• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : طالب الحسن يعري بطانة السلطان .
                          • الكاتب : حمزة علي البدري .

طالب الحسن يعري بطانة السلطان

من المزايا المرموقة والتي ترفع شان المرء وتجعله دائما موضع الإعجاب والانبهار ومحط أنظار الآخرين هي أخلاقيته السامية ,  وثقافته العالية ,  وتواصله المبدع في الكتابة  والتأليف المكثف والمتواصل والذي لم تنضب ينابيعه المتدفقة .. وان ميزة وسمة التأليف تتأتى من تراكم الثقافة والاستقصاء والمتابعة ومواكبة التطور وفتح نوافذ الوعي الثاقب وامتلاك النظرة التحليلية للواقع الثقافي المعاش الذي يحتاج إلى تمحيص وتلخيص واختيار الكتب النفيسة التي تغني القارئ بأسلوب ممتع جذاب وبمعلومات ثرية ومضامين عصرية ومفاهيم حضارية واشراقات نوعية .. وان الذي يمتهن التأليف يجب أن يظل مرابطا في دوحة القراءة المكثفة والمتنوعة ,  وان المؤلف اللبيب يقرا كثيرا ويكتب قليلا كي تكون كتاباته نوعية وموضوعية ومقنعة لأولي الألباب ,  وان ما يكتبه  يتسم بالحقائق والحيثيات التي يجهلها الكثيرون ,  فانه ينير الدروب أمام من يبحثون عن صدق القضايا وقضايا ومقتضيات الصدق .. وان الساحة العراقية فيها نماذج رائعة من المفكرين والمؤرخين والمؤلفين الأفذاذ ومن الكتاب الذين افنوا أعمارهم  ومازالوا يتفانون في تسليط الأضواء على مجريات الأحداث والواقع الشاخص والذي تتراكم على سطحه رزم من القضايا والمسؤوليات والجذريات والتي تحتاج إلى  البحث والتتبع والتنقيب ,  وان الذين يتسابقون على تدوين الشواهد والحوادث بصدق وأمانة وموضوعية يكاد يكون تعدادهم ضئيلا وقليلا ونادرا ومن هذه الباقة المنتخبة أتابع بجدية الكاتب والمؤلف والمؤرخ الأستاذ الحصيف  ( طالب الحسن )  فأجد هذا الرجل في مؤلفاته يتجرد عن كل النوازع الذاتية ويلتصق بالصدق عندما يتصدى لكل شخص أو حادث أو حديث فيكون متجردا من كل السلبيات والأنانيات والأغراض المغرضة ومن يقرا مؤلفاته يطمئن لأفكاره ويثق بطروحاته ويستأنس بأسلوبه السلس والجذاب .
 فكاتب التاريخ يظل دائما تحت الأضواء والانتقاد والملاحقة ,  لذا فانه يتجذر في رياض التجرد والمصداقية وينأى عن أهوائه ونزواته الخاصة ويجاهر بالحق والحقيقة ولا تأخذه في الحق لومة لائم ,  ولا يخشى المكاشفة والمنازلة في ساحة مكشوفة ,  وهذه الثوابت الأساسية نجد ظلالا لها في حديقة كاتبنا اللبيب ( طالب الحسن ) .. فهذا الرجل الواضح له باع طويل في التقاط الحقب التاريخية الساخبة وقياداتها وشخصياتها والتي طبعت تلك المراحل بأسمائها وأعمالها ومنجزاتها سلبا أم إيجابا .
 فان (  السيد الحسن ) قد جسد قناعاته الضمنية ومعلوماته اليقينية وأفكاره الثاقبة بكتب امتلكت قبولا وحضورا متميزا , وان هذه الكتب الصادرة له اعرف قدرا عنها على قدر اقتنائي منها وهي : أولا .. اختيال الحقيقة .. ثانيا : بطانة السلطان .. ثالثا : مصطفى جمال الدين .. رابعا : عزة الدوري الصنم .. خامسا : طه الجزراوي الهزيل المنفوش .. سادسا : بعث العراق من الولادة المريبة إلى النهاية الغريبة .. وان هذا الكتاب التاريخي الضخم كما علمت ما يزال رهن الطبع وحسب ما فهمت بأنه يعتمد على مصادر ناطقة ومعلومات صادقة وحقائق دامغة قد لا تتوفر للكثيرين والمتابعين ولحد الآن , وان حديثنا ينصب على كتاب بطانة السلطان ( أشباه رجال في دائرة الضوء ) .
