صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

الغش والخيانة خسارة في الدنيا والآخرة
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسم الله الرحمن الرحيم
 
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) المطففين/ 1-3 
 
(فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)   الأعراف/ 85 .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الأنفال/ 27 
(ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ) يوسف/ 52
حرّم الإسلام الغش وخيانة الأمانة، ونهَى عنهما في جميع الأحوال، سواء أكان في البيع والتجارة، أم في العلم والمعاملات. وقد اهتم الشرع ببيان أضرار مثل هذه السلوكيات المنحرفة ومحاربتها، مُحذراً من اتخاذها سبيلاً ينال بها الإنسان حقاً ليس له، أو لإشاعة الفساد بين الناس وأكل أموالهم بالباطل.
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): "مَن غشنا فليس منّا"، أي أنّ صفة الغش لا تكون في المسلم، وما ذلك إلا لخطورة الغش وفداحة الآثار والتداعيات التي تترتب عليه على مستوى الأفراد والمجتمعات. وفي بيان موقف الإسلام من الغش وأنواعه وبواعثه وآفاته، يا أعزائي معنى الغش كما جاء في القاموس المحيط، أن الغش نقيض النُّصح، وغَشّه: لم يمحضه النصح وأظهر له خلاف ما أضمَر، والخيانة أيضاً نقيض النصح. والخوْن أن يؤتمَن الإنسان فلا ينصح. 
قال النبي (صلى الله عليه وآله): (من غش مسلماً في شراء أو بيع فليس منا). وقال (صلى الله عليه وآله): (ألا ومن غشنا فليس منا). قالها ثلاث مرات (ومن غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه وأفسد عليه معيشته ووكله إلى نفسه ).
 
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): (مر النبي (صلى الله عليه وآله) في سوق المدينة بطعام فقال لصاحبه: ما أرى طعامك إلا طيباً وسأله عن سعره. فأوحى الله عز وجل إليه أن يدس يده في الطعام ففعل فأخرج طعاماً رديّاً فقال لصاحبه: ما أراك إلا وقد جمعت خيانة وغشاً للمسلمين).
 
 
حديث رقم 5415 
كان سفيان يكره هذا التفسير ليس منا ليس مثلنا 
حدثنا الحسن بن الصباح عن علي عن يحيى قال
الحكم على الكتاب بشكل عام : ذكر الإمام أبو داود مصنف هذا الكتاب أن الأحاديث التي في كتابه هي أصح ما عرف في الباب وقال ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح
 
حديث رقم 5414
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ثنا سفيان بن عيينة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاما فسأله كيف تبيع فأخبره فأوحى إليه أن أدخل يدك فيه فأدخل يده فيه فإذا هو مبلول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من غش).
 
الحكم على الكتاب بشكل عام : ذكر الإمام أبو داود مصنف هذا الكتاب أن الأحاديث التي في كتابه هي أصح ما عرف في الباب وقال ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح
 
