وجهت صحيفة نوفيل أوبزرفاتر الفرنسية عام 2003 , الى المرجعيّة الدينية العليا سؤالها رقم ( 4 ) :
" هل ترى في الوقت الحاضر , أن الشيعة في العراق , أكثر توحداً وتعاوناً وتقارباً , فيما بينهم عن قبل ؟" .
ــ فجاء جواب رقم ( 4 ) من للمرجعية الدينية العليا :
" إذا لم تتدخل الأيادي الأجنبية , في الشأن العراقي , فسيكون كل الشعب في العراق , أكثر انسجاماً وتقارباً , لا خصوص الشيعة ! " .
ــ أسئلة صحيفة نوفيل أوبزرفاتر الفرنسية .
ــ مكتب السيد السيستاني (دام ظله) النجف الأشرف 1/ رجب /1424 هـ ــ 2003 .
ــ لو كانت الأحزاب السياسية العراقية وعلى مختلف مسمياتها , ومتبنياتها الفكرية , ومشاربها الإيديولوجية , أخذت بتلك الرؤية السديدة للمرجعية الدينية العليا , التي أفاضت بها بعد سقوط النظام المقبور عام 2003 , كنصيحة إرشاديّة ووطنية لهم , وبلا مقابل , باعتبارها (

أي المرجعية ) قد شخّصت بنظرها الثاقب العدو الحقيقي للعراق وللعراقيين , وخطره لو تدخل بالشأن العراقي وما ينتج عنه من جرائم وحشيّة بحق الابرياء , وأعطت من باب حرصها وواجبها الشرعي والاخلاقي تلك الرؤية السديدة كنصيحة . لوفرت لهم ( للأحزاب ) الجهد والعناء الكثير , وربما سجّل التاريخ لهم , مواقف وطنية مشرفة تحسب لهم , وتضاف الى ما عندهم من تاريخ جهادي في مقارعة الظلم والجور على مدى تاريخهم . وجنّب الشعب العراقي تلك المآسي المروّعة , من مسلسل القتل الجماعي ( بالجملة ) والواقع بنسبة كبيرة جدا ً , على طائفة معينة دون غيرها .
ولكن الذي حصل ويحصل هو واحد من اثنين :
1 ــ إما أن الأحزاب السياسية العراقية جميعا ً ( غـبـيّـة ) وعلى درجة من الحماقة , وأنهم لا قِبَل لهم و ( بسبب الغباء والحماقة ) في إدارة الدولة العراقية الجديدة . لأن ترفض نصيحة شرعيّة ووطنية وأخلاقية , من الممكن أن تعود على العراق والعراقيين الخير كل الخير . وصادرة من جهة معروفة بالصلاح والإصلاح , ولا تشوب إفاضاتها , ( وبشهادة الجميع ) , مصلحة ذاتية أو دنيوية لا من قريب ولا من بعيد , وهذه النصيحة صادرة منذ بدايات الانعطاف التاريخي للعراق عام 2003 م , وبداية مسيرة العراق السياسية الجديدة .
2 ــ أو إنهم فعلا ً عملاء للخارج , تصدّوا للعملية السياسية في العراق , تنفيذا ً لأجندات الدول التي لا تريد خيرا ً للعراق وللعراقيين . وكانوا دمىً إسلامية وليبرالية وعلمانية ووو , تحركها الأيادي الأجنبية , لتخريب ما تبقى في العراق , حتى أتوا الى الحرب الطائفية , وتمزيق النسيج المجتمعي , وهو حلم الأجنبي , فكان مسلسل الدمّ المروع , الذي لا يزال ينال من الشعب العراقي الصابر . كيف لا وقد لُقحت بيضة وجودها بعواصم الغير , ورضعت أجنداتها حتى استوى عودها ونمى لحمها . حتى أصبحتُم إلْباً على الشعب العراقي ، ويَداً عليهم لأعدائهم .
وإلا ّ بماذا يُفسّر استمرار مسلسل القتل اليومي للعراقيين . إنّ تجربة المواطن العراقي , خلال الثلاثة عشر سنة , منذ تغيير النظام السابق وللآن , لم يلحظ من التجربة السياسية , إلا ّ المضيّ قُدما ً نحو السيئ والأسوأ , ولم يلمس إلا ّ الابتعاد التام عن نصائح وإرشادات المرجعية , ولم يشاهد الركض اللاهث والغير مبرر وراء نهب المال العام , والإمتيازات المالية الفخمة , ولم يَر إلا ّ الكسب الفاسد والغير مشروع وتحت غطاء القانون . ولم يمسك إلا ّ الانغماس التام , بتطبيق رؤى وأجندات الأجنبي , السالبة للإرادة والكرامة العراقية , من خلال إثارة النعرات والخلافات وخلق الأزمات , ودعوات الإنفصال والتقسيم وتمزيق الهوية الإسلامية والفكرية وغيرها , حتى توّج الوضع العراقي بفضل ممارساتهم , بدخول تنظيم ( داعـش ) الى العراق وتهديده بالكامل لولا المرجعية .
وكنتيجة يخلص المواطن العراقي اليوم , ومن خلال معايشته للتجربة الدمويّة , مع جميع الأحزاب والكتل والتيارات , سُنيّة كانت أم شيعية , وعربية كانت أم كردية أو غيرها , بزعاماتها ورؤسائها ومرجعياتها , قد جمعت بين الغباء والحماقة من جهة , وبين العمالة للأجنبي من جهة أخرى .
وبالتالي سيكون كل الشعب في العراق , ومن غير هؤلاء الحمقى العملاء , قـطـعـا ً أكثر انسجاماً وتقارباً , لا خصوص الشيعة فقط وإنما جميع مكوناته بلا استثناء .