دعونا نجمع همومنا و نقتسم رغيفها سوية .
دعونا ننصت جيداً لأولئك المهمومين الذين يطلون عبر الفضائيات.
دعونا نتمعن في المرأة المهلهلة الحال وهي تصرخ و تخلع شالها أمام الفضائية، و تنتف شعرها بوضع هستيري، احتجاجاً على ما تتعرض له من عسف و حرمان و جوع و امتهان. و الساسة باجمعهم في شغل شاغل عما يجري في الشارع .
أي شغل يشغلكم أيها الأحبة ؟ يا من تكرمت عليكم أمريكا و قدّمت لكم العراق على طبق من ذهب ؟ فوجدوها باردة مبرّدة .
أي شغل شاغلكم عن هذه و تلك أيها المتصارعون ؟
لماذا يتحمل هذا المراسلون في فضائيات البغدادية و الحرية و الديار و غيرها ، هذه الأمزجة الحادة الناقمة ؟ لماذا الشعب يصرخ ؟
.لماذا أنتم تقيمون ، في كل يوم أمام الكامرات عرضاً بأزيائكم اللامعة و خدودكم المنتفخة، و تصطفون حسب الموقع المرتب ، المهيمن منكم إلى أمام، و الذين هم أقل شأناً إلى الخلف ؟
لماذا أنتم أيها القادة الكرد، تلعبون لعبة ( تعاركوا اثنين من بخت الثالث) و تنتظرون أن تصفو الصافية؟ تذكروا .. كيف كان يتضامن الشعب العراقي بكل مكوناته المتآخية جنباً إلى جنب . و كيف يقاتل جنباً إلى جنب على قمم و سفوح جبال كردستان . ليتذكر الجميع ذلك . لا المضي نحو أمل مجيء حكومة عراقية مركزية هزيلة لغاية قومية ضيقة ، و على حساب الشعب العراقي ، بما فيهم الشعب الكردي .
أعان الله الشعب العراقي. قولوا لي أيها القادة الكرد : الشعب العراقي في ضمائركم غادر إلى أين ؟؟ أما كان الأجدى بكم أن تصطفوا مع الشعب العراقي المرقش بشضايا الإنفجارات و جراحاتها ؟ أما كان هذا ما يزيدكم شرفاً و فخراًو أعتزازاً بذكريات الأخوة .
أتعرفون أنكم ـ أيها القادة الكرد ـ بدلاً من ذلك تضعون السكين في فوهة الجرح العراقي المستضام أضيق الوقت مخافة أن تفلت مغانم أوسع على حساب أغراق الشعب العراقي ببحر من الدماء ؟
هل يرتضي الشعب الكردي لقادته ، و حاشى له ذلك، هذا الموقف المتشفي، المتفرج من فوق التل ؟؟
بكل أسف .. إن الذي يحدث يدمي قلوبنا ، كما لو أن المحن التي تعرض لها الشعب الكردي تدمي قلوبنا آنذاك . أما أنتم ...
كل هؤلاء سقطت ورقة التوت التي لم يبق سواها . و يوما بعد يوم تتوضح هذه اللعبة القذرة التي تلوث بها الجميع على حساب الشعب العراقي المظلوم . فهنيئا لكم أيها السادة ، يا طبقة النبلاء القافزين من بئر القرون الوسطي السحيق إلى القرن الحادي و العشرين .
أنا أستغرب ان العقلاء الشرفاء، لم يعودوا كما كانوا و لم ينفضوا أرديتهم من هذه القذارة الشائنة . و أعني من مسحت قطرة الحياء من جباههم واصطفوا مع الجهات الناكرة لقضايا الشعب و الوطن .
حتى اليوم .. كل الذين يخرجون من أبناء الشعب على الفضائيات و يصرخون و يبكون احتجاجاً- لأنهم لا يملكون سلاحاً غير هذا - يبحثون عن منقذ شريف ، يقود هذاه الجماهير ، الباحثة عن مخرج من هذا المأزق، و ليعبروا الحواجز التي صنعها المتخمون .
ولا نائب واحد - مع شديد الأسف – هزّه ضميره في هذا الزمن الكارثي و نزل إلى الشارع مع هؤلاء و قادهم نحو المنطقة الخضراء.
لماذا ؟ ألم يكن هذا هو واجبكم ؟ أين انتم أيها المتراشقون المطلون من على شاشات الفضائيات.
