• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : الشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) رجل العلم و داعية الإصلاح .
                          • الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي .

الشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) رجل العلم و داعية الإصلاح

المقدمة
    شأن المصلحين في كل زمانٍ و مكان أن يُعفى ذكرهم و تصادر جهودهم ، أو تُختزل من قبل جماعة ما و لغاية ما .
أما الافتخار بهم و بما قاموا به من جهود فلا يستبعد كثيراً .. عالمياً .
أما عربياً .. فبعيدٌ و هم أحياء ، و أقل بعداً و هم أموات .
إذ قد يُكرمون بوضع لوحة تشير إلى شارعٍ فرعي يسمى باسم أحد ( المصلحين ) ليطبل بعدها المتحذلقون ـ بذلك الإنجاز ـ و بأنهم قد خدموا الثقافة و العلم و المعرفة خدمة لم يقم بها أحد قبلهم و لن يأتي أحد بعدهم يفعل ذلك !!؟
نعم .. لقد صدق المتحذلقون .. إذ قد فعلوا شيئاً لم يفعله أحد قبلهم ابداً و ذلك حين زاوجوا بين الثقافة و مديرية البلدية .. ببركة الشارع الفرعي !!!
لكن .. و بصراحة .. قد يكون من كُتب شارع فرعي باسمه أكثر حظاً من غيره .. فالتنافس على الشوارع هذه الأيام كثير !!!!؟
رحم الله الشيخ محمد رضا المظفر ، عاش و مات و هو في كلتا الحالتين كان مجهول القدر .. لم يُنصف في حياته ، و لم يُنصف بعد موته ابداً .
    إن المنهج الإصلاحي و التجديدي للشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) كان له في خارج العراق مكانة و تقدير و استيعاب و فهم أكثر من مكانته في داخل العراق .
و هذا بالضبط هو ما مر به مشروع السيد محمد باقر الصدر ( قدس سره ) ايضاً .
في هذا البحث المتواضع سنحاول الوقوف عند الجهود الإصلاحية للشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) و بما نستطيع ، و قدر الإمكان ، لما نحن محكومون به من وريقات و وقت و شغل شاغل . 
نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى تأدية حقه ، فهو و بحق صاحب فضل على كل طالب حوزة ، و على كل طالب علوم دينية ، ما دام الكل يدرس كتبه و يطالع مؤلفاته .
الإصلاح .. دعوى .. أم ضرورة ؟
الإصلاح  : اشتقاق من الفعل ( ص ل ح ) , و الذي يقابل المعنى المضاد لـ( فسد ) , كما و إن كل المعاني التي وردت في القران الكريم لمفهوم ( الإصلاح ) تقابل معنى ( الإفساد ) . 
فالإصلاح هو التقويم لما أعوج , و التصحيح لما أُخطئ فيه , و ايضاً يحمل معنى التوجيه و الإرشاد .
و الإصلاح هو وضع الأسس الصحيحة , و العلاج الناجع لأخطاء ظهرت في المجتمع و ذلك لأجل السيطرة عليها و من ثم إصلاحها من أجل بناء مجتمع صالح .
أن الإصلاح و بمعناه العام يتضمن عمليتين قد تجتمعان و قد تفترقان و هما : 
1ـ العمل من أجل الإصلاح .
2ـ العمل من أجل رفع الفساد و منع الإفساد .
فـ( الإصلاح ) يكون في المواطن التي غيرت معالمها يد الإفساد مادياً و معنوياً , من أجل إرجاع كلٍ إلى طبيعته , يشترط في من يقوم بعملية ( الإصلاح ) أن يكون متصفاً بالصلاح حقيقة و واقعاً ، لا إدعاءً و تجوزاً .
الإصلاح تارة يتم ضمن دوائر ضيقة , و تارة ضمن دوائر واسعة , و كلما كان نطاق الإصلاح أوسع و أشمل كانت عملية الإصلاح أصعب و تحدياتها أكبر و أعظم يحتاج إلى توكل و تسديد و توفيق , و لعل قوله تعالى على لسان نبي الله شعيب ( ع ) فيه إشارة إلى هذا المعنى :
قال تعالى : (( إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ  )) سورة هود ، الآية (88 ) .
من المعلوم إن الدعوة الإصلاحية الاساس ؛ هي دعوة الأنبياء و المرسلين ( ع ) و التي ختمت بالرسالة المحمدية الأصيلة , التي جعلت من كل مسلم داعية للإصلاح في حدود الممكن و المستطاع , و وفق الضوابط الشرعية الصحيحة و تحت مسمى شرعي إلا و هو : ( الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ) .
إن سعة و شمولية الدائرة الإصلاحية للرسول الأكرم ( ص ) الإصلاحية هي خير دليل على أفضليته على سائر الأنبياء ( ع ) .
قال تعالى : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا )) سورة سبأ ، الآية (28) .
أن الفكر الإصلاحي الذي هو أساس الإصلاح يراد به : ( جملة الأفكار و التصورات و المفاهيم و النظريات التي تشكل البناء المنظم للمعرفة الإصلاحية و التي هي نتاج لما هو مفكر فيه بمنطق عقلي بشري ضمن ظرفيات مكانية و زمانية محددة )  .
و لا بد من الإشارة إلى أن تعريف ( الإصلاح ) في الفكر العربي يختلف عما هو في الفكر الغربي و بالخصوص الإطلاق الحديث منه . إذ كان هناك لغط و عدم فهم ، و آخذ و رد حول المراد بـ( الإصلاح ) .
إن الفكر العربي يتمسك بالمعنى الأصلي و القديم و الوحيد للإصلاح . أما الفكر الغربي فينقسم في فهمه إلى قسمين ؛ أحدهما يُعرف الإصلاح بما يشابه التعريف في التراث العربي . و الآخر يرى الإصلاح انقلاب جذري , بل تحول كلي من حالة إلى أخرى مختلفة عنها و غير مشابهة لها أصلاً  .
 