والخيانة في كل شيء قبيحة، وبعضها شر من بعض، وليس مَن خانك في فلسٍ كَمَن خانك في أهلك ومالك وارتكب العظائم. وعليكم أن تراقبوا الله قبل كل شيء ، و أن تعلموا أن روحكم التي بين جنبيكم هي بيد الله ، أنفاسكم التي تتردد في صدوركم هي بيد الله ، فاتقوا الله و لا تجعلوا الله ينظر إليكم و أنتم تعصوه .
تذكر أن الأمانة سوف تنصب على جنب الصراط ، و لن يجوز عليه إلا من كان أمينا ، و الغش ينافي الأمانة كل المنافاة 
أسأل الله أن يسهل على أبناءنا ، و أن يحميهم من الغش و الخيانة ، و أن يأخذ بنواصيهم لما يحب و يرضى .
 أنواع الغش والخيانة:
هناك ألوان كثيرة للغش والخيانة جميعها محرَّمة في الإسلام، ولعلّ أكثرها شيوعاً ما يرتبط بأعمال التجارة والبيع والشراء. ففي حين أن العمل وطلب الرزق من أهم الأمور التي حَثّ عليها ديننا الإسلامي الحنيف، والتجارة من المهن التي يمارسها الناس منذ القِدَم، بغرض التكسُّب والحصول على الرزق المشروع، وهي من أفضل طُرق الكسب وأشرفها، إلا أن الغش في التجارة خيانة للأمانة وللمسلمين، سواء أكان الغش في النوع والجودة أم في الميزان والمكيال. والتوجيهات الإسلامية التي تحذّر من الغش في التجارة كثيرة، منها قوله تعالى : أعلاه في الآيتين ..
فعلَى المسلم أن يَصدق في بيعه وشرائه، وأن يتجنب الغش والخداع والتدليس والبخس في المكيال والميزان حتى يبارك الله في ماله ويوسع له في رزقه.
ومن ألوان الغش التي ترتبط بالأعمال، أخذ الرشوة وقبولها، وهو يُعدُّ خيانة لِمَن ائتمن الإنسان على أداء عمل مُعين. وقد ورد في كتاب المصباح ، أن "الرشوة"، بالتشديد والكسر، ما يعطيه الشخص غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد، وجمعها رِشاً. وقبول الرشوة مقابل تسهيل معاملات الناس أو إبطال حق أو إحقاق باطل خيانة. لذلك لعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم ) الراشي والمرتشي. فعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): "لعنة الله على الراشي والمرتشي". كما أن الغش في معاملة الناس بتعطيل مصالحهم خيانة لهم ولِمَن وكّله وائتمنه على عمله أو إدارته.
ومن أنواع الغش والخيانة، إفشاء السر، وهذه ظاهرة منتشرة للأسف في المجتمعات العربية والإسلامية، علماً بأن الإسلام نهَى عنها بكل الوسائل، فكم من إظهار سر أراق دم صاحبه ومنع من نيل مطالبه، ولو كتمه لكان من سطوته آمناً ومن عواقبه سالماً، ولنجاح حوائجه راجياً. فلذلك من واجب المسلم ألاّ يفشي أسرار الناس، فقد يُلحق بهم الضرر.
وعدم النصح لِمَن قصد الإنسان وائتمنه في استشارة أو نصيحة، يُعتَبَر خيانة، لأن الناصح في هذه الحالة لم يبذل للمنصوح محض النصيحة، وهو يعرف أن هناك نصيحة أفضل منها، لكن بسبب الغيرة أم الحسد لم يعطه النصيحة الخالصة، والرسول(ص) يقول: "المستشار مُؤتَمَن ". ويروى أن : "المجالس أمانات".
ومن الناس مَن يخون في المال والأهل، كَمَن تأتمنه في مالك فتقرضه، رغبة في تنفيس كربة من كرب الدنيا، فلا يرده إليك، فهذه خيانة للأمانة. ومن الناس مَن يخون الرجل في أهله أو الجار في أهل جاره، وما ذلك من أخلاق الإسلام في شيء.
ـ من آفات وأضرار الغش والخيانة
إنّ الغش والخيانة لهما آثار ضارة وخطيرة تَطَال الفرد والمجتمع، فهما على الصعيد الشخصي، يجعلان صاحبهما في خسارة في الدنيا والآخرة، وحسبُ مَن يُقدم على الغش والخيانة براءة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) منه، حيث يقول (صلى الله عليه وآله وسلم): "مَن غشّنا فليس منّا".
كما لا يخفَى على أحد، مقت الناس الغاش وكراهيتهم التعامل معه، علاوة على التعاسة النفسية التي يعانيها، حيث يعيش بين الخوف من الجُرم الذي فعله ويفعله والعذاب الذي ينتظره، كما يشعر بأن ما حصل عليه من مال وجاهٍ ليس بجهد المخلص الأمين، إنما جاء بخيانة وغش، فيشعر بالنقص والدُّونيّة أمام الأمناء المخلصين من المسلمين. والغش أيضاً سبب في محق البركة بسبب كسب الحرام من ورائه.
