• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كان صمتي تهجدا بلعنهم و بكائي براءة من فعلهم .
                          • الكاتب : زهير مهدي .

كان صمتي تهجدا بلعنهم و بكائي براءة من فعلهم

 اسمع و ارى بصمت كل اخبار بلدي

بلدي الذي ابتلاني الله بحبه، اعيش لوعته اينما حطت ارجلي و ارى صوره المؤلمة مرتسمة على جدران تلك المدن البعيدة و شوارعها فلا رونق في الالوان و لا بهاء في الوجوه و لا بهجة يمكنها التسلل للقلب ، فكل شيء غدى في عيني قاتم معتم.
   
المي و حزني على عراق اللغة الاولى و الحرف الاول و العلم الاول و الشعر الاول و الفن الاول و اللحن الاول و الدستور الاول و القانون الاول و التقويم الاول، ذلك الالم ، جعلني افقد الاحساس بالكلمات و انساني طعم اللغة و انتزع من جسدي البالي روح الفن و بعثر في اعتباراتي كل قوانين الحياة.
 
اوصلني الذهول المستتديم لموت كل ذكريات بلدي و ذاكرته الى الصمت الطويل ولا املك غير الصمت تعبيرا و الصمت عند الشعراء بكاء.
 
فلا يجول بخاطري سوى البكاء 
 
ابكي لشبابٍ تتهاوى كالزهور، حُرموا من كل حق في الحياة سوى حق الاستشهاد في سوح القتال.
 
لم يحظوا بتعليم و لا تكريم و لا اسفار و لا امن و لا دار ، و كأنهم خُلقوا للموت كي يحيى الاخرون .. ما ذنب امهاتهم و ابائهم .. ما ذنب زوجاتهم .. ما ذنب بناتهم و ابنائهم. 
 
ابكي لملايين الايتام و طوابير الارامل و حشود الجرحى و المعاقين غصت بهم الحياة حتى اصبحت البلاد ثلثها دار ايتام و ثلثها مآتم و ثلثها مستشفى كبير.
 
ابكي مرضى السرطان  كالطفلة زينب التي التهم المرض اشراقة وجهها الطفولي ، ابكي كلما تخيلت حال امها و ابيها و هي تذوب بين ايديهم كزهرة ياسمين في صحراء قاحلة
 
ابكي لحال ام حسين التي تسكن مع ابنائها في غرفة لا تصلح ان تكون مفقس افراخ 
وهي ترى كل يوم نحول ابنتها الجميلة و تقوس ساقيها نتيجةً لسوء التغذية حتى تركت المدرسة
 
ابكي لام شهيدٍ تسكن كوخا
و زوجة جريح في خريبة
و شيخ كبير يعيد كل صباح تسجيل مشهد اعدام ولده مذبوحا فينوح على استحياء  
 
اجد في البكاء سلوة و رحمة تغنيني عن متابعة نزالات ساسة يتنافسون بلعبة " كراسي الارض المحروقة"
 
اجد في البكاء ترفعا و تحفظا يمنعني من ان اسب عبيد العمائم و نعيق البهائم
اجد في البكاء مغرما يخفف من المي حين ارى جموع الجياع تدافع عن مناصب ساسة فاشلين و قادة لصوص و رجال دين متذبذبين متخاذلين
 
حروب،  امراض، حوادث سير كارثية، كوارث بيئية ، فشل مؤسساتي ، كل ذلك وما زال كل سياسي متشبث بكرسيه في تلك المحرقة واثقا بنفسه ممثلا دور المُخَّلِص المنقذ.
كل ذلك وما زال الناس مدمنين الولاء لقادة و سياسيين و رجال دين هم سبب كل الذي هم فيه و يدافعون عنهم كدفاعهم عن الارض و العرض.
 
ابكي لحال كل متألم محزون مفجوع و احتفظ بالكره و البغض لكل الاسماء العريضة في بلدي و كل الهاتفين و العبيد و اجدد البراءة منهم و الكفر بهم كل لحظة. 
 
٣/٤/٢٠١٦ 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=79096
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14