هاجس .. و تطلع
    كان الهاجس ( المناهجي ) يؤرق الشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) ، إذ كانت كتب حوزوية كثيرة من أمثال ( الحاشية ) و ( الشمسية ) و ( كفاية الأصول ) غزيرة الحواشي ، صعبة المطالب ، تذهب بالطالب يميناً و شمالاً ، حواشيها و شروحها أكثر صعوبة من متونها ـ في مجمل الأحيان ـ ، و الفائدة منها قليلة مقارنة بما يقرأ من أجلها كماً .
فكان ان عزم ( قدس سره ) على تقليل الهوة ، و السعي إلى وضع كتب تعتمد منهجية جديدة و مفيدة ، تعطي فائدة أكبر ، سهلة القراءة ، سهلة الحفظ ، يسيرة التناول .
فكان و بحق ان ظهر الإبداع ( المناهجي ) على يده ( قدس سره ) في أروع صوره ، تجلى ذلك و بحق في رائعتيه ( الأصول ) و ( المنطق ) .
ان لكل كتاب من هذين الكتابين ميزاته التي جعلت منه منهجاً حوزوياً لا يستغنى عنه في كل الحوزات الشيعية قاطبة .
و لا يعني ذلك أن نغفل حق كتاب ( عقائد الإمامية ) أو كتاب ( الفلسفة الإسلامية ) و لا حتى كتاب ( السقيفة ) أي حق من الحقوق .
لقد كان لكتاب ( عقائد الإمامية ) مكانته التي تجلت في تلخيصه للرؤية العقائدية الشيعية و بأسلوب بسيط في كتيب صغير جامع و مانع .
 
أسس الانطلاق
    إن لكل فكرة ناجحة أسس سببت ذلك النجاح ، و عوامل ساعدتها في الارتقاء و الديمومة .
سنحاول الوقوف على جملة من الأسباب التي جعلت منهج الشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) يتسم بتلك الديمومة و البقاء ، و التي منها :
1ـ الإخلاص .
2ـ السعي الدؤوب : بلا كلل و لا ملل رغم النقد و الحسد ، و الصعوبات .
3ـ الإيمان الحقيقي بمدرسة أهل البيت ( ع ) .
4ـ العصامية .
5ـ العلمية .
6ـ الموسوعية .
7ـ الانفتاح على الثقافات الأخرى .
8ـ الرؤية الإصلاحية الدقيقة .
9ـ التخطيط المنهجي الصحيح .
10ـ النظر إلى النتائج بلا تشاغل بالمقدمات أو الجزئيات ، أو الأمور الجانبية .
 
