفاح الذهبي تلك ولا بد أن يعرف مكانه..!
هيرمز ( مكملا لحديث زيوس): وسيدلك عليه إذا ما وافقت على تحريره من أسره..
زيوس: هذا ما أفكر به بالضبط..
زيوس: هيفيستوس..
هيفيستوس: نعم ؟
زيوس : سيذهب هيرمز الآن لإبلاغ هرقل بالأمر أريد منك أن تكون مستعدا لمرافقة برومثيوس للقصر,أحرص على أن يُعامل باحترام..
هيفيستوس: يطاع أمرك, وإن كنت لا أشبهك بتفاؤلك هذا,تتكلم وكأن تحرير برومثيوس أمر مفروغ منه..!
هيرمز : أنا متفاءل أيضا لدرجة إحساسي بأن ما يفصلنا عن حضور برومثيوس إلى هنا هو بعض اليوم فقط..
هيفيستوس ( وكأنه يكلم نفسه): ليتك تركت لذاكرتنا آرائك السابقة فقط و أتممت المجلس بلا جملتك الأخيرة هذه ..
هيرمز:  بم يتمتم أخي هيفيستوس؟!
هيفيستوس: لا شيء مهم..سأنصرف الآن ,إذا أذن لي أبي طبعا.. ( يشير زيوس بالموافقة..يخرج )
هيرمز( بامتعاض): ما الذي لم يعجب هيفيستوس في ختام كلامي ؟!
زيوس : بني هيرمز التفاؤل رسم لخطط الآتي من الأيام بقلم من نار على لوح شفاف من الثلج فكلما كانت حروفك أكثر وأعمق زادت نسبة خسرانك لكل ما رسمته من خطط..!
هيرمز: ولكن..
زيوس ( يقاطعه ): دعنا من استدراكك الآن هيرمز, يكفيني سعيي بين محرابي القلب والعقل ما إن أصل إلى أحدهما محاولا إطفاء لهيبه حتى يرتفع لهيب الآخر لأجد نفسي باللاشعور مهرولا إليه, أخاف إن لا يكون نصيبي غير جهد السعي ويحترق المحرابان أمام عيني دون أن أستطيع إنقاذ شبر واحد منهما..!
هيرمز : دع لنا أمر محراب عقلك, ما هي إلا ساعات ويكون برومثيوس لديك وسنجد ألف طريقة لاستخراج حقيقة نبوءته من صدره إذا ما أبى واستكبر ممتنعا عن البوح طوعاً, لكن ما بال محراب قلبك؟! ألازلت مهتما لأمر ثاتيس؟!
زيوس : ألازلت مهتما ؟! هه هيرمز بدأت أتنفسها, صارت تشاطرني كل لحظة عيش, لا أستطيع أن أكف عن التفكير بها, لم يتعلق قلبي بعشق أنثى كما فعل هذه المرة مع ثاتيس..
هيرمز : وما يؤخرك عن قطفها ؟! لا أظنها أصعب منالا من ليدا أو كاليستو أو, أو أي واحدة أخرى...
زيوس : هيرمز أنت لا تفهمني, ثاتيس تختلف عن غيرها لا أريد منها لحظة فحسب..! ماء كل الإناث التي عرفت عذبٌ يروي الظمأ باغترافة أو اغترافتين إلا ماء ثاتيس فهو مالح كل اغترافة منه  تزيد نار ظمئك شوقا لاغترافة أخرى...!
هيرمز ( يستفهم ): ؟!
زيوس : أريدها زوجة لا خليلة.. ( ثوان من الصمت )
زيوس : ما أن أنهي أمر نبوءة برومثيوس حتى أفرغ لثاتيس, سأتخذها زوجة وأجعل لها في الأولمب مكانا وشأنا, كفاني احتمالا لعنجهية هيرا, الأنثى كغصن أخضر جماله في رقته وليونته وليست من الإناث تلك التي تؤثر الصلابة والقسوة على اللين والرقة...
هيرمز : رأيي أن تنهي أمر ثاتيس أولا ثم تفرغ لأمر برومثيوس ونبوءته..
