صفحة الكاتب : جسام محمد السعيدي

بعد تحذيرات المرجعية لسنين من خطر التقسيم: البرزاني يستنجد بالسيستاني والأخير يًذكّره بمصير مظلم لمن لم يستمع لصوت الحكمة
جسام محمد السعيدي

حملت عبارات خطبة المرجعية الدينية العليا ليوم الجمعة 13 تشرين الاول 2017م، رداً حكيماً غير مباشر على دعوتها للتدخل من قبل رئيس حكومة اقليم كردستان العراق لانقاذهم من نتائج التهور الذي أقدموا عليه، بإقامة استفتاء غير شرعي لفصل شمال لعراق عن باقي أجزاءه.

ففي الوقت الذي قال فيه نيجيرفان بارزاني في بيان صحفي له يوم الجمعة "نطالب اية الله علي السيستاني وجميع الاطراف العراقية والمنظمات المدنية والامم المتحدة واميركا والاتحاد الاوروبي والدول الأعضاء في الحرب على داعش واعضاء مجلس الأمن والدول الجارة بالتدخل وان يكون لهم دور لإبعاد المنطقة من حرب جديدة".

واوضح رئيس حكومة الشمال العراقي أن "اندلاع الحرب في المنطقة ستؤدي الى تقوية داعش والمنظمات الارهابية الأخرى في المنطقة"، مضيفا أن "نتائج اندلاع الحرب ستكون خطيرة جداً".

في هذا الوقت، كانت المرجعية قد سبقته بالتحذير، ونبهت لخطورة تهورهم، وهو بكلامه هذا وتحذيراته من خطر الحرب لم يأتي بجديد، لأن المرجعية الدينية العليا قالت ذلك قبل سنتين تقريباً، في 18/12/2015م إذ قالت في معرض حثها العراقيين على التصدي لداعش ومخططات الشر الخارجية:

"المخطّطات المحلّية أو الإقليمية أو الدولية التي تستهدف في النهاية تقسيم البلد وتحويله الى دويلاتٍ متناحرة لا ينتهي الصراع بينها الى أمدٍ بعيد"

 وعادت بعد استفتاء الانفصال غير القانوني وفي خطبتها في 29/9/2017م لتحذر من مخاطر هذه الخطوة على أهلنا في شمال العراق وباقي العراقيين، فقالت:

"وهي تحذر من ان القيام بخطوات منفردة باتجاه التقسيم والانفصال ومحاولة جعل ذلك أمراً واقعاً سيؤدي بما يستتبعه من ردود افعال داخلية وخارجية الى عواقب غير محمودة تمس بالدرجة الاساس حياة أعزائنا المواطنين الكرد وربما يؤدي الى ما هو اخطر من ذلك لا سمح الله، كما انه سيفسح المجال لتدخل العديد من الاطراف الاقليمية والدولية في الشأن العراقي لتنفيذ أجندتها ومصالحها على حساب مصلحة شعبنا ووطننا".

 

وكل ذلك النصح لم يردع التهور لقيادة الشمال العراقي من ارتكاب الأخطاء بحق مواطنينا هناك، وبحق الوطن العراقي عموماً، مستندين على التأييد الصهيوني الظاهر والأمريكي الباطن.

 ولو انتصحوا به، لما وقعوا في الحرج الذي هم فيه الآن، حتى أضحى قادة الشمال العراقي مستنجدين بالمرجعية التي رفضوا كلامها خلال سنين!!!

فلما أحسوا بعظم الخطر جاؤوا يستنجدون بالمرجعية والمنظمات الدولية، لترد المرجعية بشكل غير مباشر من خلال خطاب يرجع بالعقل إلى عِبرة الأمم التي رفضت نصائح حكمائها من الأنبياء والأوصياء والصالحين والعلماء.

 

 فجاءت خطبتها يوم 13/10/2017م حاملة للكثير من المعاني في هذا الإطار، إذ قالت على لسان وكيلها السيد الصافي:

"كان الانبياء (عليهم السلام) يريدون الاصلاح لأممهم، وهم بالنتيجة مصلحون"

مبينةً "ان الانبياء عادة ما يتمتعون بقدرة بيانية خاصة، تكون بها العبارات التي تصدر عنهم مفهومة وواضحة بلسان قومهم، فيحتج النبي المصلح الحكيم المربي على هؤلاء، وتكون عباراته دائما عبارات لا تصبُّ في مصلحته الشخصية، بل بالعكس، فبعض الانبياء يوجد في عائلته من لم يستجب له، وهذا خلاف مصلحته الشخصية، ولكن مع ذلك الحق بما هو حق لا بد ان يُسْحَر به، ولا بد ان يُبيَّن".

وأضاف في مقطع آخر:

"ان الانسان لا بد ان يرجع الى عقله ولا بد ان يرجع الى ضميره وعندما يسمع كلاما معينا لابد ان يراجع هذا الكلام، ولا بد ان يفهمه، خصوصا إذا أتى هذا الكلام من مصلح لا يريد مصلحة نفسة، وانما يريد مصلحتنا، ولا بد ان نتأمل في الكلام ولا بد ان نسمع الحق، فالانسان اذا لم يسمع الحق يفوته، ثم أن هذا الفوت قد يؤدي الى ما لا يحمد عقباه، فالعقل نعمة لابد ان نستثمرها وفق ما فيه مصلحتنا، فلا بد ان نفهم هذا الكلام عندما يأتي من مصلح أو من امام أو من نبي أو من حكيم وما هو اثره علينا، والا ما استفاد قوم نوح وقوم صالح من معاندتهم الانبياء؟!".

 

(وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً ۖ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَٰلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ ۖ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا).


كما أن تركيز المرجعية على مصير غير المنتصحين من قوم نبي الله نوح عليه السلام، يفتح تساؤلات عدة، منها:

هل سيأتي الطوفان على حكومة الشمال العراقي ويتخلص من شرها أهلنا الكرد وباقي مكوناته؟!!
هل كانت خطبة المرجعية لوماً لقادة الاقليم على عدم سماعهم صوت الحكمة والعقل الذي صدحت به المرجعية طوال سنين، وبالتالي فإن هذه بداية الندم؟!!
هل تشمل الخطبة باقي الساسة العراقيين ممن يدفعون بمسعود إلى مشروعه؟!، أو يرومون عمل أمثاله؟!، أو ممن ساهموا بانزلاق البلد إلى هذه الموارد؟!!!
ستكشف الأيام هذه الإجابات وإن كان بعضها واضح لكل ذي لُب...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جسام محمد السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/14



كتابة تعليق لموضوع : بعد تحذيرات المرجعية لسنين من خطر التقسيم: البرزاني يستنجد بالسيستاني والأخير يًذكّره بمصير مظلم لمن لم يستمع لصوت الحكمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net