نبدأ من حيث مفهوم الضرة؛ وجمعها ضرائر، وهي من تشارك إمراءة بزوجها، فتكون لها حقوق وعليها واجبات بمثل ضرتها، وتأتي التسمية من باب ترميم ما يقع بينهما من حسد أو عداوة، بمصطلح قد يخفف وطأة التصادم بينهما، وينطبق معنى الضرة، عندما يتشارك بالشيء إثنان، من باب تسابقهم على كسب مصلحة الشيء، وكثيراً ما تترجم العلاقة بالضدية بينهم، تسابقاً الى كسب موقف العامل المشترك.
لا ضير أن يجتمع بالوطن مشتركان، أخذ كل جانب فيهم منحى الضرة المطيعة، تعمل على كسب موقف الوطن، مسلمات الإمور، تقودنا الى شيء من قبيل الحسد أو الكيل بينهما، لكن مسلمات الواقع أثبتت عكس ذلك تماماً، حيث إجتمع المختلفان بقوة، لحفظ حياة المشترك ، بدافع المسؤولية المترتبة على الإثنين، والتي تحفظ لكل صاحب وجود حقه، في التعامل مع الواقع.
بعد إن إنهار النظام السياسي في العراق عام 2003،كان إلزاماً على النظام السياسي الجديد تشكيل جيش، ومن أهم تلك التشكيلات، هي منظومات القوات الأمنية، بما تشمل وزارتي الدفاع والداخلية، إعصار الإحتلال جرف معالم الحكومة، مما أجبر الحكومة المنتخبة، الدفع بإتجاه ضرورة بناء جيش قوي، قادر على حماية البلد.
لغاية عام 2006، الحكومة تتجه بإتجاه رسم آليات وأسس الحكم، التي منها يمكن الإنطلاق، نحو حيثيات وهيكلة التطبيق، حيث يقضي السياسيين ممن إشترك بالحكومة آنذاك، ساعات وساعات في غرف يعتمها الظلام، إلا من ساعات قطع غير مبرمج، وجوٍ ملؤه الإرهاق والتعب والمشاحنات، التي تستمر لساعات متأخرة من الليل، من أجل إنتخاب جمعية وطنية، وكتابة دستور للشعب، يحفظ حقوق المكونات والقوميات، وإنهاء صفة الاحتلال، بإخراجه وتكسير قيود طائلة الوصايا وغيرها.
ما بعد عام 2006 ، خزائن البلد وموازنات الحكومة الإنفجارية، كان بإستطاعتها، توظيف ملاكاتها للدفع بهذا الإتجاة، فتحت ألاف السجلات والمصارف والبنوك، أمام المنظومة الأمنية، من أجل تقويمها، وإعادة هيكلة الجيش والشرطة، سطوة الفساد؛ كان لها الدور الأبرز في عرقلة التوظيف، "غياب الحس الوطني، "أزمة الضمير عند بعض أصحاب القرار، "تسلط بقايا البعث داخل أروقة الحكومة،"تفرد وتفرعن حكومة الحزب الحاكم بالقرار، عوامل غيبت تلك الأموال في مهب ريح الفساد.
مرجعية النجف، على حذر تراقب ما يحصل بالبلد، داعش تتهيأ لنسف معالم العراق، والإسلام في المنطقة، عبر بوابة المحافظات الغربية، حيث الحواضن والفساد المستشري، جراء حكومة الحزب الحاكم، المنظومة الأمنية لم ينقصها الأموال لبنائها، بقدر ما ينقصها الإدارة الوطنية، أوالحس الوطني، حيث ذاب جليد الوطنية بماء مد الفساد، من جنود فضائيين، ومناصب تباع بالأموال، ومخصصات تسلم للمتنفذين، الأمر الذي دعى بمرجعية النجف، للبحث عن ضرة، تشارك القوات الأمنية بعامل أسمه العراق.
الحشد الشعبي، والقوات الأمنية، ضرتان على ذمة العراق، زواج بعقد مرجعي مقدس،إستطاعت المرجعية الكريمة من خلاله توظيف أحدهما للأخر، لم يقتصر عمل الحشد على الجهاد الميداني، تعدى الى إعطاء القوات الأمنية، ماعجزت مليارات الدولارات عن توفيره، وهو(العقيدة والثقة بالوطن)، حتى صار الحشد وضرته يتسابقون على الجهاد، والدفع بالحرب لصالح العراق، فهما ضرتان بترياق إيجابي، أعاد للوطن سطوته ووجوده وطنيته.
واخيراً؛ من خلال ما تقدم نفهم أجوبة بعض التساؤلات التي تقول: لماذا المرجعية توصي بدمج الحشد مع القوات المسلحة؟ وكيف نجحت المرجعية في توظيف أحدهما للأخر؟ وكيف تعامل الإثنان بمفهوم الضرة الصالحة؟! وكيف ضمنت المرجعية حقوق كل جهة على قدر وجوده وتمثيله؟! وكيف كان لها الدور الأكبر، في إرساء روح التعاون بينهما؟! بإعطاء صفة الشراكة بالإيجاب.