زيوس : لا هيرمز العرش أولا..!, العرش أولا..!, تعال معي, تعال لأريك شيئا ما... (يخرجون)
                                                                                   ستار
                       المشهد السادس
الممثلون :
 زيوس zeus  : كبير الآلهة .
الطفلة أرتميس Artemis : ابنة زيوس , إلهة الصيد والبرية  في الحضارة اليونانية.
برومثيوس  promethus : أحد الإلهة  التيتان الذين أعانوا  زيوس  بداية حكمه.
هيرمز hermes : رسول الآلهة.
هيفيستوس Hephaestus  : ابن زيوس, إله الحديد والنار.
عزف القيثارة يسبق فتح الستار..
يُفتح الستار على قاعة مجلس الآلهة في قمة جبل الأولمب...
بضعة مقاعد إضافية أمام عرش زيوس موضوعة بطريقة متقابلة...
أرتميس تتخذ مكانا جانبيا على يسار المسرح ترتدي رداء الحداد الفضفاض الأسود تغني على لحن قيثارتها التي تعزف عليها تفعيلات بحر الرمل على طريقة غناء الموشحات الأندلسية...
لي حبيب ليس لي فيه أمـــــل    غرس الرمش بقلبي وارتحل
حين ضجّت منه شكوى ظمئي     جلدا من كأس نكراني انتهل
جئت استجديه موتي فــــأبى       وهب العيش وبالموت بخل
تكمل الأبيات غناءً فيعيد صوتها الرتيب الحزين غنائها مرة أخرى...
يدخل زيوس القاعة, يتفاجئ بوجود أرتميس, يقترب منها...
زيوس : أرتميس ابنتي..
(تتوقف أرتميس عن الغناء, تستمر بضرب أوتار القيثارة ضربات عابثة هادئة..)
زيوس : أرتميس لم أعرف بمجيئك إلى هنا, لو أرسلتِ من يعلمنا بقدومكِ لما تركتُ القصر ولو للحظة و لكنت استقبلتكِ بما يليق بلهفتي لرؤيتكِ, كم مر من الوقت على رؤيتي لهذا الوجه الذي أحب..؟!
( يحاول أن يقبّل رأسها)
أرتميس( تضع القيثارة جانبا,تسحب نفسها قليلا): أنا لست أرتميس التي كنت تعرف كي أنتظر منك الاستقبال الذي كنت أعرف...
زيوس: أرتميس يبنتي دعينا من كلام العتاب هذا, كلما  أحصى الفرد على الآخرين أخطائهم بحقه كلما أزداد عتمة ذلك الفاصل الذي يعزله عنهم والعزلة كما تعرفين استحضار مبكر لتابوت الموت وملئه بأغصان المسرات الخضراء المقتطعة , قبل أوانها, من أشجار الحياة..! انظري إلى نفسكِ يبنتي, أنظري إلى أي درك من الشقاء هبطتِ بها..
أرتميس : ما أكرم الموت إذ يهب النسيان الأبدي وما أوفر حظ المشمولين بهباته..! كم أحسد الفانين على مزية الموت, حياة بلا ارتقاب للموت كطعام بلا ملح ما أبئسنا نحن الخالدون ضائعون بين تفريط في التمتع بملذاتنا كما يجب حين يوهمنا خلودنا بأنها لن تنقطع و إفراط بالجزع من مصائبنا من أول لحظة حين يقنعنا خلودنا بأنها لن تنقضي...!
زيوس :  وهل الإله إله بغير خلوده ؟! أي جنون أملى على لسانك كلام كهذا يبنتي ؟!
أرتميس : هه آلهة...! بدأت أشك باستحقاقنا للقب الآلهة..! أي إله هذا الذي لا يتميز عن عابديه إلا بلعنة الخلود ؟!
زيوس(باستغراب): أرتميس؟!
أرتميس: الخلود كمالٌ لأزهار العقل فقط أما هذا المزيج من الشهوة والغضب والعقل والمكر, المزيج الذي نشابه به أولئك الفانين فما الخلود معه إلا لعنة تفسد الثمار وتجعل الآفات أكثر فتكا..! خذ نفسك مثالا, خلود أبدي, خوف أبدي على العرش,صراع أبدي بين ما تريد أن تكون عليه وما يجب أن تكون عليه..!
