لماذا الاهتمام بالجانب النظري في تفسير التطرف الديني ؟ و الحديث كان و لا زال عن الجماعات السلفية الجهادية ( داعش و أخواتها ) : لأنها متنوعة ؛ الأفراد في هذه الجماعات متنوعون ؛ اجتماعيا و ثقافيا ؛ و التنوع هذا يخطط لبعد أفقي في التفسير و آخر عمودي ، يتمثل ما نطلق عليه بالتفسير الأفقي بالعوامل الايكولوجية ( التبيؤ البشري ) ، و العوامل السياسية و الثقافية والاقتصادية و التعليمية و النفسية
يطرح فؤاد إبراهيم في كتابه ( من النجدي إلى البغدادي ) سؤال مهم : ( كيف يتم اقتلاع الأفراد من جذورهم _ البلد ؛العائلة ؛القرية ؛المجتمع ؛التقاليد ؛ العادات ؛الثقافة الخاصة ؛الطقس ؛التضاريس ؛و حتى عادات الأكل و اللبس _ ليتم نقلهم إلى مكان آخر مختلف تماما ، بهدف إدماجهم و صهرهم في مجتمع آخر في طور التشكل ، و فق تقاليد ، و عادات ، و أزياء ؛ و شعارات ؛ و تشريعات ؛ و علم ؛ و ثقافة ؛ و نظام حياة ؛ و ربما عادات في الأكل و اللبس جديدة ... السؤال : كيف يمكن لأفراد من جنسيات مختلفة من أرجاء العالم الاندماج و الانسجام في مثل هذا العالم ؟ كان لا بد من هوية جديدة جامعة ، و لا يمكن تصنيع مثل هذه الهوية سوى بتوفير عناصر تنطوي على قدرة فائقة على تحقيق هدف مزدوج ، الشعور بالتميز على مستوى الذات و التمايز الشديد عن الآخر ، و هو ما يصنعه التكفير بوصفه عامل نبذ و إقصاء لكل ما هو غيري ، و الذي يسبغ عليه أمين معلوف اسم ( الهويات القاتلة )
و استنادا إلى سؤال فؤاد إبراهيم المتقدم ، و الذي سيتموضع عندنا بالتفسير الأفقي ، ما هي النظرية التي تشكل الهوية التي بمقدورها أن تجمع كل هذا التنوع ؟ و هذا هو ما نطلق عليه بالسؤال الأفقي ؛ و أفقية التفسير تستلزم بحث العوامل المتعددة كعوامل ثانوية للعامل النظري
يتمثل التفسير الأفقي البحث في العمق للمناهج و النصوص المشكلة للمقولات العملية لهذه الجماعات ، و مهما كانت الفلسفة المعلنة لهذه المقولات ، ينبغي تجاوزها و الولوج إلى أصولها المنهجية و النصية ، فمشروع تحكيم الشريعة وقتل الكفار و المشركين و تغيير الأنماط الثقافية ، نتائج لنظرية نعتقد من غير اكتشاف أصولها النظرية و تفكيكها ، لن يتسنى لنا إيقاف قدرتها على الاستمرار و التقدم . |