ليس من طبيعتي ان اتابع برامج التلفزيون ، لكن في بعض ألأحيان اكون مجبرا على متابعة الاخبار والقضايا المهمة ، واثناء بحثي عن مايتعلق بالثورة الليبية المباركة في القنوات الاخبارية تصادف عرض خبرا عاجلا عن ليبيا في قناة الرافدين الفضائية ، اثناء قراءتي للخبر كان هناك لقاءا مع المدعو محمد هارون بصفته كاتبا ومحللا سياسيا عراقيا ، لن اسمع منه خلال دقائق معدودة سوى النيل من العراق والتشفي به وبث مايؤدي الى النعرات الطائفية المقيتة ، كان يتباكى على العراق والعراقيين بدموع لاتختلف ابدا عن الدموع التي تذرفها التماسيح حين تلتهم فريستها ، محمد هارون ومن شاكلته الكثير ممن يظهرون على شاشات مختلفة تبث سمومها في كل وقت وتتحين الفرصة وتختلق الازمات من اجل ان تقول ان العراق ليس بخير ، وانه في مهب الريح .
هنا اريد ان اسأل محمد هارون ، اذا كنت يامحمد تحب العراق وتتباكى عليه وتشعر انه لااحد يقدر على ادارته بعد صدام حسين لعنه الله ولعنك معه ، فلماذا لاتأتي وتشترك في العملية السياسية ؟ لعلك تفوز باصوات المنافقين وتصبح رئيسا للحكومة او لمجلس النواب او أي منصب آخر وعند ذلك ترينا كيف تكون ادارة الدولة .
لحد ألان هناك من يترحم على الأيام الغابرة التي عاشها العراق خلال حقبة صدام ، وقطعا فأنه لاأحد يترحم على تلك الايام سوى من كان مستفيدا ومتنفذا خلالها ، لحد ألان هناك من يقول ان احلام كل العراقيين تلاشت وانتهت ، لكن هل هناك من يستطيع ان يخبرني ، ماهي احلام العراقيين خلال فترة حكم صدام ؟ هل كانت هناك احلام لمواطن عراقي ؟ كل ماكان يحلم به العراقي هو متى يتسرح من الخدمة العسكرية واذا شاء الله وتسرح فيكون حلمه متى ينهي خدمة الاحتياط الى ماغير ذلك من الخدمة في جيش القدس وجيش النخوة وغيرها من الجيوش الصدامية ، ابعد ماكان يحلم به العراقي هو ان يتمكن من اصلاح احد اجهزته الكهربائية العاطلة ، هل ننسى فترة الذل والمهانة التي عشناها خلال فترة حكم صدام ؟ هل ننسى ان 25 غراما من الشاي كانت تعتبر مكرمة كبيرة من القائد الضرورة حين تضاف الى مواد البطاقة التموينية ؟
في تسعينيات القرن الماضي صدر قرارا من مجلس قيادة الثورة المقبور ، القرار كان يقضي بالحبس لمدة ثلاثة سنوات لمن يكفر جهرا ويتعرض للذات الألهية ، وفي ذات الوقت كان من الممكن لمن يدان بتلك الجريمة ان يوكٍل محاميا للدفاع عنه وقد تتم تبرءته ، لكن من كان يشتم صدام حسين فأنه يعاقب بالسجن لمدة لاتقل عن 15 سنة ولربما السجن المؤبد أو الأعدام ولايوجد محاميا واحدا يجرؤ على الدفاع عن متهم في مثل تلك القضية ، لاحظوا الكفر بالله سبحانه وتعالى عقوبته ثلاثة سنوات حبس وشتم صدام جريمة لاتغتفر قد تكون عقوبتها الموت !!!
ملاحظة اخرى لمن لازالوا يترحمون على ايام صدام ، الملاحظة هي ان الدينار العراقي كان يساوي ثلاثة دولارات وبضعة سنتات حين استلم صدام الحكم وحين انتهى حكم صدام فأن الدولار كان يساوي خمسة الاف دينارا عراقيا !!! هل هناك اشد من هذا الدمار الاقتصادي الذي لحق بالعراق ؟ هل هناك حاكما يمتلك من الشرف ولو ذرة واحدة يفعل بشعبه ودولته مافعله صدام بالعراق والعراقيين على حدٍ سواء ؟
لازال البعض يعزف على وتر الطائفية والعنصرية من اجل جر البلاد الى اقتتال طائفي وعنصري ، لاسمح الله بذلك ان شاء الله .
على المتاجرين بقضية العراق من على شاشات مأجورة ممولة من اسرائيل مباشرة مثل قناة الرافدين وغيرها الكف عن تلك المتاجرة فالعراق اسمى من ان يكون سلعة تعرض في مزاد من يدّعون الكتابة والتحليل السياسي والسياسة منهم براء ، عليهم الكف والعودة الى جادة الصواب وان لا يريدوا المشاركة في البناء فعليهم ان لايهدموا مايتم بناؤه بسواعد الخييرين والغيارى من ابناء البلد .
الى كل المتاجرين بدماء العراقيين الطاهرة ، أقول هذا هو العراق ومن كان يحبه وحريصا عليه فليأتي علما ان ابواب العراق مفتوحة لكل العائدين ، من كان يحب العراق فعلا فعليه ان يتكلم كلمة حق او فليصمت الى الابد فلسنا نحتاج لأراء هدّامة لاتغني عن خوف ولاتسمن من جوع .
الجميع يعلم ان البناء يحتاج لجهود ووقت طويل على عكس الهدم ، ومادمنا في مرحلة البناء فمرحى لمن يمدٌ يده مشاركا فيها ، والعذر لمن لايستطيع المشاركة لهذا السبب او ذاك ، وتبا لمن يحاول الهدم .
العراق باق ابد الدهر ، باقٍ معافى ان شاء الله ، وستنجلي الغمة السوداء عاجلا أم آجلا ، وستبقى الافواه المسعورة تنبح حتى تتعب ذات يوم فرط النباح الطويل .
khalidmaaljanabi@yahoo.com |