زيوس: اهدئي أرتميس..!  نار الغضب على العكس من كل نار لا تخمد إلا بنار مثلها لذلك يلجئ الغاضب إلى تحطيم أعز ما يملكه من تحف كي يخمد بمنظر تهشمها نار غضبه التي تجري في هشيم روحه..! وما أرى حديثك هذا إلا تحطيما لأعز ما تملكين من تحف فدعي أحاديث الخلود هذه الآن..
أرتميس : غضب؟! أي غضب هذا الذي يستمر لكل تلك السنين بلا انقطاع ولا للحظة واحده..؟! الغضب يا حكيم غليان لحظي للماء الذي يتخلل طينة الجسد, وآرائي التي سمعت وليدة النضج بالتجارب لا لقيطة خلفتها نزوة غضب عابرة..!
زيوس : أعرف أن الغضب غليان لحظي فقط ولكنه قد يستمر بتجدد ذكرى النار المسببة للغليان...!
أرتميس : إذن أنت لا تنكر أنك سبب لوجعي القديم وأن رؤيتك تجديد لذلك الوجع...!
زيوس : ليس المهم هو اعترافي برؤيتك لي سببا لأوجاعك من عدمه لكن المهم هو أن طفلتي الصغيرة ترى أباها سببا لذاك, وإن كانت الخطوة الأولى ببداية صفحة جديدة جاءت منها بقدومها لقصري لكني أعدها ببذل كل الجهد لتعويضها عما سلف...
أرتميس : ومن قال إن قدومي إلى هنا هو من أجل إضافة فصل الغفران لفصول قصتي معك..؟!
زيوس ( يستفهم ): ؟!
أرتميس : الانتقام كغنيمة الحرب بالنسبة للأنثى كل عضو فيها يطالب بحصة معينة من الغنيمة..! بعد أن قصرت يدي لكل هذه السنوات عن الوصول إلى حصتها للانتقام منك هرع كل من سمعي وبصري للارتواء من العرض الذي أنتظر أن تظهر فيه ضعيفاً أمام برومثيوس اليوم, فقد سمعت إن هرقل استطاع تحرير برومثيوس وإنك دعوته اليوم للحضور إلى قصرك لتسديد ثمن حريته ببوحه للسر الذي أرعبك وعيده لكل تلك السنين..!
زيوس (بغضب) : أرتميس ؟! كونك ابنتي لا يبيح لك التطاول عليّ بهذه الطريقة..
أرتميس : وكونك أبي لا يبيح لك التنصل عن ظلمك لي بهذا الصراخ...
زيوس : أنتي من اختار معدن القيد وأنتي من أدرتيه  حول معصميك...
أرتميس : وأنت من رمى مفاتيح قيدي لفم البحر وأنت من أردف الضربة بالضربة على عكازي الواهن الذي اخترتُ أن يتكأ خلودي عليه...
زيوس : ومنذ متى أصبحت العذرية الأبدية في نظرك عكازا واهنا ..؟!
أرتميس : منذ أن تساقط زغب طفولتي..
زيوس : ولكنك ولدتِ كشجرة لا كبرعم أم نسيتِ ؟!, أنكرت طفولتك حين حذرتك من نهاية ما أقدمتِ عليه وألبستي قرارك ثياب النضج الفضفاضة التي بقي يتعثر بها إلى اليوم..
أرتميس : طفل اليوم هو ناضج الأمس وناضج اليوم هو طفل الغد, نحن كالأزهار تماما يقينها من كمال يومها لا يزحزحه إلا نمو حلقة جديدة من التويجات في غدها..
زيوس : اعترافكِ المتأخر اليوم لا يصحح أخطاء وهم الكمال بالأمس...
أرتميس : أعترف بحماقات طفولتي ولكن كان باستطاعتك استخدام القوة في منعي عن تقديم نفسي كآلهة عذراء لمجلس الآلهة أو بالأقل إقناع المجلس بعدم أخذ كلامي على محمل الجد بدلا من مباركة خطوتي والافتخار بها كما فعلت, على الأب أن يهدي طفله سيفا خشبيا إذا ما رآه راغبا  في اللعب بسيوف الكبار..!