أما على مستوى المجتمع والأمة ككل، فإن الغش خيانة للأمانة وضياع للأمّة، وسبب لإضعاف الثقة بين المسلمين، وإيجاد الشحناء، لِمَا يترتب عليه من ظلم الآخرين، وذلك بالتعدي عليهم بغير حق. وكذلك تسبب الخيانة زرع البغضاء بين الناس، فهي إن كانت في إفشاء الأسرار، فهي تسبب الخصام والفراق بين الناس، وإن كانت في البيع والشراء، فهي تغرس الحقد والبغضاء، وإن كانت في مسؤولية أو سُلطة، فقد تولد الشر والدمار.
ـ توجيهات علاجية
إنّ الخيانة كبيرة وأمرها عظيم وشرها مستطير على الفرد والمجتمع.
وقد حذّر الله تعالى منها فقال عز وجلّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)   الأنفال/27. ) 
وقال تعالى على لسان زوجة عزيز مصر (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ)  يوسف/ 52 
كما ورد في السُنّة المطهّرة قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا إيمان لِمَن لا أمانَة له، ولا دين لِمَن لا عهد له". وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان".
ولمواجهة داء الغش والخيانة في ما يلزم على المربّين والوعّاظ، العمل على تذكير أولئك الذين قلّت أمانتهم وتفشّى الغش فيهم، وأحبوا الدنيا على الآخرة، واستهانوا بالناس وبأماناتهم بعواقب الغش وويلات الخيانة، وبأنهم بذلك إنما يخونون الله ورسوله ويخونون أنفسهم.
ويلزم لِمَن ابتُلي بشيء من داء الغش أو الخيانة، أن يجتهد في تعليم نفسه الصبر وتعويدها عليه، لأنّ الصبر صَمام الإعفاف وطريق لتحمُّل الفاقة وشظف العيش، من دون اللجوء إلى الخيانة في جلب المال واكتساب المنافع . قال تعالى 
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة: 155/ 156 /157
ويُعتبَر النقد الاجتماعي، من الوسائل العلاجية الناجعة في مثل هذه الحالات، لأن النقد يؤثر في مَن في نفسه شيء من الغش أو الخيانة. وفي سبيل ذلك لابدّ أن يُسهم المجتمع في إلقاء الضوء على خطورة تلك الخصال الذميمة، في المحافل والخطب ووسائل الإعلام والمؤسسات الاجتماعية. فلعلّ ذلك يزيد من أثر النقد الاجتماعي المؤلم المبني على النصح المباشر . وأدعوكم يا أحبه 
أخي الكريم أختي الكريمة:
تذكر قول الرسول صلى الله عليه و سلم : ( من غش فليس منا ) رواه البخاري 
لاحظ أن الرسول قال : ( من غش ) ليشمل كل صور الغش ، كبيره و حقيرة ، 
في المواد الشرعية أو الأجنبية ، فكل ذلك داخل في الحديث. 
فهل ترضي أن يتبرأ منك النبي صلى الله عليه وآله و سلم.
أي خير ترتجي إذا تخلى عنك الرسول صلى الله عليه وآله و سلم و أعلن البراءة منك.
تذكر أنك بمجرد أن تفكر في الغش فقد تخليت عن أهم صفة يجب أن تتحلى بها في هذا العلم.
ألا و هي الإخلاص لله ؛ و ذلك لأنك بتفكيرك في الغش؛ يكون همك هو المكسب و الغنى فقط ، و هل تدري أي خطر في هذا ؟ 
إن هذه الأموال التي تجنيها وتخزنها ؛ أن كانت من مال الدنيا فقد ضيعت على نفسك أعظم الأجر .."والآخرة خير وأبق "
وحتى إن كانت في بعض العلوم شرعية ( كالفقه و التوحيد ..) وهي مما يجب ابتغائها لوجه لله ، و لو طلبها العبد لغير الله فيخشى عليه أن يكون من أصحاب هذا الحديث : ( من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا لغرض نمن الدنيا زائل ، لم يرح رائحة الجنة). 
يا لله ؛ لم يرح رائحة الجنة! 
و أعظم من ذلك كله ، أنك جعلت الله أهون الناظرين إليك. 
نعم جعلت الله الذي ( يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور ) أهون من المراقب.
كم من متشوق لو وقف حاسب نفسه وقلبه الذي بجواره لأصبح قلبه يرتجف ، و أوصاله تضطرب ، و العرق يتحدر من جبينه.
و لكن إذا ابتعد التفكير والإحساس جاءت النظرات ، و جاءت المحاولات للغش و الخداع.
أو ليس حاله يقول:
يا رب أنت عندي أهون من هذا !!! أنت الرقيب يا رب !!.
يا رب أنا أخشاك أعظم و أكثر من خشية عبادك يا رب.
تذكر 
أن وساطة التي تحصل عليها و التي سوف تتوظف بها هي حرام لأنك أخذت مكان غير الذي يستحق المكان والخبرة ، و بالتالي فسوف يكون الراتب الذي تأخذه حراما.
سوف يكون مالك من حرام ، و سوف تغذي أبناءك بالحرام ، و زوجتك بالحرام . 
 
و هنا نقطة لا بد من التنبيه عليها : 
ألا و هي أن بعض الناس يقول : أنا لا أغش ، و لكن أغشش غيري ، وهذا أهون . 
فأقول : لا والله ليس بأهون بل هو أخطر . 
فإنك إذا غششت ثم تبت فانك سوف تصحح ..... لكنك إذا غشّشت غيرك ، ثم تبت أنت من ذلك ، فأني لك أن من غششته سوف يتوب ، أنى لك أن تصحح ...... أنى لك أن توقف أكله للحرام. 
و نقطة أخرى : أن البعض يرى غيره يغش و لا يحرك ساكنا ، بل ربما قال : هذا ليس من شأني ، فأنا و الحمد لله لا أغش .
و هذا في الحقيقة شيطان أخرس ، لأنه رأى منكرا و لم يغيّره .
و الواجب عليه أن ينصح ذلك الطالب ، فإن لم يستطع فيجب أن يبلغ الجهات المختصة ، و أن لا تأخذه في الله لومة لائم ، و لا يخش إلا الله .
 
ــ الكسل و ضعف الشخصية : 
فترى كثير من الطلاب يرى زملائه من بداية العام و هم يجدون و يذاكرون و يهيئون أنفسهم للامتحان الأخير ، و هو لا هم له إلا اللعب و المرح.
فإذا ما جاءت الامتحانات النهائية تراه يطلب المساعدة ، و يطلب النجاح و لو كان على ظهور الآخرين و لو كان ذلك بالغش.
إن الغش هو حيلة الكسول ، و هو طريق الفاشلين.
وهو دليل على ضعف الشخصية حيث أن الذي يغش لا يجد الثقة في نفسه بأنه قادر على تجاوز الامتحانات بنفسه و جهده و استذكار دروسه لوحده ، و من ثم الإجابة معتمدا على مذاكرته.
الخوف من الفشل:
فإن الخوف من الفشل و الخوف من الرسوب يسبب قلقا مستمرا لكثير من الطلاب مما يجعلهم يلجئون إلى الغش كسبيل للنجاة.
 
ـ آثار الغش :
أن الغش كما قلت له أشكال متعددة ، و يدخل في مجالات شتى ، و لكن من أخطر أنواع الغش هو الغش في الأمور التعليمية ، و ذ لك لعظيم أثره و شره ، فلا شك أن الغش ظاهرة خطيرة و سلوك مشين.
و الغش له صور متعددة ، و أشكالا متنوعة ، ابتداء من غش الحاكم لرعيته ، و مرورا بغش الأب لأهل بيته ، و انتهاء بغش الخادم في عمله.
 
و من ذلك :
ـ أنه سبب لتأخر الأمة ، و عدم تقدمها و عدم رقيها ، و ذلك لا ن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم و بالشباب المتعلم ، فإذا كان شبابها لا يحصل على الشهادات العلمية إلا بالغش ، فقل لي بريك : ماذا سوف ينتج لنا هؤلاء الطلبة الغشاشون ؟ 
ما هو الهم الذي يحمله الواحد منهم ؟ 
ما هو الدور الذي سيقوم به في بناء الأمة ؟ 
لا شيء ، بل غاية همه ؛ وظيفة بتلك الشهادة المزورة يأكل منها قوته و رزقه . 
لا هم له في تقديم شيء ينفع الأمة ، أو حتى يفكر في ذلك.
و هكذا تبقى الأمة لا تتقدم بسبب أولئك الغششة بينها.
و نظرة تأمل للواقع : نرى ذلك واضحا جليا ، فعدد الطلاب المتخرجين في كل عام بالآلاف و لكن قل بربك من منهم يخترع لنا ، أو يكتشف ، أو يقدم مشروعا نافعا للأمة ، قلة قليلة لا تكاد تذكر.
أن الغاش غدا سيتولى منصبا ، أو يكون معلما و بالتالي سوف يمارس غشه للأمة ، بل ربما علّم طلابه الغش.
أن الذي يغش سوف يرتكب عدة مخالفات –إضافة إلى جريمة الغش – منها السرقة ، و الخداع ، و الكذب ، و أعظمها الاستهانة بالله ، و ترك الإخلاص ، و ترك التوكل على الله..
أن الوظيفة التي يحصل عليها بهذه الشهادة المزورة ، أو التي حصل عليها بالغش سوف يكون راتبها حراما ، و أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به.
 
ـ علاج الغش
لاشك أن خطبة واحدة ، بل خطب لن تقاوم هذا المنكر العظيم. 
لذا كان لا بد من تعاون الجميع في مقاومة هذه الظاهرة ، كل بحسب استطاعته و جهده. 
فالأب في بيته ينصح أبنائه و يرشدهم و يحذرهم بين الحين و الآخر.
و المعلم و المرشد في المدرسة و الجامعة كل يقوم بالوعظ ، و الإرشاد.
بل لابد من تشكيل اللجان التي تدرس هذه الظاهرة و أسبابها و كيفية العلاج لها. 
و لكن سوف اذكّر ببعض الأمور التي أرجو من الله أن تكون سببا في الحد من هذه الظاهرة.
 
