منذ بزوغ فجر البشرية وانتقال المجتمعات في إدارة أحوالها من مرحلة إلى أخرى وصولا إلى النظم السياسية الحديثة، فإن الحياة السياسية لا تخلو من حاكم يدير أمور الرعية وبيده زمام السلطة وتقابلة معارضة تعترض على كيفية إدارتة للأمور وتحاول بكافة السبل ومنها اللجوء للخيار العسكري أحيانا للإطاحة به، حيث إن الفكر السياسي للحاكم يختلف بشكل كبير عن الفكر السياسي للمعارضة، لأن الحاكم يحاول وبكل ما أوتي من قوة أن يثبت أركان حكمه من خلال القوة تارة، ومن خلال الحوار والإستماع إلى من يخالفه في الرأي والوقوف عند المشتركات وتجاوز الاختلافات تارة أخرى.
ولكن الطرف المقابل وهم المعارضة فلا يملكون غير إبراز سلبيات الحاكم ونقده بأستمرار وإقناع الشعب بعدم صلاحيتة للحكم.
إن الواقع السياسي العراقي وعلى مدار القرن المنصرم أفرز ثلة سياسية تدير الحكم وعادة ما يكون المسلمين الشيعة هم من المعارضة، ففي مرحلة من الزمن كان انتقاد الحاكم بواسطة المرجعية الدينية وجمع من المثقفين ومن لديهم باع في المجال السياسي ولكن الكلام فقط لا يلبي حاجات الناس وتغيير أحوالهم ونتيجة للضرورة القصوى فقد أخذت المعارضة الشيعية شكلا آخر تمثل بالمعارضة المسلحة ضد النظام البعثي، وبعد احتلال العراق عام 2003 وما أفرزته الإنتخابات من وضع سياسي جديد لم يعرفه العراق من قبل تمثل بحكم الأغلبية وهم الشيعة في مقابل أقلية وطنيه أخرى تتكون من كافة مكونات الشعب العراقي، ولكن ما يؤشر من خلل على سياسة الأغلبية خلال السنوات الماضية أنهم ما زالوا يفكرون بفكر المعارضة في تعاملهم مع شركائهم في الوطن ودول الجوار كذلك .
إن الأغلبية الشيعية إذا ما أرادت أن تثبت أركان حكمها وتبسط سيطرتها وتحكم العراق عليها أن تتعامل على المستوى الوطني بروح احتضان الآخرين وتستخدم سياسة الأخ الأكبر معهم ولا تفسح لهم أي ثغره في اللجوء إلى خارج الحدود وطلب دعم الدول الأخرى وأن تعمل حثيثا على تشجيعهم لغرض ترتيب أوضاعهم الداخلية وزرع الثقة في نفوسهم وتطمينهم بأن مصلحتهم مع الأغلبية في الداخل وليس مع من هم خارج سور الوطن وزرع حب وحدة العراق في دواخلهم ، أما على المستوى الدولي فلابد من جعل سياسة الحياد وعدم الدخول في سياسة المحاور أساسا في التعامل الدولي إضافة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والسعي نحو الانفتاح على كافة الدول سواء على المستوى الاقليمي والدولي فسياسة عداء الدول وتوجية التهم إليها وصرف الوجه عنها سياسة فاشلة ، فالنجاح يكمن في زيارة كافة الدول والجلوس على طاولة الحوار وحل المشاكل معهم بطرق سلميه وشرح وتوضيح ما التبس عليهم من أمر .
وبين ذلك وتلك نؤكد على ضرورة إجتماع العراق على مشروعا وطنيا جامعا مانعا يجمع كافة أطيافه ويطمئن الجميع ويتجاوز سلبيات المرحلة السابقة ويسير نحو بناء الدولة بعيدا عن المماحكات السياسية المقيتة.
|