زيوس : لو لم يكن لقدمك الصغير موضعا في وحل الحكم آنذاك لشغل مكانك أحد التيتان الذين لو كان لأحد منهم مقعدا في مجلس الحكم لاستطاع أن يذيب جميع مقاعدكم في بوتقة واحدة ليصنع منها عرشا يتربع عليه..!
أرتميس : إذن أنت تعترف بأنك كنت مُرحِبا بأن أكون الدمية العذراء المكملة لأثاث حكمك...!
زيوس : قيد العذرية الأبدية خير من قيود التيتان التي كان من الممكن أن نركع أمامها جميعا لو سمحنا لأحدهم أن يشغل مكانك في مجلس الآلهة..!
أرتميس : إذن أنت سلبتني بسمة الإناث و أجمل ما يملكن من أحلام ومسختني على هذه الهيئة فقط لأكون قطعة صماء في درعك الحجري الذي يختبئ خلفه صدرك في صراعك  مع التيتان...
زيوس : كل شيء كان بملئ إرادتكِ...
أرتميس : كم أتمنى أن أرجع لحياتي لأحرق تلك اللحظات التي ناديتك بها بكلمة أبي..
( يغرق زيوس بصمته بينما تمتد أنامل أرتميس لقيثارتها, تمسكها من جديد وتسند رأسها المتعب إليها)
ثوان من الصمت...))
زيوس : أرتميس بإمكاني أن أصلح الأمور الآن...
( لا جواب من أرتميس )
زيوس : أرتميس...
( يدخل هيرمز مسرعا)
هيرمز : سيدي لقد وصل برومثيوس...
زيوس : نعم, نعم أدخله بسرعة...
(يسارع زيوس للجلوس على عرشه, أرتميس تراقب المشهد بصمت...
يدخل برومثيوس وقرا مهيبا و هيفيستوس خلفه مباشرة, يدير برومثيوس نظره في قاعة القصر, يبتسم...)
برومثيوس: كبرت الحملان التي كانت غارقة في معدة خرونوس لتصير خرافا...
هيفيستوس ( يهاجم برومثيوس ) : برومثيوس.!
زيوس : هيفيستوس..!
( يشير زيوس آذنا لبرومثيوس بالجلوس )
زيوس ( لهيفيستوس و هيرمز ) : انصرفا الآن...
( يخرجان)
برومثيوس ( لأرتميس ) : عمكِ الكهل برومثيوس يستطيع إذا نظر للطفل أن يرى فصول دموعه وابتساماته المسطرة في رواية عمره, هه كنت أعرف التراجيديا التي ستؤول إليها ابتساماتك وشغبك الطفولي, اقتربي يبنتي, اقتربي...
( تنهض أرتميس , تجلس في صف المقاعد المقابل لمجلس برومثيوس )
زيوس : دعك من أحاديث الذاكرة برومثيوس واترك لنا بسمة الاحتفال بمقدمك إلينا..
أرتميس : من يضع في أقفاص ذاكرته البلابل يشتاق إلى سماع شدوها من حين لآخر على العكس ممن يملؤها بالأفاعي...
برومثيوس ( يبتسم ) : لا تكوني قاسية على أبوكِ, زيوس هو فقط كمن ينتظر جوهرة لُفت إليه ببعض طبقات من القماش فمن المؤكد أن يعوزه الآن الصبر على الوقوف عند كل طبقة من القماش و التأمل بها..! يريد الوصول إلى جوهرته بسرعة...
زيوس : أفضل استخراج اللؤلؤ من قذارات المحار بسرعة...
برومثيوس : ولكن هذه القذارات هي من أحال حبة الرمل المستجيرة بها إلى لؤلؤة تؤمها الأبصار...
أرتميس : أتسائل أحيانا إذا ما كسرنا حبة اللؤلؤ فهل سنجد حبة الرمل البائسة لا تزال تختبئ في داخلها أم ماذا ؟!
برومثيوس ( يضحك ) : لم أجرب كسر حبة لؤلؤ مغرورة بجمالها قبل اليوم...
