لابدّ من العزلة والصمت بين الحين والآخر على أدنى تقدير ؛ ففي العزلة نستعيد التوازن ، وفي الصمت نستجمع الأفكار .. بل نلوذ بالسكون حيناً كي نستريح شوطاً من هذا" الصراع الطفولي" العقيم المعشعش في نوادينا،الآخذ بقضم أحاسيسنا وتخريم عقولنا، حتى انتفخت أوداج الانتقام في ذواتنا كأنّنا في معركة تقرير مصير آخرتنا ودنيانا .
بمن نلوذ ؟ نبحث وكأنّنا ندور في حلقة مفرغة ، فنعود " للمربّع المقدّس " لفقدان الملاذ الملموس ، إلّا ماشذّ وندر في " زمكان " القحط المحسوس .. ناهيك عن القواطع المانعة من التواصل المطلوب .
كنّا ولازلنا في " جدلٍ بيزنطي" نوعي ، ففينا - مثلاً - صراعٌ محتدم بين الكسرة والفتحة - بين العِبرة والعَبرة - والمناوىء الغادر الحقود في زحفٍ دمويٍّ باطش ، مشارف على الأبواب ، حتى كاد أن يخترقنا ويذلّنا في عقر دارنا لولا النوايا الخالصة والدعوات الصادقة والمعارف السابرة في عمق القيم والإيمان ، التي لاذت بأقطاب عالم الإمكان ، فرشحت نفحةً إلهيّةً خلّصت الأهل والديار من العائثين في الأرض الفساد والطغيان ..
العلم والثقافة والمناهج والأفكار والإصلاح والتغيير ديدننا ، الشعائر والأدعية والزيارات والتوسّلات ديدننا.. لانأخذ بهذا دون ذاك .. كلاهما ساريان في ألبابنا وأفئدتنا مسرى الدم النابض في الشريان مدى الحياة .
فلتخرس أبواق الفصل بين الكسرة والفتحة أبداً ؛ فهما " عجينةٌ " خبرٌ ، مبتدؤهما " الحقّ " الشامخ رفعاً ، الموّار نطقاً وحركةً وإن لازم الصمت والسكون حيناً .
|