أين هو موقفكم من الشعب ؟؟ ما الذي تخفونه تحت أرديتكم الأنيقة من ضمائر. ما هذه التنازلات ا لمخجلة لهذا و ذاك ؟ أية كعكعة سوداء تتقاسمونها خارج إرادة الشعب؟
هذه الجماهير تعلن صراحة: أنها تعلن و تطالب القادة الشرفاء على استعدادها للنزول إلى الشارع و الشروع بمسيرات و مظاهرات سلمية إحتجاجاً على ما يجري .
لم يعد للصمت ما يبرره. و الجماهير هي التي قالت ذلك. الشعب تضرر كثيراً و سُرق منه الكثيرا . و هُمّش كثيراً و نُظر إليه بالعين الصغيرة كثيراً . و القادة الجدد الذين ابتلي بهم الشعب العراقي ، المنعمون بما هيأ لهم صدام من بنايات فارهة وما هيّأت أمريكا من رواتب مليونية يضحكون على الذقون.
حتى اليوم لا يلوح شيئاً في الأفق . و لا بعد أيام أو أشهر . إنما هناك ما يقلق .إنما هناك ظلام دامس.
إنما الجيش و الشرطة و الأمن يُنهكون و يضرسون من ما يأكل السادة من حصرم ، و المشتركون في اللعبة يلعبون و يناورون .
من قال لكم أيها السادة : أن القوات المسلحة لم تتذمر. لم يؤلمها ما يحدث للشعب؟ لم يؤلمها لا مبالاتكم بالمصاعب التي يواجهها ذووهم . لا يؤلمها تطاير الأجساد المتناثرة من مفخخات الإرهابيين . لا يؤلمها هذا التضارب في الأقوال عن هروب الأموال .لا تؤلمها هذه البطالة الواسعة؟ . لا يؤلمها ما يطل من شاشات التلفاز من بيوت السردين المعلب .
ماذا نقول بعد ؟ الكلام لا يعد و لا يحصى. خمسمائة و خمسون من القطط السمان تقوم الدنيا و لا تقعد من أجل أحلامهم . و الخزينة مفتوحة على مصراعيها أمام طلباتهم . أما الشعب : فإلى سقر و بئس المصير . و عاشت الديمقراطية العرجاء ذات النمط العراقي ألتي تبيح للإرهابي أن يَذْبح مَن يذبح . وعندما يعتقل يقضي فترة الإعتقال على هواه كفترة استرتحة متنعما بكل مالذّ و طاب . و للمواطن أن يتضوّر جوعاً .
صدام حسن بكل ما يملك من قسوة و دموية - لا رقة تخطر بباله بالشعب - و لكن عند خطاباته يضع إلى جانبه قطع (الكلنكس ) ليجفف دموعه التي هي بلا شك دموع التماسيح ، لكي لا يقال عنه : لا يهمّه سفك دماء أبناء الشعب بأعوام حروبه المدمرة ، لكنه يريد أن يوحي للمشاهد : بأن ما يحدث من عمل شائن يؤلمه . أما القادة الجدد الـ ( 550 ) فكذبهم لا يُلْبس عليه ثوب و عيونهم مالحة .
يا شعب العراق: لقد انقلب السحر على الساحر و سقطت زمرة صدام . أمّا هؤلاء الذين نسميهم بـ ( الكراسويين) نسبة إلى عشاق الكراسي ، فلا همّ لديهم من أجل الشعب .
الشعب العراقي يتطلع إلى منقذ. يتطلع إلى نخبة من الحكماء – من المدنيين و العسكريين - يصدرون بياناً إلى الشعب يعلنون أنهم غاضبون مما يجري . و أنهم لا يرتضون ما يحدث للعراق و شعبه .
و الأحرى بكل القوى السياسية: أن تتذكر بأن التاريخ لا يرحم . و إن عليها أن تتعظ بما آلت إليه تنظيرات و منطلقات صدام ، بقوله المأثور : إن جميع أبناء الشعب العراقي هم بعثيون و إن لم ينتموا . وفي آخر مطافه – حاله حال المغرورين – صفا الجو و لم تعد قبرته تصفر .
و هذا ما ينبغي أن تعيه القوى السياسية : من أن العراق و شعب العراق ليس ملكاً لأحد. و إذا لم يتعظ البعض ، و يضعون العراق في حدقات عيونهم بكونه راسمالهم و ليس الدولار
، فسوف ينبذهم نبذ النواة. و هو مقدم على ذلك مع السيّئين فحذار . |