ثم اعلم أن للغش مضارً عظيمة وإليك بيانها في الوقفة التالي : 
 
الوقفة الثالثة : مضار الغش
من مضار الغش: 
ـ الغش طريق موصل إلى النار 
. ـ دليل على دناءة النفس وخبثها، فلا يفعله إلا كل دنيء نفسٍ هانت عليه فأوردها مورد الهلاك والعطب 
. البعد عن الله وعن الناس 
. أنه طريق لحرمان إجابة الدعاء
. أنه طريق لحرمان البركة في المال والعمر
. أنه دليل على نقص الإيمان
. ـ أنه سبب في تسلط الظلمة والكفار، قال لابن حجر الهيثمي: "ولهذه القبائح- أي الغش- التي ارتكبها التجار والمتسببون وأرباب الحرف والبضائع سلط الله عليهم الظلمة فأخذوا أموالهم، وهتكوا حريمهم ، بل وسلط عليهم الكفار فأسروهم واستعبدوهم، وأذاقوهم العذاب والهوان ألواناً 
 
وكثرة تسلط الغرب على الشرق بالأسر والنهب، وأخذ الأموال والحريم، إنما حدث في هذه الأزمنة المتأخرة لمّا أن أحدث التجار وغيرهم قبائح ذلك الغش الكثيرة والمتنوعة، وعظائم تلك الجنايات والمخادعات والتحايلات الباطلة على أخذ أموال الناس بأي طريق قدروا عليها، لا يراقبون الله المطلع عليهم "
 
وقد حذّر نبي الله شُعيب- عليه السلام- قومه من بخس الناس أشياءهم والتطفيف في المكيال والميزان كما حكى الله عزّ وجلّ ذلك عنه في القرآن.
 
وكذلك حذّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغش وتوعّد فاعله، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر على صُبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً. فقال: (( ما هذا يا صاحب الطعام؟ )) قال: أصابته السماء يا رسول الله. قال: (( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني )) وفي رواية (( من غشنا فليس منا )) وفي رواية (( ليس منا من غشنا )) [رواه مسلم] 
 
فكفى باللفظ النبوي "ليس منا" زاجراً عن الغش، ورادعاً من الولوغ في حياضه الدنسة، وحاجزاً من الوقوع في مستنقعه الآسن.
 
إننا يا أخي في حاجة شديدة إلى عرض هذا الوعيد على القلوب لتحي به الضمائر، فتراقب الله عزّ وجلّ في أعمالها، دون أن يكون عليها رقيب من البشر. 
 
ونعمه ما قيل وصدق القائل:
ولا ترجع الأنفس عن غيِّها *** ما لم يكن منها لها زاجر
 
ولا يكن مثلنا في معالجة هذه الظاهرة، وغيرها من الظواهر المدمرة في المجتمع- كمريض بالزائدة الدودية يحتاج إلى مبضع الجراح..فتعمل له كمادات ساخنة عساها أن تخفف الألم.. إن المريض سيموت قبل أن التفكير في استدعاء الطبيب !!
 
وإليكم يا أعزه وقفات مع ظاهرة الغش بعد ما علمت ما رُتب عليه من الوعيد 
 
تعريف الغش
"الغش ما يخلط من الرديء بالجيد" 
"الغش المحرم أن يعلم ذو السلعة من نحو بائع أو مشتر فيها شيئاً لو اطلع عليه مريد أخذها ما أخذ بذلك المقابل".
"الغش سواد القلب، وعبوس الوجه، ولذا يطلق الغش على الغل والحقد"
 
الوقفة الثانية: مظاهر الغش
إن التأمل في واقع كثير من الناس ليجد أنهم يمارسون صوراً من الغش في جميع شؤون حياتهم ومن ذلك. 
 
أولاً: الغش في البيع والشراء: 
وما أكثره في زماننا في أسواق المسلمين!! ويكون الغش فيهما بمحاولة إخفاء العيب، ويكون في طرق أخرى كالغش في ذاتية البضاعة أو عناصرها أو كميتها، أو وزنها أو صفاتها الجوهرية أو مصدرها، كما حدد ذلك نظام مكافحة الغش التجاري الصادر بمراسيم قوانين الدول.
وإليك طرقاً من مظاهر ذلك على التفصيل : 
ـ بعض البائعين للفاكهة يضع في نهاية القفص المعد لبيعه الفاكهة أوراقاً كثيرة، ثم يضع أفضل هذه الفاكهة أعلى القفص، وبذلك يكون قد خدع المشتري وغشه من جهة أن المشتري يظن أن القفص مليء عن آخره، ومن جهة أنه يظن أن كل القفص بنفس درجة الجودة التي رآها في أعلاه. 
ـ وبعضهم يأتي بزيت الطعام ويخلطه ببعض العطور على أن تكون كمية الزيت هي الغالبة وبعضها في عبوات زجاجية ويخرج منها ريح العطر ويبيعه بثمن قليل.
 
ـ وبعض التجار يشتري سلعة في ظرف خفيف جداً ثم يجعلها في ظرف ثقيل نحو خمسة أضعاف الأول، ثم يبيع ذلك الظرف وما فيه، ويوزن جملة الكل، فيكون الثمن مقابلاً للظرف والمظروف .
 
ـ وبعض التجار يخيط الثياب خياطة ضعيفة ، ثم يبيعها من غير أن يبين أن هذا مخيط، بل ويحلف بالله إنه لجديد وما هو بجديد فتباً له!!
 
ـ وبعضهم يلبس الثوب خاماً إلى أن تذهب قوته جميعها ثم يقصره حينئذ ويجعل فيه نشاً يوهم به أنه جديد، ويبيعه على أنه جديد.
 
ـ وبعض العطارين يقرب بعض السلع إلى الماء كالزعفران مثلاُ فتكتسب منه مائية تزيد وزنه نحو الثلث.
 
ـ وبعض التجار وأصحاب المحلات يسعى إلى إظلام محله إظلاماً كثيراً باستخدام الإضاءة الملونة أو القاتمة، حتى يعيد الغليظ من السلع والملابس- خصوصاً- رقيقاً، والقبيح حسناً، زين لهم الشيطان سوء أعمالهم.
ـ وبعض الصائغين يخلط مع الذهب نحاساً ونحوه، ثم يبيعه على أنه كله ذهب.
 
ـ وبعضهم يعمد إلى شراء ذهب مستعمل نظيف، ثم يعرضه للبيع بسعر الجديد دون أن يُنبّه المشتري على انه مستعمل.
 
ـ يعمد بعض البائعين في مزاد السيارات إلى وضع زيت ثقيل في محرك السيارة حتى يظن المشتري أنها بحالة جيدة . 
 
ـ وبعضهم يعمد إلى عداد الكيلو في السيارة الذي يدل على أنها سارت كثيراً فينقصه بحيلة حتى يتوهم المشتري بذلك أنها لم تسر إلا قليلاً.
 
ـ وبعضهم إذا كان معه سيارة يريد بيعها، ويعلم فيها خللاً خفياً، قال لمن يريد شراءها: هذه السيارة أمامك جرّبها إن أردتها، ولا يخبره بشيء عنها.. ولعَمر الله إنه لغش وخداع.
 
ـ وبعضهم يعمد إلى ذكر عيوب كثيرة في السيارة وهي ليست صحيحة ، ويهدف من وراء ذك إلى إخفاء العيوب الحقيقية في السيارة تحت هذه العيوب الوهمية المعلن عنها 
 
والأدهى من ذلك أنه لا يذكر العيوب إلا بعد البيع وتسليم العربون، ولا يمكّن المشتري من فحص السيارة بل ولا يسمح له بذلك.
 
ـ وبعضهم إذا كان معه سيارة يريد بيعها صار يمدحها ويحلف بالله أنها جيدة، ويختلق أعذاراً لسبب بيعها. والله عزّ وجل يعلم السر وأخفى.
 
ـ وبعضهم يتفق مع صاحب له ليزيد في ثمن السلعة فيقع فيها غيره. وهذا هو النجش الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. 
 
ـ ومن الغش في البيع أن يقوم القصّاب- الجزار- بنفخ الذبيحة التي يراد بيعها، ليبين للمشتري أن المنفوخ كله لحم.
 
ـ وبعضهم يعمد في مزاد الأغنام إلى تغذيتها بالملح- وكذلك في محلات بيع الدجاج- حتى يظن المشتري أنها سمينة وهي بخلاف ذلك. 
 
ـ وبعض أصحاب بهيمة الأنعام يعمد إلى صرِّ- أي شد وربط- ضرع ذات اللبن من بهيمة الأنعام قبل بيعها بأيام ليظهر أنها حليب . 
 
وهي ليست كذلك فلا ينطق لها ضَرْعٌ إلا بعد تَضَرُّع!!
 