الاستشراف المستقبلي في فكر الشيخ المظفر ( قدس سره )
    إن الاستشراف المستقبلي عند الشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) قد تجلى في ، و سعى لها ، و أسسها ، و نادى بها ، ظهر فيما بعد مدى اهميتها ، و مدى الفائدة التي حققتها حتى حال الحاضر ، بل و ستظل حتى تظهر رؤية استشرافية اخرى جديدة .
لقد تمثلت رؤيته الاستشرافية ( قدس سره ) بما يمكن ان نجمله من أمور هي :
1ـ تأسيس جمعية منتدى النشر :
و التي أسسها ( قدس سره ) مع ثلة من العلماء و ذلك عام ( 1354 هـ ) ، و هم كلٌ من :
أ ـ الشيخ محمد جواد الحجامي ـ عميداً .
ب ـ الشيخ محمد رضا المظفر ـ سكرتيراً .
جـ ـ السيد يوسف الحكيم ـ عضواً ادارياً .
د ـ السيد موسى بحر العلوم ـ عضواً ادارياً .
هـ ـ الشيخ هادي حموزي ـ عضواً ادارياً .
2ـ مشروع اصلاح المنبر الحسيني ( كلية الوعظ و الإرشاد ) :
ان تأسيس كلية الوعظ و الإرشاد كان هدفه اصلاح المنبر الحسيني من كل الاحاديث الموضوعة و الضعيفة و تهذيب الخطباء ، و تذكر التواريخ انها الغيت بعد شهر واحد لشدة الهجمة التي شنت عليها .
3ـ تأسيس كلية الفقه :
فبعد سنة من تأسيسها اعترفت وزارة المعارف العراقية بها و ذلك عام ( 1378 هـ ) ( 1958 م ) .
و اعتبرت شهاداتها عالية تطبق عليها القوانين و الأنظمة في ما يتعلق بخريجي المعاهد العالية ، و درجتها العلمية البكالوريوس ، و اجازتها اللغة العربية و العلوم الإسلامية .
و بتاريخ ( 29 / 12 / 1962 م ) و برقم ( 20383 ) تم الاعتراف بمستوى كلية الفقه و معادلتها بالكليات الشبيهة بها مثل كلية الشريعة و التربية و الآداب .
4ـ تأليفه كتب أسست لمنهج حوزوي جديد :
و هذه الكتب هي :
أ ـ المنطق .
ب ـ أصول الفقه .
جـ ـ عقائد الإمامية .
د ـ الفلسفة الإسلامية .
و التي سنتكلم عنها في البحث المخصص لذلك .
5ـ تخريجه لثلة من الطلبة كان لهم الأثر الكبير في التجديد و الإصلاح :
و نذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض الأسماء التي منها :
أ ـ السيد محمد تقي الحكيم :
ب ـ السيد مصطفى جمال الدين :
ج ـ الشيخ أحمد الوائلي :
د ـ الشيخ محمد حسن آل ياسين :
هـ ـ الشيخ عبد الهادي الفضلي :
و ـ الشيخ محمد مهدي الآصفي :
ز ـ الشيخ محمد مهدي شمس الدين :
 
وقفات مع الكتب التي ألفها ( قدس سره )
    إن النشاط العلمي و الكتابة و التأليف تشكل جزءاً مهماً من رسالة الشيخ المظفر ( رحمه الله ) اضافة إلى تطلعاته الحركية الاصلاحية على كافة الأصعدة ، فكانت كتاباته تتمتع بجمال التعبير و روعة العرض و التنسيق  .
و هنا لا بد من ان نقف وقفات تُعرف بالكتب التي ألفها الشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) ، و من ثم الكلام عن ميزات تلك المؤلفات عن غيرها .
أولاً : المنطق :
    لقد تميز كتاب ( المنطق ) الذي ألفه ( قدس سره ) بانه قد اختصر فيه الفهم للكثير من المطالب و حدد القواعد المنطقية مميزاً لها عن غيرها و بدون أي ابهام او زيادة كلام مما لا يتعلق بحريم المطالب المنطقية .
و تميز الإبداع في تلك المقدمة الممهدة للمنطق ، و كذلك في الكليات الخمس ، و في موضوع الموجهات ، ثم الإبداع الأروع الذي تجلى في توضيح ( الصناعات الخمس ) بأسلوب قل نظيره .
إن كتاب المنطق الذي ألفه الشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) يقع في ثلاثة اجزاء ، فهو من الكتب المقررة في الدراسة الحوزوية ، له ميزة السير المنهجي التدرجي ، و الخطة التعليمية تصاعدياً مما يميزه على كثير من كتب المنطق الأخرى .
نقرأ في أول كتابه الإهداء الذي كتبه ( قدس سره ) إذ يقول : ( إلى أعزائنا الذين وهبنا لهم زهرة حياتنا .. و من ينتظرهم الغد قدوة صالحة .. إلى الشباب المتحفز .. إلى طلابنا : أهدي هذا السفر ، لأنه لكم ، و هو من وحي حاجتكم ... و الأمل : أن تحققوا حسن الظن بكم ، على ما عاهدتم عليه مدرستكم من الجهاد ، لترفعوا راية العلم و الدين بأقلامكم و مقاولكم ، في عصرٍ انغمس بالمادة فنسي الروح ، و انجرف بالعاطفة فأضاع الأخلاق ...!  إليكم يا أفلاذ القلوب ! أهدي المجهود المتواضع ... المظفر )  .
 
ثانياً : الأصول :
    بعد ان كانت المتون الصعبة ، و الحواشي المثخنة بالعبارات الفلسفية تنهك طلبة العلوم الدينية ، حتى ليعد من حَصَلَ فهماً فيها ـ بأجمعها ـ عالماً بحق ، و بالخصوص تلك الحواشي التي كانت تأخذ الطالب بعيداً و بعيداً عن المتن و بعيداً عن المراد العلمي فيها .
و هذا ( ما نراه من تداخل للكثير من العلوم في " علم الأصول " مما سبب كثرة التقسيمات و التفريعات في داخله يوماً بعد يوم لعلوم و مناهج أخرى اندكت فيه كـ" علوم اللغة , و البلاغة " , و " الفلسفة " , و " علم الكلام " مما يُصَعب على طالب العلم استيعاب كل ذلك , بل إن كل هذا يؤدي إلى تأخيره , و يشتت تفكيره في تفريعات , و حواشي , و شروحات تضر أكثر مما تنفع , بل قد لا تنفع أبداً في بعض الأحيان , و كل ذلك مخالف لأصل العلم و الذي يراد منه حفظ " قواعد " معينة تفيد في استنباط الحكم الشرعي .
لذا فإن تطوير أدوات الاجتهاد المتمثل بـ" المناهج الدراسية " أمر مهم , و ضرورة ملحة , فنحن نقدر و نحترم و نبجل جهود علمائنا في تأليفهم للكتب , و تركهم للآثار العلمية المفيدة و بالخصوص الكتب التي أصبحت مناهج دراسية , لكن من المهم أن نعلم أنه ليس كل كتاب قيم هو صالح للتدريس , و ليس لأننا نحب و نبجل و نقدس الشخص الفلاني فلابد أن ندرس كتبه , بل القضية قضية تطور معرفي , و كيف نطور معرفتنا لنكون أهلاً لمنصب أو درجة الاجتهاد , و هذا ما دعا إلى رفع الأصوات بأن يكون هناك تجديد في المناهج الدراسية الدينية , فإن هذه الكتب " التقليدية " قد درسها آلاف الطلبة و لم يجتهد منهم عشر العدد , أليس هذا خلل يحتاج إلى الإصلاح ؟  ... )  .
لقد منهج الشيخ المظفر ( رحمه الله ) كتابه الأصولي وفق منهج علمي سلس قل ان تجتمع هذه الخصال بكتاب ما .
لقد كتب الشيخ المظفر ( قدس سره ) هذا الكتاب في سنة ( 1957 م ) ( 1376 هـ ) و كتب في مقدمته : ( وضع هذا الكتاب لتبسيط اصول هذا الفن للمبتدئين يعينهم على الدخول في بحره العميق عندما يبلغون درجة المراهقين و هو الحلقة المفقودة بين كتاب معالم الاصول و بين كفاية الأصول يجمع بين سهولة العبارة و الاختصار و بين انتقاء الآراء الحديثة التي تطور إليها هذا الفن )  .
 