زيوس ( يتكلف الابتسام ) : أتصور أن حبة اللؤلؤ تزداد صلابة مع الأيام إلى أن تتحصن بحصن الاستحالة عن أنامل الكسر, عندها يكون الضرر من نصيب الأنامل التي تحاول اقتحام الحصن فقط..!
برومثيوس : لكل حصن نقطة ضعف ما يجهلها أهل القلعة أنفسهم وهي ذاتها ستكون نقطة النهاية التي توضع آخر سطور تاريخهم إذا ما وقعت في يد أعدائهم...!
زيوس : كلامك هذا لا ينطبق على من بنى أسوار قلاع حُكمه بيده يعرف كيف ولم وضع كل حجر بهذا المكان دون ذاك...!
برومثيوس : أسوار الحكم كصف الأشجار قد يكون متراصا في أول غرسه لكنه بمجرد أن ينمو ويرتفع سيمتلئ الصف بالثغرات الناتجة عن تباعد بعض الأغصان عن بعضها الآخر...!
زيوس : إذن فعلى الحاكم الجيد أن يملئ تلك الثغرات بسمعه وبصره إذا ما أراد الخلود لحكمه...
أرتميس ( لزيوس ) : إذا كنت قادرا على ملئ كل الثغرات في أسوار حكمك فعلامَ ركعت أمام برومثيوس تستجديه البوح بالثغرة التي سيتسرب منها ماء خلودك, أرى أيكما أعلى مكانا الآن( تشير إلى عرش زيوس ) وإن كان مجلسك أكثر ارتفاعا من مجلس برومثيوس..!
زيوس ( بغضب ): أرتميس..! ( ثوان من الصمت )  لم أطلق برومثيوس من أجل البوح بنبوءته ولكني لم أَ..لم أشأ أن يبقى أسيرا أكثر مما كان...! ثم إني لست مهتما لسماع شيء ما منه..
برومثيوس ( ينهض ): إذن فأنا أقدم لك شكري لفك قيودي, سأنصرف الآن...
زيوس ( بغضب وارتباك ): برومثيوس أجلس..! ( بهدوء مفتعل )  لك عهد مع هرقل و هيفيستوس ليس بمقدوري منعهم عن الانتقام لأنفسهم إذا ما اكتشفوا أنك كنت تكذب عليهم...!
( يجلس برومثيوس, يضحك )
أرتميس ( تبتسم ): العظيم هو فقط من يستطيع البقاء واقفا بين فكي نهايته فهناك نكتشف الكثير من المهرجين ممن كانوا يمثلون العظمة..
زيوس (بغضب ): أرتميس ؟! كفى...
برومثيوس : عجيب أمرك زيوس ألم يكفكَ سلبك لأرتميس ثمار أنوثتها كي تحاول سلبها حق الكلام الآن؟! أتعرف ما سيفعله قدر الماء إذا ما وضع فوق النار مغلقا بلا أي منفذ يتأوه منه؟! ثم لا تخف ليس بنيتي أن أخبئ عنك النبوءة أكثر...
زيوس : تكلم إذن ولا تطل الحديث...
برومثيوس : زيوس ما رأيك لو قلت لك أن من سيجر نجمك من قرنيه لعالمه السفلي هو أحد أبناءك ؟!
زيوس : إذن هو غصن آثر أن ينتهل من ملح ظهري فقط ولم يسق من ماءه العذب, لا أفكر لحظة واحدة في مسألة الإبقاء عليه...
أرتميس : أكنت تفكر هكذا عندما خططت مع أخوتك للقضاء على حكم أبيكم خرونوس ؟! أم إن العرش صار كمرآة قلب مفاهيمك كما قلب صورتك وأقنعك بعكس كل مما كنت تؤمن به حين أطلت الوقوف أمامه...
زيوس : أرتميس قاطعي كلامنا هكذا مرة أخرى لتجدي نفسك خارج هذه القاعة..
 برومثيوس : دعك من أرتميس الآن وأكمل إجابات أسئلتي,قلي و ما رأيك لو قلت لك إنك من ستهدم عرشك بنفسك ؟! هه قد يتبين أن جذع الشجرة ذاته لا ينتهل من طيب الأرض غير الملح...
زيوس : برومثيوس ما من وقت لأحاجيك الآن...
برومثيوس : ما من أحاجي زيوس بالنسبة للسؤال الأول فواضح إن النبوءة تقول أن أحد أبناءك هو من سيقلب هرمك كما فعلت أنت مع أباك خرونوس بالضبط...
زيوس : من تقصد ؟! آرس ؟! هيفيستوس ؟! لا,لا ليس هيفيستوس ..! آرس, آرس أليس كذلك ؟!
برومثيوس ( يبتسم ) : لا أشك أنك بكلمة واحدة مني الآن سترسل بأي أحد من أبنائك المخلصين لحكمك إلى زنازين العالم السفلي, ألا يجب على إله حكيم مثلك أن يتأكد مما سمعه قبل أن يطلق سهام شكّه ؟! من يدريك قد أكون واشيا لا غير ؟!
أرتميس : الجلوس على العرش نوم طويل لا يرى فيه النائم من حوله بما فيهم أهله وأحبته غير دروع وقوائم للعرش لا يتردد ولو للحظة بأبعاد الدرع الضعيف أو الساق التي قد ينقلب العرش بسببها دون النظر إلى من يكون هذا المبعد...
زيوس ( ينهض ): كفى ما سمعته من ترهات لحد الآن...
برومثيوس : أجلس زيوس أبنك الذي ذكرته لك لم يولد بعد, لو ولد لكان كل كلامنا الآن تحصيلا حاصلا لا أكثر..
( يجلس زيوس وعلامات الذهول مرسومة على وجهه ,ثوان من الصمت )
زيوس : أفصح عن مغزى سؤالك الثاني, هو ما يشغل بالي الآن, كيف سأهدم عرشي بنفسي..
أرتميس : الخوف محرقة الحكمة, مع قليل من الحكمة يفهم أن إجابة السؤال الأول ستخرج من رحم إجابة السؤال الثاني...
برومثيوس ( يبتسم ): هه
زيوس (يستفهم ): ؟!
أرتميس : الابن الذي سيكسر صولجانك ويسلبك عرشك هو نتاج حب لأنثى ما تعيشه الآن أو ستعيشه عما قريب , وبهذا الحب ستقتل نفسك بنفسك...
برومثيوس : حب يعيشه الآن..
زيوس : ثاتيس ؟!
أرتميس : امممم إذن ما يدور من كلام حول حب زيوس العظيم لثاتيس كان صحيحا...
برومثيوس : والآن أصبح العلاج واضحا..
أرتميس : طعنة محكمة لقلبك تجعل من دمه طلاءً جديدا لعرشك الفخم هذا...
برومثيوس : قد تكون مؤلمة قليلا...
أرتميس : لا, لا هو أحكم من أن يبخل على عرشه الغالي بقلبه , هه مجرد قلب لا غير سيجد غيره قريبا..
برومثيوس : أيه صديقي القديم ستحس قليلا بالألم الأبدي الذي سببته لابنتك أرتميس...
زيوس : كفى, كفى, كفى أرجوكم...
أرتميس : لا برومثيوس لا شبه بين تغيير مجرى النهر وتجفيف منابعه...! ستلقى أنهار زيوس مصبات غير ثاتيس...
( ثوان من الصمت )
زيوس : ثاتيس..
برومثيوس : نعم, ثاتيس...
زيوس : لم , لم أرغب بأنثى قط كرغبتي بثاتيس...
برومثيوس : عندما ترغب نفسك بارتشافة من كأس ما وتمنيك به كما لم تمنيك بكأس من قبل فاعلم إن علقم نهايتك هو الجزء الممتلئ الذي تراه في ذاك الكأس, إذا أردت بقاء عرشك فاكتف بالجزء الفارغ من كأس ثاتيس..( يضحك )
زيوس ( بهستيرية ): هيفيستوس, هيفيستوس...
( يدخل هيفيستوس )
زيوس ( لهيفيستوس ) : تقدم أتظنني اشتقت لرؤية مشيتك العرجاء أحمل ( يشير إلى برومثيوس ) غراب الشؤم هذا إلى هادس, أريد أن يحترق لسانه بالنهر المؤدية إلى العالم السفلي قبل أن تغيب شمس هذا اليوم , لا تقف هكذا تحرك...
