كتابات في الميزان / رسائل شرقية / 3

يعبر ُ الزمن ُ بخطاه ُ الثقيلة ُ فوق الجميع ، حاملا ً تجارب َ الأقدمين / يعبر ُ الزمن ُ متنقلا ً بين العصور ِ وهو يضيف ُ كل َ يوم ٍ دروسا ً جديدة َ وكأنه شاهد ٌ حي ٌ على كل ما جرى في الماضي / ومع ذلك لا نصغي لما يقوله هذا الزمن رغم َ الكنوز التي يحملها / والخبرات المتراكمة التي صنعها ملايين الرجال عبر سلسلة ٍ طويلة من العناء البشري / ثمة َ عقولٌ عبرت وتركت أثرا ً على الطريق / ثمة شعراء عبروا وتركوا اثرا ً على الطريق / ثمة َ علماء عبروا وتركوا اثرا ً على الطريق / وثمة صيادون اصطادوا بقواربهم الصغيرة الكنوز َ وعبروا وتركوا اثرا ً على الطريق / وتلك هي المسألة .. ما الذي ستتركه أنت َ على الطريق للآجيال القادمة ؟

انظر الى نجمة بعيدة ٍ وأهمس .. اتعرفين كم أحبك ؟؟ أنت لا تعرفين .. ومع ذلك أنا لا املك ُ الا ان اواصل َ الطريق اليك ِ وقد تدركين ذلك يوما ً ما ./ يكفيني انني اعيش بهجة َ سعادتي بك / يكفيني ان أتأمل المعنى العميق لوجودي على الأرض / يكفيني ان اعيش وكأنني في قلب العالم وهو يخفق ُ بقوة / وكل ُ هذا يحدث ُ بوجودك ِ في اعماقي .

لا نعرف ُ التأمل َ كما ينبغي / وليس له وجود ٌ في حياتنا / وحتى لوكان له وجود ٌ فهو وجود ٌ عابرٌ لا يتناسب ُ مع أهميته / وأنت ِ وحدك ِ من كشف لي الرؤيا فرأيت / وأنت ِ وحدك ِ من فتح َ أمامي آفاق َ التأمل ِ فاكتشفت / وأنت ِ وحدك ِ من جعلني اعيش داخل َ قلب ِ الحياة النابض / وكان علي َّ ان أتأقلم َ مع هذه الطبيعة ِ الساخنة للآشياء / كان علي َّ ان أتأقلم َ معَ حركة ِ الدوران ِ التي لا تتوقف / هذه المعرفة ُ تطرد ُ كلّ ما هو خامل ٌ الى خارج ِ لعبة ِ الحياة / وأنا الوذ ُ بكِ دائما ً لأبقى داخلَ هذه الطبيعة الساخنة للآشياء .. الوذ ُ بكِ لأحافظَ على المعنى الأعمق لوجودي على الأرض / فنحن ُ دون َ معنى لا قيمة َ لنا / ونحن ُ دون أثر ٍ لا قيمة َ لنا / لا نملك ُ الا ان نعانق َ الكون َ وننادي كل َ شيء ٍ أخا ً/ نحن ُ أخوة ُ الجبال / اخوة ُ الشجر / اخوة ُ الأنهار / اخوةُ النجوم / اخوة ُ القيم السامية / اخوة ُ كبار ِ النفوس / اولئك الذين تركوا أجمل َ الأثار ِ على الأرض ثم رحلوا لا ليرحلوا بل ليقيموا في قلوب ِ الأخرين الى الأبد .

كيف َ أصل ُ اليك ِ / لقد رحلت ُ اليك ِ وأنا اعرف ُ ان الطريق طويل / وربما لا نهائي / هل انا كافافي آخر يرحل الى ايثاكا البعيدة ؟ وهل أنت بشكل ٍ أخر ايثاكا اخرى اصبحت حلمي المستحيل ؟ ربما لم يصل كافافي الى ايثاكا / فهل كانت المحطات اليها هي ايثاكا ؟ / هل كانت السواحل ُ التي نزل بها ايثاكا ؟ وهل كانت الأعاصير ُ التي واجهته ُ ايثاكا ؟ وهل كانت رحلة ُ حياته ِهي ايثاكا ؟ الأسئلة ُ تولد من الأسئلة / والطريق ُ اليك ِ ما زال َ بعيدا .. وأنا لا املك ُ الا أن أواصل الطريقَ / وما اراه ُ على جانبي هذا الطريق قد يكون ُ ايثاكا ولكن هل هي ايثاكا أم انها وهم ٌ أخرينبثق ُ من دروب ِ الحياة ِ الخفية ؟

هل يتوجب ُ علينا ان نعيد َ ترتيب َ الأشياء فنعيد ُ النظر َ بعلاقتنا بالكون وألأخرين والقيم والمعاني / أم ان فوضى الزمن سترغمنا على ان نكون َ لعبة َ بيدها / ولماذا اهتزت نسبة ُ التوازن ِ لتكون ّ لصالح ِ الجانب المادي على حساب الجانب الروحي / وكيف نستطيع ُ ان نرفع َ نسبة الجانب ِ الروحي دون ان نصغي لنداء ِ التأملِ في الأشياء ؟؟ وما هو التأمل ُ الذي يملك ُ بيده ِ مفتاح َ الكشف عن بواطن ِ الأشياء ؟ هل هو قوة ٌ أم معنى أم ممارسة تؤدي الى سلوك ٍ جديد للتعامل مع الكائنات ِ الأرضية ِ / اسئلة ٌ تولدُ من أسئلة / والطريق ُ ما زال َ طويلا أمام َ التلميذ الجالس ِ على مقاعد ِ الدراسة الى الأبد . ولنتذكر ْ دائما ان معنى المعنى أن نكون ْ / وان علينا دائما ً ان نحاول َ ذلك .