ثالثاً : الفلسفة الإسلامية :
    فبعد ان كانت الفلسفة مخيفة من جانب ، و صعبة الفهم من جانب آخر ، يتخوف الكل منها ، فكنا نسمع ـ مثلاً ـ ان فلاناً قد جن لأنه قرأ الفلسفة ، فينصح بعدم قرأتها خوف الجنون ، و تعامل كأنها ضرب من السحر .
لا بل ـ المضحك المبكي ـ ان نسمع بأن الفلسفة اشبه بـ( النبوة ) لا ينالها إلا من ولد لذلك فقط ، فهي علم يولد للشخص المراد فقط ، و ليس بالعلم الكسبي مطلقاً .
( ترجع الخلفية التاريخية للبحث الفقهي حول مسألة " مزاولة الفلسفة و دراستها " إلى القرون الأولى من التاريخ الإسلامي ... فقد قامت بعض التيارات البارزة عبر تاريخ الفكر الإسلامي بمجابهة التفكير الفلسفي و الوقوف في وجهه . و نظراً لكون الغالبية العظمى لهذه المجابهات قد طرحت من قبل أشخاص يعتبرون أنفسهم كعلماء دين أو قادة مذهبيين في عصرهم ، فكانت تُمارس هذه المعارضة و المواجهة لـ" مزاولة الفلسفة و دراستها " باسم الدين و تحت عنوان إبداء الرأي الفقهي ؛ و قد بلغ الأمر بهؤلاء إلى حد الإفتاء في بعض الموارد بارتداد الفلاسفة و تكفير القول بالمنهج التعقلي . و تتألف الجبهة المناهضة للتفلسف و دراسة الفلسفة " و حتى المنطق " من التيارات الأساسية التالية :
1ـ التيار الكلامي الأشعري .
2ـ التيار الإخباري عند الشيعة .
3ـ تيار العرفان و التصوف .
4ـ التيار التفكيكي )  .
إن القارئ لكتاب الفلسفة الذي ألفه الشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) و لو حُذف منه العنوان على سبيل المثال ، فلن يُصدق ان الذي بين يديه هو كتاب ( فلسفة ) ، أي : ذلك العلم المخيف .
لقد صور البعض الفلسفة و كأنها معارضة للدين ، أو انها علم محرم ، و لا أدري على أي شيء استندوا من آية أو رواية .
حرم ابن تيمية الحراني الفلسفة لكونها تهدم بنيانه المعوج و تفضح مخططاته الخبيثة .
و العجب العجاب على كل من يدرس الأصول و يُدرسها و هي التي بنيت على الفلسفة ، بل أغلب عبارتها فلسفية ، ثم يُحرم الفلسفة !؟
ثم ان هناك من يحرم ( العرفان ) و هل هذا التحريم هو للمصطلح بما هو مصطلح ، أم هو للمحتوى الذي يتناوله ؟؟!
اقول هنا و لست مدافعاً عن ( العرفان ) بل بودي ان أجد جواباً وافياً عند من حرمه فقط . لذا أقول : هل عندكم يا من حرمتم ( الفلسفة ) و ( العرفان ) جواب مقنع لذلك التحريم ؟؟! ام ان الايديولوجيا هي الحاكمة هنا ايضاً ؟
 
