الإختلاس ، أو السرقة ، أو النهب من مال الناس والشعوب قد تطوَّر كثيراً في هذا العصر وأخذ أبعاداً معقدة وملتوية جداً . وذلك مثل العبودية الطوعية في أيامنا هذه ، حيث هي أيضاً بدورها تطوَّرت لتواكب تطورات الزمان النهبية والإستعبادية ...
(1)
في الماضي
كان السارق يسرق
أو يختلس
أو يسطو
على بضاعة ما
مالاً ما
من مكان ما
بخفية
في جنح الليل
في عتمته
وذلك لضرورة ما
لطاريء ما
كجوع عضَّه
أو عَضَّ كتاكيته
(2)
في الماضي
كان السارق
بالأعم الغالب
يشعر بتأنيب الضمير
من قرارة نفسه
لكن الجور الإجتماعي
ولسعات الجوع القاتل
كانت العِلل
في الماضي
كان السارق
وهوعنده بعض القيم
فإذا ما تذوَّق طعاماً
من بيت ما
فإنه كان يتجنَّبه
ولا يسرقه
ولا يسطو عليه
لأنه كان يعتقد
بقدسية الزاد والملح
(3)
أما يا ويحاه
في عصرنا هذا
يا أسفاه
من إنقلاب القيم
رأساً على عقب
وعقباً على رأس
فقد تطوَّرت السرقة
تطورت السرقات
تطورت الإختلاسات
فالنهبيات
من المال العام
من الثروات الوطنية
طورها السُرَّاق
السراق السلاطين
أو السلاطين السراق
فالسلاطين النهَّابة
وأهليهم
فأبنائهم المحروسين
حيث أصبحوا أصحاب الملايين
أصحاب البلايين
لكن بطرق متطورة
ملتوية
أوغير ملتوية
بخفية
أو بعلانية
حيث لايخطر ذلك
من الأحابيل
ومن الأحاييل
على الجِنِّي الأزرق
في هذا كله
كثير من الناس
يباركون
يُهلهلون
ويُصفِّقون
إجلالاً وتبجيلاً
ببطون خاوية
ورؤوس فارغة
من عبقرية السلطان
في مقدمتهم
وعاظ السلاطين
ثم المثقفون الحربائيون
فالمتعلِّمون الزئبقيون
{ وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان } |