 هكذا هي المرجعيّة الدينيّة العليا ، علّمتنا أن لا يخيب الظنّ بها ، فلقد أبقت ثقتنا عاليةً بقراراتها ، سواء نطقت أو صمتت ، تحرّكت أو سكنت .. لاندّعي عصمتها ، بل نسلّم بما تمتاز به من الإيمان والحكمة والمعرفة والإخلاص ، والسعي الحثيث نحو إرساء السلم والسلام والمحبّة والوئام ، بنبذ العنف والإرهاب والفرقة والاحتراب .
فما قيمة الفكر والمبادىء والرؤى والمعارف إن أهملت أو تماهلت عن الحسّ الإنساني والشعور الأخلاقي ؛ ولاسيّما أنّ فضاءات وحوارات وصراعات أنسنة الفكر هي من أخطر القضايا التي لازالت منذ القدم حتى يومنا هذا تحتلّ الحيّز الكبير من التداول والنقاش المثير ، بل طالما تطرح التساؤل الاستنكاريّ الاستفزازي : أين موقعكم في سجلّ الأنسنة الميداني ..
لم نتفاجأ بدعوة المرجعية العليا اليومَ من على منبر صلاة جمعة كربلاء المقدّسة إلى ضرورة وأرجحيّة تخليص المدنيّين من مخاطر الحرب الشرسة الدائرة رحاها حالياً ليس في العراق فحسب بل في سوريا واليمن وليبيا وكلّ أنحاء العالم ، فهي حربٌ نوعيّةٌ لازالت قائمةٌ منذ البدء حتى النهاية بين النقيضين .
ماأروع الحسّ الإنساني والبُعد الأخلاقيّ المتبلور في " كون إنقاذ المدنيّين من مخاطر الحرب أهمّ من استهداف العدو ".
نعم ، هذا هو ديدن المرجعية ولانرجو منها غير هذا الرقيّ الخلقيّ الراشح من رقيّ رسالة الدين الحنيف والقيم الحقّة التي تحترم النفس الإنسانية المكرّمة إلهيّاً إلى حدّ جعلها أهمّ حرمةً من الكعبة حتى .
ولطالما عوّدتنا المرجعيّة الدينيّة تاريخيّاً على العمل الدؤوب من أجل حفظ اللحمة الوطنيّة رغم اختلاف الأعراق والمذاهب والأديان .. إدراكاً منهجيّاً واعياً منها بوجوب لمّ الشمل والأُلفة والاتّحاد ، وتحذيراً من مخاطر وعواقب الفرقة والشتات .
حقّاً إنّها صمّام الأمان ومرفأ الإيمان ومعقل الاطمئنان وملجأ التائه الحيران .
والحمد لله المتعال المنّان . |