منذ أن علم الناس بان النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) قد فارق الدنيا حتى بدأت احداث اتسمت بالمأساة مع وطأة الفقد لخير البرية.
وتتابعت المأساة خصوصاً بالنسبة للزهراء سلام الله عليها، حتى شملت منع ارثها من أبيها بحجة منحولة حاول البعض أن يصحح من خلالها تصرفات السلطة ثم انتهت قسوة تلك المأساة برحيلها السريع بعد مدة قصيرة كما أخبرها النبي (صلى الله عليه واله) بانها اول اهل بيته لحوقا به.
وكانت الطريقة التي دفنت فيها الزهراء عليها السلام واضحة الدلال في رفض كل ما حصل معها في تلك الاحداث التي حصلت بعد انتقال النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) إلى الرفيق الأعلى.
وبالرغم من وجود الكثير من التوصيات التي صدرت من النبي (ص) في اهل بيته (عليهم السلام) الا أن الامة لم تكن على مستوى المسؤولية التي انيطت بها في هذه المسالة، فكان الجفاء بدل الود والعطاء، وكان التأخير بدل الاحترام والتقديم ....
وعلى كل انسان أن ينظر في مدى حرص الامة على تنفيذ الأوامر الإلهية في مختلف العصور من خلال النص القرآني وذلك أن البعض يعتقد ان هناك من تجاوز القنطرة وأن محاولة الوقوف على موقفهم من التنفيذ يعتبر إساءة؛ مع أن القرآن الكريم تحدّث عن أتباع الأنبياء جميعاً بنفس الطريقة حيث فصّل القرآن مواقفهم، فتارة يمدح عندما يستحق الانسان المدح، وتارة يذم عندما يستحق الانسان الذم وتنوعت الصيغ التعبيرية عن المواقف المختلفة بحسب تلك المواقف ولم تكن هناك حالة واحدة تحكم السيرة الكاملة لكل أصحاب الأنبياء، وهكذا الامر بالنسبة لامة نبينا العظيم (صلى الله عليه واله وسلم).
والمنطق القرآني في هذه القضايا حاسم وواضح الدلالة في المطلوب، ومعه لا تتوتر الأجواء ولا تختلط الصور فإن الله صوّر المواقف المختلفة كما هي؛ فلم يمدح في موضع الذم، ولم يذم في موضع المدح، ولم يسكت في موضع التقصير، ولم يجامل في موضع الحسم؛ ولهذا مثل هذه القضايا تحتاج إلى قراءة قرآنية؛ لأن القرآن لا يتبدل بتبدل الليل والنهار، كما أن الزيادة بالنسبة اليه مستحيلة، فهو الحكم الفصل في قضايانا المرتبطة بالسيرة وإن كان ذلك بصورة عامة، وقضية الزهراء عليها السلام داخلة في مثل هذا الحكم وهي نتاج النص القرآني الذي لم يفرق بين إنسان وآخر الا بمقدار الاستحقاق سواء في الجانب الإيجابي أو الجانب السلبي. |