لم تنته معركة الموصل ، لكن ثمارها بدأت تتسيد المشهد السياسي والاعلامي محليا ودوليا ، وهي المعركة التي في طريقها الى شطب داعش من معجم التداول اليومي ، وتحويلها الى ندبة في ذاكرة التاريخ ، ودرس يجب ان يتعلمه كل العالم ؛ وهو درس صمود هذا الشعب بكل تشكيلات قواته المسلحة ضد اعتى واوسع عدوان في الكون يتعرض له شعب على مر السنين ؛ ذلك ان الشعب الذي يقاتل في الموصل هو الشعب نفسه الذي يتعرض للاغتيالات والاعمال الارهابية في بقية المحافظات ، وهو نفسه الذي توضع دماؤه على طاولة المفاوضات والتسويات ، كما انه نفسه الذي ينزح ويتبرع للنازحين ، ويتطوع في الحشد الشعبي ويتبرع للحشد الشعبي ، وهو الشعب الذي تتعرض رواتبه للقصف الشهري من ضرائب واستقطاعات وما الى ذلك .
كل هذا يتحمله الشعب المبتلى باعدائه و(أعدقائه) ، بينما يرى مسؤوليه تفتح لهم الشوارع على مصراعيها ، وهو تجلده الاختناقات المرورية ، ويسمع في الاخبار عن تبشير وزارة التربية بأن ازمة الكتب ستتكرر في العام المقبل دون ان يسمع اجراءً برلمانيا او حكومية بحق هذه الوزارة ، والشعب هو نفسه يسمع في الاخبار بزيادة الراتب الاسمي لاعضاء البرلمان في سنة تقشفية هي الاصعب حيث لم تتضمن ميزانيتها اي درجة وظيفية للتعينات .
هو الشعب نفسه الذي يسمع في الاخبار ان بعض الادوية المستوردة فاسدة ، وان اغلب اللحوم لاتصلح للاستهلاك البشري . لكننا انتصرنا ، وحان وقت القطاف ، فانباء الموصل ، وعملية قصف الدواعش في سورية اثمرت بسرعة غيرمتوقعة ، وغير مسبوقة ، فكان رد الفعل العالمي مرحبا جدا بانتصارات العراق ، وكانت المملكة العربية السعودية اسرع الراكضين باتجاه كسب ود العراق الذي عاد له قراره الواضح على الساحة .
وكي نتلافى ونتخلص من كل ماتم ذكره فيما يخص الشعب وساسته ، وازماته الاقتصادية وتردي الخدمات ، لابد من ان نستثمر النصر نحن ايضا ، مثلما يحاول دول الجوار استثماره ؛ لذلك هي الفرصة ان نصالح ونحن اقوياء ، وان نتقبل من جاء مصالحاً ، وهي الفرصة كي تضع حروب العراق اوزارها ، وهو البلد الذي لم تبرد فوهة بندقيته ولم يغمد سيفه منذ مسقط رأس الكون حتى الان ؛ انها فرصة عظيمة ان نسالم ونوفر السلام لابنائنا ، وهو سلام فيه من الهيبة والكرامة الشيء الكبير ، لاسيما ان الاخرين هم الذين يقفون على بابنا على عكس ماكنا عليه ، حيث كنا نكتفي بالفرح بخطبة رنانة في القمة العربية ، لكن من دون ثمار .
والآن ، وبعد معركة الموصل الحدباء ، وانتصارنا الواضح ، صار لنا ان نتقبل الصلح ، فهو من ثماراستعادة الموصل الحدباء. |