• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ضرورة التحاور المباشر .
                          • الكاتب : كريم الانصاري .

ضرورة التحاور المباشر

 لا شيء بلا ثمن ، ودفعُ الثمنِ بما هو دفعٌ واحد ، إلّا أنّه يتفاوت بتفاوت المقاصد والغايات ، فأحياناً ندفع الثمن كي نحافظ على إيماننا ومبادئنا وكرامتنا وأهدافنا النبيلة .. وأُخرى ندفع الثمن على حساب إيماننا ومبادئنا وكرامتنا وأهدافنا النبيلة .. والأول يعني العزّة والألق والثبات رغم الآلام والخسائر الجسام .. والثاني يعني الذلّة والهبوط والاهتزاز رغم الترف وأرباح قصار الأيّام ..
مشكلة البعض منّا انعدام النظرة الفاحصة ،  فلايصبر كي تأتيه الدنيا صاغرة ، بل يلهث خلفها كي يلحق بها بكلّ ماأُوتي من قوّةٍ دافعة .. غافلاً أو متغافلاً انّ خشية ضياع الفرصة قد تكلّفه الانقباض المزمن والهزيمة القاطعة .. بخلاف ذلك الذي يكادح الرغبة الشهوية والأدوات المُغوية فإنّه قد يخسر لكنّه يكسب الانبساط الدائم ويبلغ الرتب العالية .. بل ستركع له الدنيا طائعةً ساعية .. إنّ الخسارة قد تهون لكنّ الهزيمة لن تهون ؛ إذ الهزيمة تعني كلّ شيء .. هزيمة القيم والأخلاق والأُصول ومعاني الإباء والرقيّ والمقصد المنشود .
لاشكّ أنّ ثمن الكلمة الحرّة الشريفة غالٍ نفيس ، فإذا ما كان المرء قادراً على الإفصاح عنها لكنّه يتقاعس فيضمرها بفعل جاذبية اللقمة الدسمة فإنّه عين الخيانة والنفاق .. حيث الإنسان  موقفٌ وبدونه فالموت أولى به ..
 
قتلتنا الحربائية والببغائية والصنمية والتزلّفية ... قتلتنا أنّ الواحد من أُولاء تراه بحضور مولاه ، مولى النعمة والجاه والمقام ، يمارس أرفع مراتب الولاء المقزّزة والدوغمائية المفرطة ، ولاسيما الصنميّ من هذه الشرذمة ،،فهو ينسى نفسه ويرتبك فلا يميّز يسراه عن يمناه ، بل يبدو كالطفل الذي يتلعثم فيحاول مضغ المفردة مضغاً سائغاً كي يُثبت أرقى درجات الخضوع والطاعة العمياء .. إنّه يجد في الطبيعيّ من سلوك مولاه غايةَ النبوغ والإبداع ، وقد يعدّه أحياناً بالكناية أو التصريح نوعاً من الكرامات العظام !!  
  
لا ريب أنّنا جميعاً نخطأ ونغفل وننسى ونأثم .. إلّا أنّ الأخطر ما في الأمر عشعشة الجهل المركّب على العقول التي اكتست بطلاء الرغبة والجاه فسدّت منافذ الفهم وأغلقت أبواب الاستيعاب وركنت إلى أصنامها التي تؤمّن لها قوت النعمة والاستعلاء والمقام .  
إنّ الصمت والسكون إن كانا عن حكمةٍ وصلاحٍ فأهلاً ومرحبا ، وإلّا فنحن مصداق الشيطان الأخرس ..
وواهمٌ من يعتقد أنّ خيار العقوبات والحصار وأدوات الضغط الصغار ستفعل فعلتها بالذين آمنوا بشرف الكلمة النبيلة والمبادىء الكبار .. بل ستزيدهم المعاناة عزماً وإصراراً على الثبات وبيان الحقائق بكلّ شجاعة وإرادةٍ  واقتدار . 
فلاخيار في ظلّ إقيانوس الأزمات الموّار سوى الحوار عبر الگعدات والاستشارات والنقاشات التي ترفل بالوضوح والشفافية وقبول الأغيار ، انطلاقاً من مبدأ الندّية ، حتى نبلغ الحلول المرضية ..
 
إنّ التهديد المتقابل والتراشق من بعيد قد يُنتجان الإشاعة والتهويل ويعمّقان الهوّة ويوسّعان فجوة الخلاف المدمّر ، بخلاف التحاور من قريب فإنّه يكشف الحقائق ويردم الهوّة ويزيد من احتمال الوفاق والتقارب المعمّر . 
 ولابدّ من حذف الوسائط ، فلطالما فعلت الوسائط فعلتها عن قصدٍ  أو عن غير قصد . نعم ، لابدّ من التحاور وجهاً لوجه ، وليس لمرّة أو مرّتين وعشرة وعشرتين ، بل كلّما استدعى الظرف والحال ، فلاشكّ أنّ العواقب ستكون حسنة بإذن الله المتعال .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=82762
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 08 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15