• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حديث الاثنين الطائفية بقناع سياسي .
                          • الكاتب : ابراهيم العبادي .

حديث الاثنين الطائفية بقناع سياسي

لم يسبق ان عومل بلد بفضاضة سياسية واعلامية غير معهودة كما يعامل العراق الان وهو يستعد لمعركة تحرير ماتبقى من اراضيه التي يحتلها داعش.
لقد بلغت الوقاحة بدول اقليمية حدا انها باتت تشترط على الدولة العراقية كيف تدير معاركها واي القوات التي ينبغي ان تستخدمها في عمليات التحرير متغافلة عن ان هذه الامور سيادية بالاساس وان الدول التي تعاني من احتلال اراضيها لاتحتاج الى من يشترط عليها بل هي معنية بالاساس في تعبئة مواردها واستخدام كل امكاناتها للخلاص من هذا الواقع الذي جعل الدولة تفقد سيادتها على جزء من اراضيها ويخضع قسم من سكانها لغير سلطتها بل لسلطة مشروع ارهابي خطير هدفه المعلن هو الحرب والابادة والاستئصال والتدمير، اي ان المعركة ضد هذا التهديد هي حرب وجود وليست حرب حدود او اختلافات جزئية على مصالح محدودة.
ماذهبت اليه تركيا ومجلس التعاون الخليجي يشكل سابقة خطيرة في العلاقات الدولية ،فبدلا من مساعدة العراق الذي يعاني من التهديد الارهابي بما لم يعانيه غيره ،وقفت هذه الدول تعلن اعتراضها على مشاركها الحشد الشعبي في عمليات التحرير لسبب طائفي صريح وهو ان اكثر فصائل الحشد شيعية المذهب .وبدل ان يقدم هولاء المعترضون
 ،(كما عبر عن لسانهم وزير الخارجية السعودي وقبله المسؤولين الاتراك بكلمات اقل صراحة) ، الدعم للعراق وهو يعتصر كل امكاناته لمواجهة اكبر تهديد ظهر في تاريخه الحديث ،يناقض هولاء انفسهم عندما يستخدمون كل اسلحتهم العسكرية والاقتصادية والاعلامية لادارة معارك وهمية خارج حدود بلدانهم بدعوى الدفاع عن امنهم القومي ومجال مصالحهم الجيو سياسية ،مثلما فعلوا في اليمن وغير اليمن .
نعلم جيدا ان المواقف السياسية لاتخضع دائما لمنطق الاتساق والانسجام ،بل تتناقض احيانا بشكل فج ،لانها داخلة بلعبة المصالح المتغيرة ،وغرضها النهائي هو تحقيق الاهداف ، ايا كانت الوسائل المتبعة حتى لو تجاوزت المنطق والمعقول ،واخترقت القانون الدولي وشرعة الامم المتحدة.
 ان العراق معني بالدفاع عن نفسه بكل الوسائل وهو لهذا السبب لايستطيع ان يلتفت لمواقف منطلقة من حسابات طائفية ولاتاخذ بالاعتبار حجم التهديد الذي يتعرض له ،لكن الذين ينطلقون من حساباتهم الطائفية لايهمهم ان بقي ستة ملايين سني عراقي في مخيمات النزوح او تدمر اراضيهم ومدنهم وبناها التحتية ،المهم ان يصبح هولاء ادوات في الصراع السياسي الاقليمي الذي سقط في المنحدر الطائفي من يوم تبلورات المواقف على اساس مذهبي وطائفي وليس كما كانت ظاهريا على اساس قومي او وطني .
كم يلزم من السنين لتستعيد المنطقة توازنها وتعود الحكومات لتفكر خارج سياقات المصالح الطائفية ؟تقديري ان ذلك مرتبط بتغيير الثقافة السياسية  التي تنطلق من تفكير طائفي باتت تعبر عنه السياسات والمواقف بشكل اكثر صراحة من ذي قبل .ان هذا الامر مرتبط بتغيير الخطاب السياسي والاعلامي الطائفي الذي حرك دفائن الموروثات وجعلها هواءا تتنفسه الناس وتتلقاه بالقبول بلا وعي ،،هناك من الانظمة من يدفع باتجاه  الطائفية دفعا لانها سلاحه الوحيد في مواجهة من يعتقد انهم خصوم فعليون او مفترضون ،وهذه الظاهرة ستظل عميقة التاثير ،خطيرة النتائج مالم يحدث متغير سياسي كبير يجبر هولاء على التراجع ،وهذا المتغير السياسي مرتبط بنجاح العراق في استعادة استقراره وتعافيه من مشاكله المتعددة ،والتي ستكون مقدمة لبدء علاج المشكلة السورية بغير الوجهة الطائفية السائرة فيها الان ،ولذلك لايريد الطائفيون للعراق ان يحرر ارضه ويستعيد قوته ،ولايريدون للنزيف السوري ان يتوقف ،انهم يتاجرون بسنة العراق وسوريا يعاونهم في ذلك ساسة ومشايخ وتجار واعلاميون توهموا ان (العمق) العربي او الاسلامي سيجلب لهم حظوظ السلطة والقوة ،ومادروا ان مواقف هذا العمق المزعوم ادخلت الارهاب الى بيوتهم بعدما كانو يستخدمونه اداة  لتحقيق مصالحهم ضد الاخرين ،انها لعبة المصالح العمياء التي لاينبغي ان تحول دون القضاء على فكر الارهاب وحواضنه ومسبباته ودوافعه في العراق على الاقل.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=84938
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 10 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13