رابعاً : عقائد الإمامية :
    كتاب رائع في مضامينه ، مختصر في ابحاثه ، موجز في كلامه ، يمثل رائعة عقائدية تختصر عقائد الشيعة الاثني عشرية .
اننا نجد مثل محمد عابد الجابري و غيره ينتقدون كتيب ( عقائد الإمامية ) بل ينتقدون المذهب الشيعي ككل من خلال هذا الكتيب . 
ان محمد عابد الجابري ـ و على سبيل المثال ـ يحكم على مذهب كامل أتصف بالقدم و العراقة و غني بتراثه الفكري و الكلامي و العقلي و الفلسفي من خلال كتيب صغير ـ أشك بأن الجابري قد اطلع عليه كاملاً أو قراءه القراءة الصحيحة ـ ألا و هو ( عقائد الامامية ) للشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) و الذي كتبه للبسطاء من المذهب الشيعي و للذين لا يعرفون المذهب الشيعي ، لكي يتعرفوا على هذا المذهب بأبسط أسلوب ممكن .
ليأتي أشخاص مثل محمد عابد الجابري ليكتبوا عن التراث الشيعي من خلال ما سمعوه من وعاظ السلاطين ، أو من خلال حكايات الجدات! ، أو من خلال الخلفيات الأيديولوجية و الأهداف الطائفية .
من هم ليحاكموا تراثاً عريقاً قام على التشارك و التكامل ليحيزوه و يختزلوه هذا الاختزال الظالم .
( لم تعكس تلك المحاولات ، أي إلمام بالتاريخ أو الفكر الشيعيَّين ، كما تدلّ على ذلك مصادره المعتمدة . نعزو تلك المحاولة التي لم تحقق النجاح المطلوب إلى الهاجس السياسي و الأيديولوجي الساكن ـ بقوة ـ في أعماق مشروع الجابري ... و حينما نعود إلى جملة المصادر التي اعتمدها الجابري في تناوله للفكر الشيعي ، و هي العملية التي ستكشف ، ليس فقط عن عجز في الاستيعاب ، بل ، و هو الأخطر من ذلك ، عن عجز في الفرز بين مختلف الفرق الشيعية ... نجد اعتماداً بسيطاً على ما لا يتجاوز ثلاثة أو أربعة مصادر . في مقابل ذلك ... نجد مادة مصدرية غنية ، تتعلق بجملة من المؤلفات ذات المنزع السلفي أو السني الأشعري ... )  .
كتب الشيخ المظفر ( قدس سره ) هذا الكتاب بأسلوب بسيط و سلس ، لينتفع بها المبتدئ و المتعلم و العالم على حدٍ سواء .
و كان تأليف هذا الكتيب الرائع عام ( 1363 هـ ) كمحاضرات دورية ألقيت في كلية منتدى النشر الدينية ، كان القصد منها أن تكون ممهداً للأبحاث الكلامية العالية من جانب ، و للرد على الشبهات التي كان يثيرها أعداء الشيعة كأحمد أمين المصري و أمثاله من جانب آخر .
يقول ( قدس سره ) في مقدمة هذا الكتاب : ( أمليت هذه " المعتقدات " ، و ما كان القصد منها إلا تسجيل خلاصة ما توصلت إليه من فهم المعتقدات الإسلامية على طريقة آل البيت " ع " . و قد سجلت هذه الخلاصات مجردة عن الدليل و البرهان ، و مجردة عن النصوص الواردة عن الأئمة فيها على الأكثر ؛ لينتفع بها المبتدئ و المتعلم و العالم ، و أسميتها " عقائد الشيعة " و غرضي من الشيعة الإمامية الاثني عشرية خاصة ... لتدرأ كثيراً من الطعون التي ألصقت الإمامية ، و لا سيما أن بعض كّتاب العصر في مصر و غيرها لا زالوا مستمرين يحملون بأقلامهم الحملات القاسية على الشيعة و معتقداتهم ، جهلاً أو تجاهلاً بطريقة آل البيت في مسالكهم الدينية ، و بهذا قد جمعوا إلى ظلم الحق و إشاعة الجهل بين قراء كتبهم و الدعوة إلى تفريق كلمة المسلمين ، و إثارة الضغائن في نفوسهم و الأحقاد في قلوبهم ، بل تأليب بعضهم على بعض ... و لا يجهل خبير مقدار الحاجة ـ اليوم خاصة ـ إلى التقريب بين جماعات المسلمين المختلفة و دفن أحقادهم ، و إن لم نستطع أن نوحد صفوفهم و جمعهم تحت راية واحدة . أقول ذلك و إني لشاعر ـ مع الأسف ـ أنّا لا نستطيع أن نصنع شيئاً بهذه المحاولات مع من جربنا من هؤلاء الكتاب ، كالدكتور أحمد أمين و أضرابه من دعاة التفرقة ، فما زادهم توضيح معتقدات الامامية إلا عناداً ، و تنبيههم على خطئهم إلا لجاجاً . و ما يهمنا من هؤلاء و غير هؤلاء أن يستمروا على عنادهم مصرين ، لولا خشية أن ينخدع بهم المغفلون ، فتنطلي عليهم تلك التخرصات ، و تورطهم تلك التهجمات في إثارة الأحقاد و الحزازات . و مهما كان الأمر ، فإني في تقديمي هذه الرسالة أملي أن يكون فيها ما ينفع الطالب للحق ، فأكون قد ساهمت في خدمة اسلامية نافعة ، بل خدمة إنسانية عامة ... )  .
 
