في اطار النظرة الواقعية والبديهية، التي لا تحتاج الى كثير من العناء والاستدلال، يمكننا القول ان الحياة اليفة التقلب وأنيسة التحول، فأحداثها لا تسير على وتيرة واحدة، فقد تجلب الرضا للأنسان حينا وتورث له السخط حينا آخر، وهذه هي فطرة الله التي فطر عليها الوجود، وأيا يكن من امر فعلى الانسان ان يدرك ان كل شئ وضعه الله تعالى في هذه الحياة .
الالم وجد من اجل سعادة الانسان ورفع درجة تكامله وادراكه، ولأتمام نضجه ووعيه، فالصعاب التي تعتري حياتنا لها ثمار، اذا ما احسنا التعامل معها وصمدنا بوجهها، فهي ما يهذبنا ويربينا ويعيد تشكيل وعينا، ويزيد من مهاراتنا ويلهم عزائمنا ويحرك إرادتنا، وهي بعد تورق في حنايا روحنا الرضا، بما قدر تعالى وحسن الظن بصنعه، والرجاء فيما يأتي منه من خير عميم .
فليس من الصحيح ان ينظر المرء الى حياته من زاوية واحدة، ويتقوقع في حدود دائرة ضيقة، او يضع على عينيه نظارات سوداء تعتم عليه رؤية مابين يديه، من نعم ومنح إلاهية قبال ملمة ألمت به، من هنا وهناك بل يجب عليه ان يجعل الله مد بصره، وان يتصالح مع حياته لا ان يستسلم للشدائد اذا ما حلت بساحته، او يدع القنوط يستولي عليه .
فلابد له من تحمل المشاق ومواجهة الرزايا، بما اعطاه تعالى من قدرات ومهارات كبيرة وهائلة، بغية التمكن منها والتغلب عليها، واجتيازها بثبات، حتى يظفر بما يليق به كونه خليفة الله في ارضه، ففي جوهر الامر ان المصائب والبلايا كلها نعم عظيمة والطاف كبيرة تقتضي العرفان، وتستوجب الشكر له تعالى .
فعلينا ان ندرك ان كل شئ يصبح جميلا، عندما نريد ان نراه جميلا وكل شئ يبدو قبيحا، عندما نريد رؤيته كذلك، فنحن سادة افكارنا وصناعها، ومايعين كون النعمة نعمة واقعا، والنقمة نقمة فعلا يرتبط بنوعية سلوكنا، ورد فعلنا ازاء كل منهما، فالامر مناط بك ايها الانسان فالفرح موجود في اعماق الحزن، ومن رحم المعاناة تولد المسرات، فالضد مخفي في ضده كما يقال .
|