الولاية من الألفاظ المستعملة كثيراً في القرآن على اختلاف اشتقاقاتها، حيث إنها وردت إسماً في 124 موضعاً، ووردت فعلاً في 112 موضعاً من القرآن الكريم.
يقول الراغب صاحب المفردات: كلمة (ولاية) ومواضع استعمالها إنّ (الولاية) بكسر الواو تعني النصر، و(الولاية) بفتح الواو تعني المتصدي, والمهيمن على عمل ما، ويقال إنّ المعنيين سواء، والجامع بينهما معنى التصدي والهيمنة.
قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: (فالمحصل من معنى الولاية في موارد استعمالها هو نحو من القرب يوجب نوعا من حق التصرف ومالكية التدبير.... فالنبي ولى المؤمنين من حيث إن له أن يحكم فيهم ولهم وعليهم بالتشريع والقضاء. والحاكم ولى الناس بالحكم فيهم على مقدار سعة حكومته، وعلى هذا القياس سائر موارد الولاية).
يقول الشهيد مطهري: ولاية الزعامة يعني حق القيادة الاجتماعية والسياسية. أنّ المجتمع يحتاج إلى قائد. فمن يمسك بيده زمام أمور المجتمع، ويدير شؤون الناس الاجتماعية ويكون مسلطاً على مقدراتهم، هو ولي أمر المسلمين. كان رسول الله(ص) في حياته ولي أمر المسلمين، وكانت هذه الولاية قد منحت له بأمر من الله تعالى، ومن ثم إلى أهل بيته بدلائل كثيرة غير قابلة للإنكار. من ذلك الآية الكريمة: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}. وكذلك الآيات الأول من سورة المائدة، وحديث غدير خم الشريف، وعموم الآية الكريمة {إنما وليكم الله} وعموم الآية الكريمة: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}. ليس هناك أي خلاف بين السنة والشيعة في أنه كان للنبي شأن كهذا، وأنه كان مقاماً إلهياً، أي أنه كان حقاً أعطاه الله له، ولم يكن تفويضاً من الناس. إنّ إخواننا من أهل السنة يتفقون معنا إلى هنا.
صفات الولي في القرآن الكريم:
1- تنصيب الولي من الله تعالى بشخصه أو بصفاته: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}.
2- التنصيب ليس على أساس المال والوراثة وإنما على أساس اصطفاء الله وتمتعه بالعلم والقدرة والحكمة: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
3- الولي من صنف الأنبياء والأوصياء والفقهاء: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء}.
وظائف الولي في القرآن الكريم:
1- الزعامة الدينية: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.
2ـ الزعامة السياسية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.
3- استشارة الرعية في أمور الحكم: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ}.
4- التعامل بلين ورحمة مع الرعية: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ}.
5- أخذ البيعة لله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.
الولاية المنفية في القرآن الكريم:
حذر القرآن الكريم المسلمين من منح ولائهم لغير المسلمين، فالقرآن صريح في هذا بقوله: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ}، و{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ اليهودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}.
|