لم يعد يهمني أمرها لان حبها بات ورقة خاسرة في لعبة قمار اسمها الحياة كانت حلوة في بدايتها لما كنا نرسم أحلامنا وأمانينا في الخيال لكن ما أحلاها من أطياف مرت بسرعة فائقة عندما أخذتنا عجلة الزمن بالدوران لأكثر من خمس وخمسين عام عشناها بمرارة وحلاوة حقا سعدنا بها وحقيقة أحزنتنا بما فيها عندما قالت لي
_أنا احبك ولم استغن عنك....أحيا معك وأموت معك..
وقتها كنت متهيئا الالتحاق بساحات القتال كنت جنديا ملتحقا بالخدمة الإلزامية واليوم لربما بنفس الشهر آذار من هذا العام الذي تجاوز الخمسة عشر بعد الإلفين وأنا بالكاد اهيء نفسي لالتحاق بجبهة القتال ضد دإعش الذي استحل ثاني مدن بلدي الحبيب نينوي التي قضيت سنوات ا عمري فيها , ما الذي افعله رزقي ظل يوما بيوم لن اصدق سامعا كلامها الذي أرعبني عندما قالت لي مكررة طلبها
_أريدك ان تفكر في حالنا..ووضعنا المأساوي..
بالفعل من حقها ومن شعوري بتعاسة حظي إذ لم يحالفني لأكون مثل الآخرين ممن حصل علي وظيفة او مركز مرموق أو عمل يسد رمق العيش حتي لم أتمكن من ادخار أي مبلغ يساعدني في ظروفي هذه بعدما أصبحت مجاهدا لأدافع عن وطني الجريح كلما استمعت للإخبار بان القتال مستمر في تكريت والرمادي وبالفلوجة يغلي الدم في عروقي فأحس بانهيار لإنسي كل تفاصيل حياتي واردد مع نفسي
_الويل لكم يا دواعش زمن اغبر...
فانطلق لأقطع تمتعي بالإجازة لالتحق وهذا يوما تشابه مع ايام كثيرة مختلفة هذه المرة لوجود كلمات زوجتي للمرة الثانية
_انظر للحالة التي وصلنا عليها..
كلن بودي ان يستمع مسئولي الدولة لعائلتي من حياة باتت صعبة علي وعلي أناس يدافعون ويضحون بالغالي والنفيس لأحل الوطن حتي تستمر الحياة الكريمة وان يبقي اسم الوطن .لا نريد الثمن بل نريد العيش بكرامة وشرف ان لا نحس عندما نترك غوائلنا نخشى عليها من حالات الحاجة والعوز..بقيت صامتا للحظات ونطقت بصعوبة
_يا أم كرار..اصبري ..وتحملي ..
أجابتني بعصبية
_ابنك مريض وليس بمقدوري ان اذهب به للطبيب وحثي المستشفي أصبحت بالألوفات..
استوقفني كلامها ورددت مع نفسي
_من حقها كل شيء أصبح بفلوس...
وضعت يدي علي كتفها معاتبا إياها
_الم تقولي لي ايام زمان..أنني احبك واحي مع حياتك وأموت دونك...
دمعات علي خدها قائلة
_أنا علي عهدي وكلامي لكن انظر لحال أولادنا...
حقيقة تراجعت الى الوراء وقلت بصعوبة رافعا يدي للسماء
_يا رباه رحمتك ..اللصوص يسرقونا في عز النهار وهذا حالنا ...؟
بقيت عيني تلازم وجه ولدي كرار الذي بات شاحبا بجسده الهزيل والاصفرار الطاغي على ملامحه اعتصرنني كلماته وبعثت في أعماقي الامل
_بابا..ستذهب وتتركني وخالتنا هكذا..
سكوت مخيف سيطر علي وشعور غريب يتمالكني فقلت
_ولدي..ان من تنتظرني هي الأرض..
كانت دهشته مليء عينه سألني
_هل هي نفس ارض جدي التي سيطر عليها حكام الأمس..
قلت له وشعوري بالفرحة لا توصف
_اجل يا ولدي فكم حكيت لك الحكايات عنها...
كان الصمت هو الفاصل بيننا حتي وجدت كرار يحتضنني بالكلام
_أنا بانتظارك حتي تأخذني للطبيب...
وصورة مدينة ذكرياتي الموصل قد امتزجت مع صور زوجتي وحبيبتي الدائمة وانا اردد كلماتي لها
_اصبري..ان غدا لناضرة قريب..
ابتسم ولدي وتابع القول
_ان هذه كلمات جدي قبل ان يموت.....
خرجت من بيتي وكان حبي قد كبر بشكل أشعرني بشيء جميل انه حبي الذي رافقني بعد زوال الشمس.... |