• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كلام وسهام!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

كلام وسهام!!

للكلام زمانه وللسهام زمانها , ولا يمكنهما التواجد في وقت واحد , فوقت السهام للسهام ووقت الكلام للكلام!!
وهذه قاعدة سلوكية معروفة منذ أن عرف البشر السهام وأجاد رميها والصيد والقتل بها!!
والكلام يُقرن بالسهام , لأن التخاطب بالسهام يسبقه التخاطب بالكلام , ولا يمكن تحقيق الخطاب الكلامي في محتدم التخاطب السهامي!!
ومما يثير العجب والحيرة أن العديد من الكراسي الفاعلة في بعض المجتمعات المنكوبة تتجاهل هذا القانون , وتختلط عليها الأمور , وتتشعب وتتعقد , لأنها تمزج ما بين الوقتين , ولا تفهم في قوانين الزمينين , فتراها تتكلم في وقت التخاطب بالسهام , وترمي بسهامها في وقت التخاطب بالكلام  , مما يتسبب في معضلة تفاعلية ذات نتائج خطيرة ومريرة.
وتجدها فاشلة في حل المشاكل القائمة في بلدانها , وعاجزة عن إستثمار الطاقات وتطويرها , وتكون أسيرة ردود الأفعال والمشاركة في صناعة النكبات , وتنفيذ الأجندات , والخروج من دائرة الوطن والدخول في زنزانة الكرسي , الذي يمتلكها ويقدمها على أنها عدوة لما فيها وما حولها , فتحترق في مكانها وتؤول إلى عصف مأكول , ويبقى ناعور الكراسي يدور.
والأمثلة الدامغة واضحة ومتكررة في العديد من مجتمعاتنا ,التي لا تجيد مهارات التعلم من تجاربها ومآسيها , وإنما تمعن بتكرار آليات أقسى من سابقاتها , لتوفر الأدوات التي تنفذها.
فعندما تحصل مظاهرات أو إحتجاجات , يتطلب الأمر حوارات , وقدرات على إستخدام الكلام للوصول إلى الغاية والمرام , لكن الذي يحصل أن الكراسي تعمد إلى رمي السهام , فتدخل في متاهات تدميرية يتم الإستثمار فيها من قبل الطامعين فيها والوطن , وقد حصل ذلك في عدد من الدول المعروفة التي تتمحن في خيباتها وإنكساراتها , والتي أطلقت العنان للسهام وراحت تتمنى أن تجد فرصة للكلام , بعد أن تخبطت في إنفعالاتها وحالتها السلوكية العمياوية , وهي مصفدة ومذعنة لإرادة الآخرين الذين يعرفون من أين تؤكل الأكتاف , وتُمتَلك الشعوب والسلطات.
وفي هذه الحيرة والمأزق لا بد من عقول قادرة على الخلاص من وحل المنزلق , وتعرف كيف تخرج من الهاوية , وتبحث عن المنافذ التي قد تكلف الكثير من التنازلات والتغيرات القاسية , لكي تعود الأمور إلى نصابها الوطني والإنساني , وإلا فأن وجودها سيكون شذرا مذرا , وبلدانها ستتناهبها أنياب ومخالب الوحوش الكاسرة التي تكالبت على وجودها , بعد أن أسقطت نفسها في مهاوي الضياع والخسران , لأنها أغفلت مستحقات الزمن الذي تفاعلت فيه , وأطلقت العنان لما فيها من النوازع والهفوات , التي أوهمتها بالقدرة على التمكن والنجاة!!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=82568
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 08 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12