• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإفساد في الأرض وخطره على المجتمعات .
                          • الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي .

الإفساد في الأرض وخطره على المجتمعات

قال الله تعالى

《 ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ‏》

‏ (الروم‏:41)‏.

  الفساد أصبح ظاهرة خطيرة تصيب جميع مجتمعات العالم، النامية والمتطورة والمتقدمة منها على حد سواء، وإن كان بدرجات متفاوتة ، ومن المؤسف أن معدلات الفساد آخذة في الازدياد، فضلًا عن تنوع المجالات التي يلحقها، كالفساد السياسي والاقتصادي والإداري والاجتماعي والأخلاقي،  وغيره من أنواع الفساد.والفساد ظاهرة اجتماعية وإدارية وسياسية واقتصادية، وهو نوع من العلاقة يتم فيها انتهاك القيم والمثل والمعايير والقوانين ، وللفساد درجات مختلفة، منه البسيط ومنه الواسع المعقد، والفساد قد ينال كل مظاهر الحياة وكل جوانبها من دون استثناء، وقد يمارس الناس الفساد دون أن يعترفوا بذلك، بل قد يدعون أنهم مصلحون كما في قوله تعالى: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون}(البقرة:11)؛ لذا كان لابد من فتح هذا الملف حتى نقف على أبعاده ونفهم أنواعه وآثاره.

تعريف الفساد

     معناه كما ذكر أهل اللغة:  الفساد مصدر فَسَدَ يُفْسُدُ فَسادًا، وهو ضد الإصلاح، قال الليث: الفساد نقيض الإصلاح، وقال الراغب: الفساد خروج الشيء عن الاعتدال سواء أكان الخروج عليه قليلاً أم كثيرًا، وكل اعتداء على الدين، أو العقل، أو المال، أو العرض، أو النفس فهو إفساد.

وأما الإفساد في الاصطلاح:  فقد ذكر أهل العلم: أنه إخراج الشيء عن حالة محمودة لا لغرض صحيح.النهي عن الفساد والإفساد في القرآن.     

والفساد والإصلاح أمران متناقضان، وكل يدعي لنفسه أنه المصلح، ولكن كما قال الله تعالى: {والله يعلم المفسد من المصلح}(البقرة:220)، قال الله عن المنافقين إنهم إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا: إنما نحن مصلحون {ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون}(البقرة: 12)، كانوا إذا نُهوا عن الفساد في الأرض بكفرهم بالله، وتكذيبهم لرسوله، وعملهم بخلاف ما يظهرون {قالوا إنما نحن مصلحون}(البقرة:11)، قال الله تعالى: {ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون}(البقرة: 12)، وأخبر ربنا عن فرعون أنه قال عن موسى -عليه السلام-:{إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأ{ض الفساد}(غافر: 26)، ففرعون يصف موسى -عليه السلام- بأنه يسعى في الأرض فسادًا، وفرعون أعظم المفسدين والمسرفين، فهذا فرعون الذي قال: {أنا ربكم الأعلى} (النازعات:  24)، يرى أنه مصلح، وهذا من انتكاس الفطر والعياذ بالله.الآثار المترتبة على انتشار الفساد في المجتمعاتإنّ استفحال الفساد والإفساد في العالم يؤدّي إلى مساوئ وآثار سلبية كبيرة ومتنوعة.

فالإفساد يدخل في جوانب متعددة من نواحي الحياة، كما أن ميدان الإصلاح واسع وشامل، فلا يمكن بأي حال من الأحوال قصر الإصلاح على جوانب محددة، بل هو عملية متكاملة تدخل جميع جوانب الحياة، ابتداء من نشر التوحيد ومحاربة الشرك، ثم تعليم الناس العبادات والمعاملات والأخلاق، بناء على أسس وقواعد شرعية.فالإصلاح لم يدع شاردة ولا واردة مما يمس حياة الناس الخاصة والعامة، الفردية والجماعية، القريبة والبعيدة، الداخلية والخارجية، إلا وشملها.هذا منهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن بعده اﻷئمة الطاهرون، ساروا على نهجه، كانوا يسعون إلى الإصلاح في كل باب من أبواب الحياة، وفي كل فن من الفنون.تلك هي الوظيفة التي شرف الله بها هذه الأمة، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فما هي إلا نهي عن الفساد ومحاربة له، وأمر بالإصلاح ودعوة إليه،﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]وقال تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، وفي الحديث: ((إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيرونه أوشك الله أن يعمهم بعقابه)).فالإصلاح والصلاح سبيل النجاة، وهو حصن للأمة من الشرور والفتن، قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117] وقال: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴾ [القصص: 59] ومن الظلم: الاستمرار على المعاصي والمنكرات وعدم قبول نصح المصلحين.نسأل الله جل وعلا أن يرحمنا برحمته، وأن يدخلنا في عباده الصالحين.

.kitabat.info




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=81930
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 08 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13