صفحة الكاتب : الشيخ صباح الساعدي

في رحاب وليد البيت العتيق ( شهيد جهل الناس ) أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام
الشيخ صباح الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ان اهم ما واجهه امير المؤمنين الامام علي عليه السلام هو جهل الناس والجهل في المجتمع من اخطر الافات التي يعمل على تغذيتها الظالمون والطواغيت والفاسدون  والمنحرفون عن سواء السبيل 

ان عملية ( تجهيل ) المجتمع ترتكز على عنصر أساسي وهو ( تغليب ) الحواس المادية على الإدراك والتعقل والتفكر في ما يجري في المجتمع ومن هنا جاء القرآن الكريم يركز على التعقل وان هذه الحواس المادية هي أدوات نقل المعلومات لا اكثر وان التعقل والتفكر والتدبر هو أساس الحكم قال تعالى 

(( ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون )) 
ولاحظ معي انه تعالى ذكر حاستين للدواب هي السمع والنطق ( الاذن واللسان ) لكن ربطهما ليس في الإدراك المادي الحسي بل في الإدراك العقلي الذهني ( الذين لا يعقلون ) 

وقال تعالى 
(( لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم اضل أولئك هم الغافلون )) 

وهنا نجد ان الله سبحانه قد ثبت وجود الحواس ( لهم قلوب ، لهم اعين ، لهم آذان ) ولكن هذه الأدوات المادية للإحساس وكذلك أدوات الإدراك ( القلوب ) كانت معطلة عن العمل الحقيقي وهو الانتقال الى التفقه الذهني والإدراك الذهني والأبصار للبصيرة من خلال استخدام المعلومات المادية في زيادة المعرفة الذهنية للتمييز 
لقد قرن وجود هولاء ( الغافلين ) وحواسهم الموجودة ( فعلا ) والمعطلة ( عملا ) بوجود نفس الحواس المادية لدى ( الانعام ) الحيوانات فهي موجودة ولكن لا تعمل لان حدود المعرفة الحيوانية هي المعرفة المحدودة في ( ادراك مقومات البقاء ) على قيد الحياة  فقط 
اما الانسان فانه ( أضل ) من الحيوانات لان مقومات المعرفة لديه ليكون خليفة في الارض وبهذه المعرفة ( الكونية ) من خلال تفعيل الأدوات الحسية المادية كما ينبغي فاق حتى ( المعرفة الملائكية ) قال تعالى 
(( وإذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون )) 
ان حدود معرفة الملائكة كانت محدودة في المصالح الإلهية في ( الجعل الخليفتي ) نعم هم ادركوا شيئا خطيرا بل بالغ الخطورة وهو ان الفساد في الارض اخطر من سفك الدماء ولهذا قدموه في كلامهم مع الباري ( من يفسد فيها ) وهو من تقديم الأهم على المهم ( ويسفك الدماء ) ولعلنا نتطرق في مناسبة الى هذا الامر البالغ الخطورة والغائب عن الاذهان في ( سلم أولويات الدولة ) 
تفوق ( الانسان الاول ) لنعبر عنه ( آدم المثال ) على المعرفة الملائكية في التعلم المباشر من الخالق الموجد رب العالمين ( غير المحدود ) قال تعالى 

(( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني باسماء هولاء ان كُنتُم صادقين )) 
وبغض النظر عن ماهية ( الأسماء ) وكيفية ( العرض ) لانه خارج إطار هدف هذه الكلمات كان العجز المعرفي الملائكي  واضحا وجليا قال تعالى 

(( قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم )) 

بات واضحا محدودية المعرفة الملائكية ( لا علم لنا الا ما علمتنا ) والاعتراف بها هو الفضيلة بذاتها لانه أساس التعلم والاكتساب للمزيد ومن هنا يتبين تفوق ( آدم المثال  ) الانسان الاول في المعرفة الانسانية على المعرفة الملائكية التي استحق بها ان يكون ( خليفة الله ) قال تعالى 

(( قال يا آدم أنبئهم باسمائهم فلما أنبأهم باسمائهم قال الم اقل لكم اني اعلم غيب السموات والأرض واعلم ما تبدون وما كُنتُم تكتمون )) 

وبغض النظر عن نهاية الآية الشريفة وما فيها من إشارات خفية لما سيحدث في ( الامتحان التجريبي ) للسجود وتهيئة آدم المثال للصراع مع زعيم الجاهلين ( ابليس )  

في ( اول مناضرة ) علمية بحتة تقوم على أساس المعرفة انتصر الانسان الاول وتفوق فيها على كل الملائكة حتى المقربين منهم اصحاب السطوة جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل عليهم السلام واستحق بذلك ان يكون بهذه المعرفة ( الخليفة عن الله ) 

هذه المعرفة من خلال استخدام تفعيل الحواس بطاقاتها الإدراكية هي المستهدفة في المجتمع 
 وتحويل هذه الحواس الإدراكية التي فاقت بها الملائكة الى ( حواس حيوانية ) فقط للبقاء حيا هو أساس نشر الجهل يقول امير المؤمنين وشهيد جهل الناس الامام علي بن ابي طالب في هذه الموضوعة بالذات نافيا عن نفسه ان يكون كالآخرين الذين تحولت حواسهم حيوانية 

قال الامام عليه السلام 
(( أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش. 
فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات ( كالبهيمة المربوطة ) همها علفها، أو ( المرسلة ) شغلها تقممها، تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها )) 

لهذا كان الامام يدرك جيدا ان حربه الاولى مع الجهل لانه هو الذي يحول الانسان من إنسان الى حيوان بل أضل سبيلا 

قال الامام الشهيد علي بن ابي طالب عليه السلام لكميل بن زياد النخعي رضوان الله عليه 

(( يا كُمَيلَ بنَ زياد، إنّ هذه القلوبَ أوعيَة، فخَيرُها أوعاها، فاحفَظْ عنّي ما أقول لك: الناسُ ثلاثة: فعالِمٌ ربّانيّ، ومُتعلِّمٌ على سبيلِ نجاة، وهَمَجٌ رَعاع، أتباعُ كلِّ ناعِق، يَميلُون مع كلِّ ريح، لم يستضيئوا بنورِ العِلم، ولم يَلجأوا إلى ركنٍ وثيق. )) 

لقد اتضحت خارطة المعرفة وعدمها في هذا التقسيم 

- العالم الرباني 
- المتعلم على سبيل نجاة ( يتعلم ويعمل بما تعلم )
- الهمج الرعاع ( اداة الجهل وقاعدة الهرم الطاغوتي الفرعوني ) كلما ازدادوا كلما استقر حكم الطواغيت والفراعنة 

في احدى حكم الامام علي عليه السلام 

(( لا مصيبة اعظم من الجهل )) 

لهذا كانت نتيجة الحرب الضروس ضد الجهل اول شهيد لها وأعظم من راح ضحيتها امام العلم والعمل امام الفكر والتفكر باب مدينة علم الرسول صلى الله عليه واله 

 مولاي وسيدي 

( ابو الحسن علي بن ابي طالب عليه السلام فهو شهيد جهل الناس ) 

والعراق اليوم يعشعش فيها الجهل الذي تزرعه أيدي شر خلف لشر سلف جيلا بعد جيل 

فهل نحن مدركون ؟ 

اعظم الله اجركم بمصاب امير المؤمنين علي بن ابي طالب امام العلم والمعرفة 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ صباح الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/04



كتابة تعليق لموضوع : في رحاب وليد البيت العتيق ( شهيد جهل الناس ) أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net