• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : عندما ينتظر الشهيد بباب داره .
                          • الكاتب : غزوان العيساوي .

عندما ينتظر الشهيد بباب داره

 تسير السيارة وتتجه الى منطقته حيث داره وأباه وأمه وزوجته وطفل اتى الى الدنيا منذ يومين ينتظر لهو الاشتياق الى ابيه , السيارة تسير بسرعة والشهيد داخلها رفاقه يتسامرون الحديث عنه .
وصلت السيارة لكن زحمة البيوت في العشوائيات جعلتهم يتأخرون عن الوصول الى داره ليزفوا خبر الاستشهاد الى اهله , رحلت البحث بدأت يسالون من هنا وهناك حتى اخبرهم الناس ان الشهيد قد  رزق بطفل قبل يومين وهذا اول طفل منذ عشر سنوات انتظار رحمة الله .
وقفت السيارة في باب داره ، السيارة مظللة والشهيد داخلها اقتربوا من باب الدار طرقة واحدة وإذا برجل عجوز رسمت الحياة اثارها على وجهه وحفرت السنين تجاعيدها عيون تكاد تكون كقطعة دم تستنشق الحياة بكل ما اوتيت من قوة انطلقت الكلمات من فمه اهلا وسهلا تفضلوا , دخلوا دون سؤالهم من هم وماذا يريدون والشهيد ينتظر في السيارة ليزف الى اهله .
قبل ان ينطق العجوز وهم بكلمة واحدة سمعوا من البيت صراخ طفل صغير اخذ واحدهم يصبر على الاخر اسكت بحركات العيون , تبسم الرجل العجوز وقال " إنه حفيدي وأبن ولدي الوحيد الذي رزقنا الله به بعد انتظار عشر سنوات" وأكمل حديثه " انا متأكد ان ولدي((عمت عيني عليه ))سيفرح كثيرا به وأعتقد أنه لن يذهب للجبهة بعد أن يراه"
ضحك الجميع ضحكة بطعم الشهادة ضحكة لعن الدنيا بما فيها ضحكة تنذر بان هناك خطب ما , فقام الرجل العجوز بجلب الشاي وأدار وجهه الذي يحمل الم السنين  وسألهم عن مرادهم , دب الهدوء لحظات وأخبروه انهم اصدقاء ولده وقد تعبوا من طريق الناصرية وسألوا عن بيته ليستريحوا عنده..
ازدادت كلمات الترحيب بهم وظهرت ابتسامة خففت عليهم بعض الشئ  , وقد زاد اصرار الرجل بان يبقوا هذه الليلة لان الليل قد خيم عليهم ورجوعهم صعب ويريد ان يخبروه ببطولات ولده ليخفف من الم فراقه , وضع لهم الفراش ليناموا وهو فخور بهم لكنهم لم تغمض لهم عين حتى الفجر لان الشهيد مازال ينتظر اللقاء الذي سيكون لقاء الصمت...
بدأ الشباب بالتفكير ما العمل وما هو الحل احدهم أقترح إدخال جثمان الشهيد إلى داره وتركه وإرسال غيرهم.
واقترح الآخر أن يخبروا الرجل العجوز بالحقيقة
واقترح الثالث اصطحاب طرف ثالث عند الصباح لإخبار العجوز باستشهاد ولده الذي كان طفله الصغير يبكي طول الليل كأنه علم بأنه سيكون يتيم.
عند الصباح احضر الرجل العجوز إفطارا لضيوفه وهو بنفس فرحة الليلة السابقة لكنهم مازالوا في حيرة من امرهم لم ينطقوا بكلمة حتى بادرهم العجوز بسؤال غريب ((أستحلفكم بالله هل ولدي معكم ))لأن أمه طول الليل تقول أشعر أنه معهم واقفا خلف الباب...!!ولم تنم طول الليل...حتى أنها خرجت مرتين في الليل ووقفت في الباب تنظر ثم عادت...!!  كان الزمن توقف وبقيت الدقائق لم تتحرك عصرت في القلب وغصة في الحلق حتى تشجع أحدهم وقال له..نعم يا عم هو معنا لكنه بقي في السيارة نائما...!!؟
نهض العجوز مسرعا وقلبه يتقدمه  ولم يخرج من فمه أي صوت تعثر الرجل بباب الدار وقد رمق السيارة بنظرة كانت كالبركان على قلبه الضعيف 
وعاد بسرعة ذهابه ومسح على رأس حفيده مسحة اليتيم ...ثم أشعل سيكارة الموت بباب الدار.
ومات.....!!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=89225
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 02 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15