( يعم الاضطراب القاعة, تقف أرتميس مذهولة )
برومثيوس ( بهدوء ): تمهل هيفيستوس, وأنت زيوس أجلس..أجلسوا جميعا, من يرى نهايات الآخرين لا تصعب عليه رؤية نهاية, لا تظنوا إني كنت جاهلا بمخططكم لإفراغ قارورة صدري من النبوءة التي تنتظرون كي تلقونها فارغة لأفواه عذابات العالم السفلي, اجلسوا ففي تلك القارورة التي تتصورن إنها فارغة الآن أمر آخر, عظمته هي ما جعلني أوافق على المجيء هنا...
هيفيستوس : هه نبوءة أخرى تطلقها كحبل تأمل أن نرميه لك يوما ما نستخرجك به من ظلمات منزلك الجديد..!
برومثيوس : احتفظ بتفسيراتك لنفسك هيفيستوس, ما سأقوله الآن ليس له ترجمة للغات الحديد والمراجل والنار...!
زيوس : هيفيستوس, انتظرنا خارجا...
هيفيستوس ( يتمتم ) : سأنتظر حتى المشهد الذي سأجرك به من ذيلك نحو دهاليز العالم السفلي..
( يخرج )
( تجلس أرتميس ونظرها مثبت على فم برومثيوس, يجلس برومثيوس ويتبعه زيوس بالجلوس )
برومثيوس : ما سأقوله ليس نبوءة كما ادعى ابنك الحاذق,هو أمر لا زالت رؤيته ضبابية حتى بالنسبة لي...! هه عندما ندقق النظر في الظلام فلا بد أن نكتشف خيطا أو خيطين من النور..! كنت أظن أن أسرك لي شرٌ محض حتى إذا أفلتت يدي من باب الأمل بالحرية التي كانت معلقة به وجدت نفسي وسط وحدة وهدوء أبديتين...
زيوس ( يقاطع برومثيوس ): أهذا هو الشيء العظيم ؟!
أرتميس : أكمل برومثيوس...
برومثيوس : هه كن صبورا زيوس..نعم انتهيت إلى تلك الوحدة الأبدية المظلمة التي لم يكن لي بها قمر غير عقلي, عقلي فحسب..! قمر كنت أراقب أنواره وهي تتوغل يوما بعد يوم إلى مسافة أبعد في ذلك الظلام الذي كانت تغمرني أمواجه إلى أن جاء اليوم الذي رأيت خيوط النور من عقلي تنتهي من حجب الظلام وتتوغل وسط حجب أخرى, حجب من نور محض..!  كانت حجب النور أصعب وأعصى على الاختراق من حجب الظلام لكني وصلت على كل حال إلى تلك المنطقة المبهمة التي لا زالت ضبابية بعض الشيء..! المنطقة التي ما إن انتهيت لها حتى وجدت نفسي وسط دوامة من التساؤلات والشبهات تعصف بكل ما عرفته سابقا من يقين وثابت ومقدس..!
أرتميس : وما الهدوء الذي انتهى إليه عصف شبهاتك ؟!
برومثيوس : نحن الذين ننعت أنفسنا آلهة يعوزنا الكمال الذي ينضوي تحت ما يعرّفه هذا النعت..!
( تبتسم أرتميس )
زيوس : إذن الطائر الذي سلطته على كبدك أخطأ وجهته والتهم عقلك وها أنت عدت من أسرك كي تبشّر بجنونك..!
برومثيوس ( يبتسم ): كل إله منا يملك كمالا لخصلة ما لكنه كمال لخصلة واحدة فقط..! في ذلك الضباب أحسست بوجود من يملك جميع كمالاتنا المتفرقة, قوي,حكيم, جميل,قاس,رحيم هه لا أنكر أني أحببته وإن كنت لا أزال أجهله, لا أزال أجهل هل إنه واقع أم فكرة لا غير...
زيوس : كنت أظن أن الخرف مقتصر على الفانين فقط, يبدو أن عدواه وصلت إلى الآلهة أيضا..
أرتميس : برومثيوس شي مشابه لما  قلته الآن خطر في بالي بعد أن كرهت كل شيء وثرت على كل شيء وقبل قليل كنت أحدث به هذا الذي يتهمنا بالخرف الآن...