إن هذا الكتاب القيم قد وضع عشر ة عناصر مجرمة من أزلام صدام في قفص الاتهام والإجرام ,  وقد كشف الكاتب لنا مسلسل الجرائم التي ارتكبها كل منهم وحسب موقعه ودرجته وتحركه ,  وسرد لنا الوقائع القذرة والممارسات الإجرامية والمفاسد المتنوعة والإجراءات الضارية بحق كل الشرفاء والاصلاء من أبناء الشعب العراقي الصابر الذي ذاق الويلات والأزمات والتنكيل والتكبيل والمحن من هذه البطانة الشريرة والتي تستحق عقوبة الإعدام الفوري ولكنها ما زالت تتمتع بالحياة وبمميزات لا تحلم بها ولم تخطر على بال أيا منهم علما بأنهم مارسوا شتى صنوف القهر والاستبداد والإبادة بحق الأبرياء والمؤمنين والوطنيين الحقيقيين من أبناء هذا البلد المقهور .. وان هذه الحثالة التي تتمتع بأروع الحقوق في السجون تنتظر العودة إلى الحكم وقد يكون هذا متوقعا طالما إن تنفيذ حكم الإعدام معدوم لحد الآن ولن تتحرك أطراف العملية السياسية ولم تطالب بالتنفيذ السريع لهؤلاء القتلة المجرمين .. ونقولها للحقيقة والتاريخ أن كل مكون أو حزب أو ائتلاف مشغول ومتهالك على مصالحه وأطماعه الخاصة .
إن الأستاذ طالب الحسن قد كشف الخفايا والزوايا في مسالك بطانة السلطان المجندة لخدمة الطاغية وتنفيذ كل نزواته وحماقاته الإجرامية وبكل خنوع وذل وركوع ,  ولم يستطع أي منهم أن تصدر منه أي همسة أو لمحة أو تلميح أو أي وجهة نظر طارئة لا يرتضيها سفاح العراق المقبور .. فهذه الزبانية كانت أطوع من حذاء الطاغية في رجله فأنهم مجرد إمعات ذليلة كما شخصهم المؤلف الذي رفدنا بباقة من الحقائق والأسرار والممارسات الشاذة عن كل منهم ,  فقد قدم للقراء طبقا شهيا متنوعا من الدلائل الحقيقية ,  والقرائن الصارخة عن كل زعنفة من زعانف صدام اللعين التي ارتكبت أخس الجرائم الصارخة والتي لم تنسى .. وان السيد طالب الحسن قد افرد صفحات سوداء ملطخة بالخزي والعار والجريمة والانحطاط لكل واحد من حثالة صدام الدموية , فالمؤلف الذي اختار عشرة طحالب من مستنقع الآثام والإجرام قد حدد بدقة متناهية وبحيادية مجردة حقيقة هوية كل منهم وكأنه ( سونار ) كشف دواخلهم المترعة بالمخازي والحطة والإجرام ,  ولا أريد أن انقل صورة فوتوغرافية عن كل  ما كتبه المؤلف وعن كل منهم لأنني بذلك احرم القارئ متعة ولذة قراءة الكتاب ( بطانة السلطان ) والذي يجب أن يقرا لأنه يؤرخ لمرحلة عصيبة وصعبة وقاسية وغارقة بالسوداوية وزاخرة بالمهالك والمسالك الإجرامية .. وان السيد الحسن قد أتقن الكشف عن تلك الرؤوس المنخورة والمعشعشة بالغباء والسذاجة ,  وكشف النقاب عن كل واحد من هذه الحثالة بواقعية واضحة وبحقائق دامغة ,  فتحدث عن جذورهم ونفسياتهم وضمائرهم الغاطسة بالوحل ,  وقد نورنا المؤلف بمعلومات صاخبة لن يتمكن من التقاطها إلا من يمتلك قدرة فائقة على الغوص في مسامات النفوس .
إنني اعزز هذه الروح المثابرة والمتابعة المبدعة والتقصي الحقيقي والتنوير المكثف الذي منحنا إياه المؤلف الرصين الحصين طالب الحسن والذي نتوقع بل نؤكد بأنه سيرفدنا بسيل من المؤلفات التي فيها باقات خلابة من الحقائق المدهشة والأفكار الرصينة ,  فالرجل يمتلك حسا تاريخيا وأسلوبا أخاذا ونتمنى له استمرار الموفقية والنجاح ,  والمستقبل الأكثر تفاؤلا وإشراقا وعطاء .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=8410
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 08 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13