وأدع لك المجال لتضيف ما خطر في ذهنك من صور الغش في البيع والشراء. وأعيذك بالله إن كنت بائعاً أو مشترياً من الغش والاتصاف بشيء مما سبق .
 
ثانياً: الغش في الزواج 
ومن مظاهر الغش فيه ما يلي : 
 
ـ أن يقدم بعض الآباء للمتقدم لإحدى بناته ابنته الصغيرة البكر، ويوم البناء- ليلة العرس- يجدها الكبيرة الثيب، فيجد بعضهم لا مناص ولا هروب من هذا الزواج. 
 
ـ وبعض الآباء وأولياء النساء يُري الخاطب البنت الجميلة ، ويوم البناء يرى أنها الدميمة القبيحة فيضطر للقبول- إن قبل .
 
ـ وبعض الآباء قد يخفي مرضاً أو عيباً في ابنته ولا يبينه للخاطب ليكون على بينة، فإذا دخل بها اكتشف ما فيها من مرض أو عيب.
 
ـ وبعض الآباء وأولياء البنات إذا طلب منهم الخاطب رؤية المخطوبة- وهو جائز بشروطه- أذنوا في ذلك بعد أن تملأ وجهها بكل الألوان والأصباغ التي تسمى "مكياجاً" لتبدو جميلة في عينيه، ولو نظر إليها دون هذا القناع من المساحيق لما وقعت في عينيه موقع الرضا.
 
أليس هذا غشاً يترتب عليه مفاسد عظيمة في حق الزوج والزوجة؟!
 
ـ وبعض الأولياء يعمد إلى تزويج موليته دون بذل جهد في معرفة حال الخاطب وتمسكه بدينه وخلقه.. وفي هذا غش للزوجة وظلم لها.
 
ـ ومن الغش في الزواج أن يعمد الخاطب إلى التشبع بما لم يعط، فيُظهر أنه صاحب جاه وأنه يملك من العقارات والسيارات الشيء الكثير. بل ويسعى إلى استئجار سيارة فارهة تكلف المئات من الريالات ليظهر بأنه يملك، ولا يملك في الحقيقة شيئاً 
 
ـ ومن الغش كذلك أن يعمد بعض الناس إلى تزكية الخاطب عند من تقدم لهم، ومدحه والإطراء عليه وأنه من المصلحين الصالحين، مع أن هذا الخاطب لا يعرف للمسجد طريقاً 
فكفى- أيُّها الأحبة -غشاً وخداعاُ يهدم البيوت، ويشتت الأسر 
 
ـ ومن الغش ما تقوم به بعض النساء- وخاصة الكبيرات- من الفَلَج- وهو برد الأسنان لتحصل بينها فرجة لطيفة تظهر بها الكبيرة صغيرة، فيظن الخاطب أنها كذلك فإذا تزوجها اكتشف أنها بلغت من الكبر عتياً. وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى 
 
ثالثاً: الغش في النصيحة 
وذلك بعدم الإخلاص فيهان والقصد من بذلها أغراض دنيوية وأغراض دينية، ومن حق الأخُوّة بين المؤمنين أن يتفانى الأخ في نصح أخيه ويمحص له ذلك، فالمؤمنون نَصحة والمنافقون غششة 
 
والمؤمن مرآة أخيه إذا رأى فيه عيباً أصلحه. والنصيحة تكون بكف الأذى عن المسلمين، وتعليمهم ما يجهلونه من دينهم، وإعانتهم عليه بالقول والفعل، وستر عوراتهم، وسد خلاتهم، ودفع المضار عنهم، بجلب النافع لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، برفق وإخلاص، والشفقة عليهم، وتوقير كبريهم، ورحمة صغيرهم، وتخوُّلهم بالموعظة الحسنة، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه 
 
روى الحافظ أبو القاسم الطبراني بإسناده أن جرير بن عبد الله البجلي- رضي الله عنه- أمر مولاه أن يشتري له فرساً، فاشترى له فرساً بثلاثمائة درهم، وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس- وانظر إلى النصيحة: فرسك خير من ثلاثمائة درهم، أتبيعه بأربعمائة درهم؟ قال: ذلك إليك يا أبا عبد الله. فقال: فرسك خير من ذلك أتبيعه بخمسمائة درهم؟ ثم لم يزل يزيده مائة فمائة، وصاحبه يرضى وجرير يقول: فرسك خير إلى أن بلغ ثمانمائة فاشتراه بها. فقيل له في ذلك فقال: إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على النصح لكل مسلم
 