برومثيوس : أها بعد أن ثرتي على كل شي..!, يبدو أن كؤوسنا مملوءة بماء آسن ونحتاج أن نفرغها تماما قبل أن ننتظر امتلائها بماء المطر النقي..!
زيوس : كان كأسك ممتلئ بعلم حوادث المستقبل وها أنت أفرغته لتملئه بالجنون برومثيوس...
برومثيوس : إله الجميع لا بد أن يملك كمالات الجميع ويتنزه عن نقائص وضعف الجميع, هكذا هو الإله وإلا فمن العقل أن تظل كلمة إله أسما بلا مسمى...
أرتميس : هذا بالضبط ما كنت أحدث به زيوس قبل قليل نعم مثل هذا فقط من يكون له الخلود كمالا..
زيوس ( يبتسم بسخرية ): لا أظنك محتاجة لإفراغ كأسك أرتميس فهو قد أقسم على الفراغ الأبدي, أعرف أن لا غاية لكِ الآن غير ملئه بأي يقين كان..
( تنهض أرتميس, تحاول أن تقول شيئا ما, تختنق, ترجع إلى مكانها, تعاود أناملها ضرباتها العابثة على أوتار القيثارة )
برومثيوس : بذاءتك هذه دليل ضعف جانبك...
زيوس : ضعف تجاه ماذا ها؟! جنون أسير وتمرد عانس..
برومثيوس : ضعفك هو يقينك بأن هذا الكمال المحض إذا ما تجلى للعقول يوما ما فإنك ستموت وأنت على عرشك, تموت في عقول الجميع حين تخضع كما يخضعون لذاك الكمال المحض...
( تعاود أرتميس عزف لحنها بذات الإيقاع )
 زيوس : كفى لهذا الحد أنت أول من يجرؤ على زيوس بمجلسه...
برومثيوس : ما يفصلك عن تشظيك تحت أقدام جميع السالكين نحو ذاك الكمال هو لحظة سمو لعقول الفانين فقط, لحظة تحرر من قيد لا أكثر...
زيوس( يصرخ ): هيفيستوس...
( إظلام...إضاءة )
يدخل هيفيستوس ))
زيوس : خذ هذا الخرف علّه يجد عقله الضائع على موائد هادس..
برومثيوس : ستتحولون إلى مجرد أصنام وذكريات فقط ما إن يشرق نور الإله الحقيقي...
( يسرع إيقاع عزف أرتميس )
(هيفيستوس يسحب برومثيوس بقوة )
زيوس : سأرسل بكمالك المحض ذاك ورائك إلى العالم السفلي إذا ما حاول الخروج خارج خواء عقلك...
( إظلام... إضاءة )
يسرع إيقاع عزف أرتميس أكثر ))
برومثيوس : لا تنس كلامي زيوس, ستجد نفسك في يوم من الأيام مجرد أقاصيص تتقاذفها ألسنة الأطفال...
( إظلام...إضاءة )
(يواصل هيفيستوس سحب برومثيوس نحو المخرج )
برومثيوس : ستجدون أنفسكم جميعا في قبضته, لا تنس كلامي زيوس..
( إظلام...إضاءة )
زيوس : أين هذا الذي تسلقت نحوه بجنونك برومثيوس, إنا هنا واقف بانتظاره سترسله صواعقي هو وجميع مجانينه وراءك...
( يسحب هيفيستوس برومثيوس خارجا, إظلام, إضاءة برق, يرتسم الذعر على زيوس, ينظر إلى صولجانه, يتراجع إلى الوراء, الإيقاع السريع لعزف أرتميس مستمر, صوت رعد خفيف, إظلام, صوت رعد قوي يهز المسرح, إضاءة تصاحب وقوع زيوس على الأرض, إظلام )
                                                                                              ستار
                                      النهاية



 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علاء سالم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/19



كتابة تعليق لموضوع : استقراء آلهة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : د . علاء سالم ، في 2011/12/19 .

أعتذر عن وجود "بعض" الأخطاء المطبعية...تحيتي للجميع





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net