لم يشهد أَيُّ بلدٍ في العالم عمليَّات تهجير وإِبعاد قسريَّة بشَكلٍ متكرِّر ومتواصل كما شهدها الْعِراقِ! وذلك بسبب السِّياسات التَّمييزيَّة والعُنصريَّة والطّائفيَّة التي ظلَّت تحكمهُ مع تعاقب الأَنظمة السِّياسيَّة!.
لقد ظلَّ قانون الجنسيَّة كالسَّيف المُسلَّط على رؤوس الأَكثريَّة تحديداً [الشِّيعة] فكُلّما شكَّلت حركاتها وانتفاضاتها وثوراتها ومطاليبها خطراً على النِّظام السِّياسي الطَّائفي! فعَّل النِّظام قانون الجنسيَّة ليُبادر الى إِبعاد وتهجير أَعدادٍ كبيرةٍ منهم، وفيهم مراجع الدِّين العُلماء والفُقهاء والتجَّار وأَصحاب الكفاءات وكذلك الطَّلبة والكسبة وغيرهم! ولقد شهِد الْعِراقِ أَكبر عمليَّة تهجير قسري في العام ١٩٨٠ عندما أَسقط الجنسيَّة وصادر الأَموال المنقولة وغَير المنقولة لمئات الآلاف من العوائل العراقيَّة بحجَّة التبعيَّة كما أَسلفنا! وقد شمِل القرار آلاف مؤلَّفة من الكُرد الفيليَّة! وقبل تهجيرهم عمد نِظامُ الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين الى حجزِ شبابهِم ويُقدَّر عددهُم بعشرات الآلاف لتتمَّ تصفيتهم جسديّاً فيما بعد وبطرُقٍ شتَّى منها زجِّهم في ساحات الأَلغام إِبان الحَرْبِ العراقيَّة الإيرانيَّة ليتمَّ فتحها وتطهيرَها بأَجسادهِم!.
وإِذا أَمعنَّا النَّظر جيِّداً فسنلحظ أَنَّ العراق شهِد منذُ تأسيس الدَّولة الحديثة بداية القرن الماضي عمليَّات تهجير وإِبعاد قسريَّة لشرائحَ شتَّى كلَّ عقدٍ من الزَّمن! فالعراق هو البلد الوحيد مثلاً الذي شهِد عمليَّة إِبعاد قسريَّة لليهود من بين كلِّ دُوَل المنطقة! على الرَّغمِ من أَنَّ يهود الْعِراقِ هم من أَقدم مكوّناتهِ بَعْدَ الآشوريِّين والكلدان والصابئة المندائيِّين! بعد أَن أُسقطت مواطنيَّتهم واحتُجزت أَموالهم المنقولة وفُرهدت ممتلكاتهم! فيما لازالت كل دُول المنطقة الأُخرى تحتضن اليهود بما فيها الجمهوريَّة الاسلاميَّة في إِيران التي لهم فيها ممثِّل في مجلس الشُّورى الاسلامي [البرلمان]!.
واستمرَّت عمليَّات التَّهجير والنُّزوح القسري لتشمل هذه المرَّة المسيحيِّين على وجه التَّحديد وشرائح أُخرى بسبب الارهاب الذي تمدَّدت فقاعتهُ في عهدِ [القائد الضَّرورة] عندما كان مشغولاً بالحرب على جبهة [الثَّالثة] تحت شعار [بعد ما ننطيها]!.
لقد كان الأَملُ أَن يتغيَّر الواقع فيعود المواطنون كلُّهم من الدَّرجة الأُولى بعد سقوط نِظامُ الطَّاغية الذَّليل إِلّا أَنَّ الذي حصل هو أَنَّ الحُكم الجديد إِستمرَّ على نَفْسِ المنْهَجِ وكرَّس نَفْسِ السِّياسات ولكن هذه المرَّة رُبما ليس على أَساس الدِّين والمذهبِ والإثنيَّة وإِنَّما على أَساس الولاءات الشَّخصيَّة والحزبيَّة التي تعتمد بالدَّرجة الأُولى على مدى قربِ أَو بُعدِ المُواطن من القائد الضَّرورة وكذلك يعتمد على مدى طاعتهِ أَو عصيانهِ لعجلٍ سمينٍ أَو لصنمٍ مصنوعٍ من الخشبِ أَو التَّمر!.
طبعاً السَّبب كما هو واضحٌ وقد أَقرَّهُ الواقع والمُمارسة وعلى مدى السَّنوات الـ (١٤) الماضية، أَلا وهو تخندُق الأَحزاب الحاكمة وتحديداً [العِصابة الحاكمة] بالطَّائفيَّة والعُنصريَّة إِذ تبيَّن أَنَّ إِنتماءهُم الوطني ضعيفٌ جدّاً إِن لم نقُل معدوماً بالأَساس عندما أَثبتوا بأَنَّ ولاءهُم لخارجِ الحدودِ أَكثر من ولائهِم لوطنهِم!.
أَقولُ هذا وهو يشملُ زُعماء كلِّ المكوِّنات وليسَ مكوِّنٌ دونَ آخر! إِلّا من خرجَ بدليلٍ {وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ}!.
*يتبع
١٣ نيسان ٢٠١٧
لِلتّواصُل؛
E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com |