رابعاً: الغش في الرعية 
عن معقل بن يسار المزني- رضي الله عنه- أنه قال في مرضه الذي مات فيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ــ ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة ــ [رواه البخاري ومسلم واللفظ له ] 
 
وأحد لفظي البخاري: ـ ما من مسلم يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة ـ
 
فهذا وعيد شديد يدخل في كل من استرعاه الله رعيّة سواءً كانت صغيرة أم كبيرة، ابتداءً من أفراد الأسرة إلى الحاكم، فيجب على الكل النصح لرعيته وعدم غشهم 
 
فالموظف يجب عليه أن ينصح في وظيفته وأن يؤديها على الوجه المطلوب شرعاً دون غش ولا خداع، ودون تأخير لأعمال الناس ومصالحهم، وليعلم أنه موقوف بين يدي الله عزّ وجلّ. فما ولاه الله عزّ وجلّ هذه الوظيفة إلا ليديم النصح للمسلمين 
 
وكذلك الأب يجب عليه أن ينصح أولاده، وألا يفرط في تربيتهم بل يبذل كل ما يستطيع ليقي نفسه وأولاده من نارٍ وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد 
 
قال أحد الصالحين: "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده وفوَّت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد- رأيت عامته من قبل الآباء "
 
خامساً: الغش في الامتحان 
وما أكثر طرقه ووسائله بين الطلاب والطالبات!! وسبب ذلك هو ضعف الوازع الديني، ورقة الإيمان، وقلة المراقبة لله تعالى أو انعدامها 
 
 
هذا بعض مظاهر الغش تدل على غيرها، وهي غيض من فيض، وقطرة من بحر، ليحيا من حيي على بيّنة ويهلك من هلك على بيّنة 
 
وإلى كل من وقع في صورة من صور الغش ذُكرت أو لم تذكر نقول له: اتق الله يا أخي واستشعر رقابة علام الغيوب، وتذكر عقابه وعذابه { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } الفجر... واعلم أن الدنيا فانية وأن الحساب واقع على النقير والفتيل والقطمير، وأن العمل الصالح ينفع الذرية، والعمل السيئ يُؤثّر في الذرية، قال تعالى: { وَلْيَخْشَ الَّذينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً } النساء.. فمن تأمل هذه الآية خشي على ذريته من أعماله السيئة وانكفّ عنها، حتى لا يحصل لهم نظيرها 
ثم اعلم أن للغش مضارً عظيمة وإليك بيانها في الوقفة التالي: 
 
الوقفة الثالثة : مضار الغش
من مضار الغش: 
ـ الغش طريق موصل إلى النار 
. ـ دليل على دناءة النفس وخبثها، فلا يفعله إلا كل دنيء نفسٍ هانت عليه فأوردها مورد الهلاك والعطب 
. البعد عن الله وعن الناس 
. أنه طريق لحرمان إجابة الدعاء 
. أنه طريق لحرمان البركة في المال والعمر 
. أنه دليل على نقص الإيمان
. ـ أنه سبب في تسلط الظلمة والكفار، قال لابن حجر الهيثمي: "ولهذه القبائح- أي الغش- التي ارتكبها التجار والمتسببون وأرباب الحرف والبضائع سلط الله عليهم الظلمة فأخذوا أموالهم، وهتكوا حريمهم ، بل وسلط عليهم الكفار فأسروهم واستعبدوهم، وأذاقوهم العذاب والهوان ألواناً 
وكثرة تسلط الكفار على المسلمين بالأسر والنهب، وأخذ الأموال والحريم، إنما حدث في هذه الأزمنة المتأخرة لمّا أن أحدث التجار وغيرهم قبائح ذلك الغش الكثيرة والمتنوعة، وعظائم تلك الجنايات والمخادعات والتحايلات الباطلة على أخذ أموال الناس بأي طريق قدروا عليها، لا يراقبون الله المطلع عليهم
وبعد أن عرفنا أن للغش عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة و في الدنيا تؤخر عجلة التقدم وتهدم السلوك والتربية فعلنا أن نبتعد ونصلح أنفسنا .ويد بيد للتعاون والتآخي لنيل العلا والتقى لتربية النفس ويناء الأوطان والابتعاد عن الغش والسوء والله خير حافظ وهو ارحم الراحمين .
المحب المربي السيد صباح بهبهاني
behbahani@t-online.de

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/08



كتابة تعليق لموضوع : الغش والخيانة خسارة في الدنيا والآخرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : manel ، في 2014/11/24 .

ان هادا النص لفائدتنا و انا شخصيا اسفدت من هادا النص وانا لا اكدب اغش في الدراسة كتيرا و شكرا




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net