• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مدرسة عاشوراء{19} ثورة الحسين الحد الفاصل بين الإسلام والحكومات المنحرفة .
                          • الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي .

مدرسة عاشوراء{19} ثورة الحسين الحد الفاصل بين الإسلام والحكومات المنحرفة

لعلّ أحد الأهداف المهمة لثورة الإمام الحسين عليه السلام هو الهدف الفكري المتمثل بتصحيح الخلل الفكري الذي يعيشه المسلمون آنذاك حيث كانوا لا يميزون بين الحاكم الإسلامي والحاكم المنحرف عن الإسلام وإن كان يحكم باسمه، ولذلك يدينون بالطاعة للجميع دون تمييز ويرون ذلك تطبيقا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}.(النساء/59)

 

وقد مكن هذا الخلل الحكام المنحرفين من الحكم بـاسم الإسلام و محاربة الإسلام بـاسمه، وكان يمكن لهذا الخلل – لولا ثورة الحسين عليه السلام – أن يقضي على الإسلام كله حيث سيشوهه الحكام مع تعاقب السنين، ولكن ثورة الحسين عليه السلام استطاعت أن تضع حدا فاصلا بين الإسلام والحكومات المنحرفة، وقـد ركز خطاب أهل بيت الرسالة الذين‌ أخذوا‌ أسارى إلى الشام من أجل‌ تحقيق‌ هذا الهدف من خلال تعريف المجتمع الموجه إليه الخطاب – وهو المجتمع الشامي هنا – على مكانة الحسين و التعريف بـه مـن أجل كشف الحقيقة التي أراد‌ يزيد ‌- وكل حاكم منحرف – طمسها‌، فنرى‌ زينب عليها السلام تخاطب يزيدا في مجلسه قائلة: «أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك و إماءك، وسوقك بنات رسول اللّه سبايا، قـد هـتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى‌ بلد‌، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني و الشريف، ليس معهن مـن حـماتهن حمي ولا من رجالهن ولي، وكيف يرتجى مـراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت لحمه من‌ دماء‌ الشهداء».

 

وتمضي‌ قائلة: «ولتردن على رسول اللّه صلى الله عليه وآله بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت

 إن خطاب السيدة زينب ( عليها السلام ) في مجلس يزيد يعتبر وثيقة فكرية سياسية تسلط الأضواء على خلفيات المعركة بين أهل البيت والأمويين كما تناقش بعض التفاصيل والقضايا الهامة في تلك المعركة ، وتقدم استشرافاً وتصوراً مستقبلياً لآثار المعركة ونتائجها .  

 فالأمويون وان كانوا يتظاهرون بالأسلام ، ويحكمون باسمه ، الا أنهم يتعاملون مع الحياة ، وينظرون للأمور حسب المعادلات المادية ، وضمن دائرة المصالح الدنيوية العاجلة بعيداً عن القيم والمبادئ . 

ويريدون لجمهور الأمة أن ينظر الى واقعة كربلاء من منظارهم المادي الجاهلي ، حيث يصرح يزيد بأنه قد قام بأخذ ثارات بدر ومعارك الإسلام الأولى ضد أسلافه المشركين ، والمسألة في نظر الأمويين لا تعدو أن تكون دفاعاً عن عرش السلطة وكرسي الحكم ، وهو أمر مشروع بالعقلية المصلحية . 

 

وفي مواجهة هذا المنطق الأموي المادي الأنتهازي كانت السيدة زينب في خطابها تؤكد على الرجوع الى القيم والمبادئ الدينية والأحتكام اليها في تقويم الواقع وتفسير أحداثه ، فلابد من محاكمة ما يجري على ضوء كتاب الله ، والنظر الى المعركة من خلال الرؤية الدينية التي يريد الأمويون تغييبها والغاءها في واقع حياة المسلمين . 

لذلك تذكر يزيد بن معاوية بأن لا ينظر الى نفسه من خلال ما يملك من قوة وسلطة : « أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء » . فليس في ذلك دلالة على الأحقية والمشروعية والرضا الآلهي ، فقد يفسح الله المجال واسعاً أمام الكافرين لتتضاعف قوتهم وامكانياتهم دون أن يعني ذلك أحقيتهم أو رضا الله عنهم ، بل يكون ذلك سبباً لزيادة انحطاطهم وعذابهم عند الله . 

والحسين وأهل بيته ليسوا مهزومين مغلوبين قد خسروا الحياة وابتلعهم الموت بل هم وفق مقياس المبادئ الآلهية شهداء خالدون وأحياء عند ربهم ، لأنهم قتلوا في سبيل الله . 

واذا كانت المآسي قد حلت بأهل البيت فانهم يحتسبونها عند الله ، حيث لم تحدث لهم في سياق صراع دنيوي مصلحي وإنما لأنهم يحملون رسالة الله ويدافعون عن دينه ، وحسب المبادئ والقيم فهناك عدالة آلهية ، وهناك دار أخرى تكون فيها النتائج الحاسمة : « وحسبك بالله حاكماً وبمحمد خصيماً ، وبجبرئيل ظهيراً ولتردن على رسول الله




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=85285
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 10 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13