منذ سنين وشمالنا الحبيب يتعرض لهجمة وحشية شرسة تحت مبرر محاربة المعارضين وتصفية الجماعات المسلحة ، منذ سنين وعراقنا الحبيب يقتطع منه جيرانه الجنوبيون والشماليون الأراضي ويسرقون خيراته ، وما وجدنا من قادتنا وحكام بلدنا الا الشجب والأستنكار . الكل ينادي ويصرخ ان أرض العراق خط أحمر أمام أي أعتداء ولكنهم ساعة الجد يدسون رؤوسهم في التراب ويتنصلون عن كل تصريح أعلنوه في ساعة من ساعات الصفا . تركيا فعلت ما فعلت قصفت قرانا الشمالية وهجّرت أهلنا في كردستان تحت حجج ومبررات واهية ، وفيما هي تقصف اراضينا كان قادتنا الأشاوس صامتون وحتى ان صدرت من هذا المسؤول أو ذاك تصريحات شجب فهي كانت عن استحياء وعن خوف وخجل . واليوم إذ تصعِّد ايران من ضرباتها الوحشية على شمالنا العزيز نرى تكرار الحال ولكن بشكل أكثر استحياءا ومجاملة لجارتنا الأسلامية ( التي تراعي حق الجوار وتحترم سيادة العراق !! ) ، ما أثار حفيظتي ودفعني لكتابة هذا المقال ما قاله أحد الأكراد وهو كبير بالسن عما يحدث في الوقت الحالي ، وبعد ان تعرض بيته للقصف الأيراني ، فقد قال هذا الشيخ في عهد صدام لم يكن الأيرانيين يجرؤون لقصف مدننا وقرانا ولكنهم الآن يفعلون ما يفعلون دون أي رادع ، ترى هل يحب هذا الشخص صدام وهو من اساء للأكراد أي ما اساءة وهل انه من كلامه هذا أمتدح صدام الموغل بايذاء العراقيين ، بالتأكيد لا ، ولكنه بحكم خبرته الطويلة في الحياة أراد ان يوصل رسالة الى حكومة كردستان وحكومة المركز يخبرهم من خلالها بأنهم غير قادرين على حماية هذا البلد ضد أي أعتداء بل انهم ممكن ان يتركوا الجمل بما حمل حينما يحمي الوطيس وتشتد الصعاب على هذا البلد المبتلى . ولو أردنا ان ننظر الى حكومة كردستان سنجدها من أشد المجاملين لأيران ، فالسيد الرئيس جلال الطالباني وهو رئيس جمهورية العراق والذي من الأجدر به ان يكون أول المدافعين عن مصالح العراق يذهب الى طهران ليشارك في اجتماع محاربة الأرهاب وهو لم يكلف نفسه حتى ولو بمعاتبة ايران وهي الحليفة لهم ( على حد قوله ) على ماتقوم به من قصف لقرانا الحدودية ، اما رئيس الأقليم السيد مسعود البرزاني فلم ينبس ببنت شفه ولم يصرح ولو بكلمة واحدة حول هذا الموضوع ، وهو الذي رأيناه يرعد ويزبد في مناسبات عدّة . أما وزير البيشمركة جبار الياور فقد أعلن بكل صراحة ان القوات الأيرانية لم تدخل الى الأراضي العراقية وان كل ما يحدث هو معارك داخل الأراضي الأيرانية ، عجبا سيادة الوزير وهؤلاء الذين هجروا قراهم وهم يعدّون بالآلاف من ابناء شعبنا الكردي ، هل كانت هجرتهم لغرض النزهة ، ام ان ما أصابهم هو حجارة من السماء لايوجد أي شخص مسؤول عنها ! ترى كيف ستحمي شمالنا الحبيب من الهجمات والأعتداءات وانت تتنصل من مسؤوليتك وتحدثنا بما لايعقل . أما حكومة المركز فالحديث يطول عنها وصمتها إزاء ماتتعرض له البلاد من اعتداءات يشيب منه الولدان المخلدون . وليتهم صامتون فحسب ، بل هنالك من يستميت في سبيل الدفاع عن ايران وهو بذلك محق كون ان تمويله لازال من الجارة الأسلامية ، فيما التزم البعض الآخر جانب الصمت ، وحتى من أدعا الدفاع عن مصالح العراق فهو أيضا كان دفاعه عن استحياء ، ترى الى متى سنكون كما الحملان التي تحاصرها الذئاب من كل جانب ، وحتام تبقى ارض العراق مشاع لكل من هب ودب من دول الجوار ؟ متى نجد الحزم في حكومتنا بالدفاع عن مصالح البلاد ، نحن لانريدهم ان يحاربوا ايران ولا نريدهم ان يردوا القصف بالقصف ولكننا نريدهم ان يكونوا حازمين وان يتصرفوا قولا وفعلا في الدفاع عن مصالحنا وان يردعوا كل معتدي على هذه الأرض المعطاء . العراق ايها السادة بلد عظيم وعليكم كقادة ان تكونوا بحجم عظمته وبحجم حضارته التي علّمت العالم الكتابة ونقلته نحو التحضر والتمدن ، وإلا فان التاريخ لن يرحم ومزبلته لن تمتليء وصمتكم لن يطول السكوت عنه .
|