خامساً : كتاب ( السقيفة ) :
هذا الكتاب ألفه ( قدس سره ) في عام ( 1952 م ) ، و اشرف على طباعته المجمع العلمي الثقافي لمنتدى النشر في المطبعة الحيدرية ، في مدينة النجف الأشرف . 
سادساً : حاشية على كتاب ( التجارة ) للشيخ الأنصاري :
و هي عبارة عن تعليقات تقع في قسمي البيع و الخيارات ، و قد وضح فيها ( قدس سره ) آراء الشيخ مرتضى الأنصاري ، مع عرض لمناقشات العلماء لآراء الشيخ الأنصاري ، و قد اعده للطبع الشيخ جعفر الكوثراني العاملي عام ( 1403 هـ ) .
سابعاً : بحوثه و مقالاته ( قدس سره ) :
ان الشيخ محمد رضا المظفر ( قدس سره ) عرف بإنتاجه المعرفي الغزير ، من مقالات و بحوث و كتابات ، نشرت جملة منها في صحف و مجلات متفرقة ، منها :
1ـ أحلام اليقظة : مجموعة محاضرات فلسفية ركز فيها على دراسة ( ملا صدرا ) بأسلوب حوار قصصي ، نشر في مجلات كـ( العرفان ) و ( الهاتف ) و ( الدليل ) و ( الفكر ) .
2ـ فلسفة ابن سينا : و هو بحث تناول ترجمة ابن سينا و نقد بعض آرائه ، نشر قسم منه في مجلة ( البذرة ) العدد الخامس ، في الذكرى الألفية لأبن سينا .
3ـ صدر المتألهين ، سيرته و فلسفته : نشر في مقدمة كتاب الأسفار الأربعة .
4ـ المثل الأفلاطونية : نشر في مجلة البذرة .
5ـ الشيخ الطوسي : نشر ملخصه في مجلة النجف للأعداد ( 4 ـ 5 ـ 6 ـ 7 ) السنة الثانية ( 1958 م ) .
و بحوث و مقالات أخرى تصل بمجموعها إلى ما يقارب الـ( 40 ) بحثاً و مقالاً متنوعاً .
ثامناً : تقديماته للكتب :
فقد قدم ( قدس سره ) للكثير من الكتب و المؤلفات و التي قاربت الـ( 20 ) كتاباً .
تاسعاً : مخطوطاته و كتبه غير المطبوعة :
أما ما بقي مخطوطاً من تراثه الثر ( قدس سره ) فيمكن اجماله ، و الذي منه :
1ـ بحوث في علم الكلام .
2ـ رسالة عملية في ضوء المنهج الحديث  .
3ـ تاريخ الإسلام في السيرة  .
4ـ النجف بعد نصف قرن .
5ـ مذكراته  .
6ـ تتمة أحلام اليقظة .
7ـ ديوان شعره  .
8ـ المواريث  .
........................ 
 1 : و يكفي للدلالة على أهميتها إنها وردت في القرآن الكريم أكثر من مائة و سبعين مرة بهيئات و اشتقاقات و سياقات متنوعة . 
2. :   : نقد العقل الإصلاحي , رسول محمد رسول , ص 14 .
3.  : أي انقلاب على الموروث القديم , و المراد الانقلاب على الدين و العلمنة لكل شيء حتى الثوابت .
4.   : مدرسة النجف ، محمد مهدي الآصفي ، ص 63 
5  : المنطق ، المظفر ، ص 5 .
6 : الأدوات المعرفية ، المؤلف ، ص
 7  : أصول الفقه ، محمد رضا المظفر ، ج1 ، ص 4 .
8: : محنة التراث الآخر ، إدريس هاني ، ص 75ـ 76 .
9: عقائد الامامية ( المحقق ) ، ص 13 ـ 15 ، المقدمة .
10  : انهى منها مقدمة في أصول الدين و بعض كتاب العبادات .

11 : كتبه بألفاظ الروايات و الأحاديث .

  12: دون فيها تاريخ الحركة الاصلاحية في النجف و تأسيس المنتدى و كلية الفقه و بقايا من مشروعه الثقافي .

  13: و الذي جمعه محمد رضا القاموسي .

 

  14 : كتاب فقهي .

 

 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78119
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13