قد نسمع قريبا جدا ثناء الحوثيين ومعهم علي عبد الله صالح وتقديرهم لموقف المملكة العربية السعودية وخصوصا الملك سلمان بن عبد العزيز في جمع المتخاصمين اليمنيين الذين إلتأموا في الكويت للإتفاق على صيغة حل نهائي للأزمة ولوقف الحرب التي تشتعل على جبهات عدة من عدن في الجنوب الى الحدود مع المملكة.
في السياسة لايمكن بقاء الشئ على حاله فهو متغير ويخضع لشروط لعبة قاسية لايمكن التحكم بها إلا قليلا ووفق عوامل متغيرة هي الأخرى، فالسعودية التي وقفت الى جانب حركة الإصلاح الإخوانية وجماعة هادي وسمتهم بجماعة الشرعية، لاتجد غضاضة في إستمالة الحوثيين والتفاوض معهم بعد أن أدركت أن تكلفة الحرب تفوق المتوقع ولاتأتي بنتائج حقيقية على الأرض، ثم أن أي إنسحاب لجماعة الحوثي وعلي عبدالله صالح يؤدي الى تقدم للقاعدة في مدن أخرى في الجنوب خصوصا، ولايبدو أن الحرس الجمهوري الذي يتبع لصالح في حال إنهيار، وعلى العكس تماما فالقصف الجوي العنيف لم يظهر مكانة مميزة لقوات الرئيس هادي الذي لم يتمكن طوال عام كامل من الحرب من كسر الجمود وتحقيق نصر حتى لو كان بسيطا، بينما خسرت المملكة بعض الجيوب على حدودها ومعها جنودا وطائرات، وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر المتضررين من أعضاء التحالف العربي لدعم الشرعية بعد قصف لمواقع القوات التي أرسلتها الى جبهات الحرب.
المفاوضات التي إنطلقت في الكويت وبقيت متعثرة بين وفد الحوثيين وصالح من جهة، ووفد الرئيس هادي من جهة أخرى جاءت بعد معارك إمتدت لعام كامل وتحديدا منذ 26 مارس من العام 2015 وحتى اليوم ولم يتحقق خلالها حسم لمعركة واحدة على جبهة من الجبهات، بينما تقدمت القاعدة وداعش وسيطرت على مدن في الجنوب بينما تحولت عدن المحررة والتي كان يراد لها أن تكون نموذجا رائعا قدمه التحالف العربي لليمنيين الى جحيم مستعر، وإختلطت فيها الأوراق فلم نعد نعرف هل إن السيطرة لقوات التحالف والرئيس هادي، أم للقاعدة، أم للحراك الجنوبي الذي يطالب بالإستقلال؟
الغرب والولايات المتحدة يشعرون بخطورة الأوضاع في اليمن، وجسامة التحديات وحجم المخاطر على المدنيين والأطفال خاصة الذين يفقدون حياتهم وتنقطع بهم السبل ويحتاجون الى المزيد من الطعام والماء والدواء، وأدركت المملكة السعودية مايريده الغرب وضرورة إيجاد حل ما خارج نطاق الحرب والقصف، كما أن حضور داعش والقاعدة تطلب تدخلا أمريكيا من خلال قصف بعض الأهداف المنتخبة، وضرورة قيام التحالف العربي بمشاركة ما وقد حصلت بالفعل لضرب أوكار القاعدة، في ذات الوقت الذي لم ينكسر فيه الحوثيون ولا صالح، وقد تعزز في ذات الوقت موقف أمراء الحرب المناطقيين والتجار الذين ينشطون في الحروب ويحققون مكاسب مالية هائلة تدفعهم لعدم الإنصياع لقرارات سياسية، أو لمواقف قوى فاعلة مع توفر شروط قيام سلطة لهم تجعلهم في وضع الند للقوى التي وظفتهم وقاتلوا معها.
القاعدة، وأمراء الحرب وتجارها الفاعلون، وصمود الحوثيين وصالح، وضعف هادي والتكلفة الهائلة تدفع بإتجاه حل لابد أن يكون سريعا. هل هذا مايفسر عدم إستعجال صالح ومعه الحوثيين للوصول الى حل سريع؟ |