تناول المؤلف الدكتور الشيخ عدنان فرحان آل قاسم في كتابه “تاريخ الحوزات العلمية والمدارس الدينية عند الشيعة الامامية” اهم الحوزات العلمية في رقعتها الجغرافية التي تمتد من مكة الى المدينة والكوفة، وبلاد الري وقم وبغداد والنجف ..وغيرها من حواضر العالم الاسلامي التي احتضنت مراكز علمية شيعية اصطلح عليها (بالحوزات العلمية) مواكبا مسارها التاريخي والمراحل التي تخطتها والمنجزات التي حققتها في مجال العلوم والمعارف الاسلامية، مع الاشارة الى ابرز علمائها ممن ترك بصماته الواضحة على هذه الحوزات والمراكز العلمية، بالاضافة الى التراث العلمي الذي خلفته هذه الحوزات للأجيال القادمة.
وتكمن اهمية البحث، بحسب المؤلف من خلال اهمية الحوزة العلمية نفسها، اذ ان هذه المؤسسة الدينية كانت ولا زالت تحظى باهتمام مراجع الدين والعلماء الاعلام والمحققين.. وتحتاج الى من يعرفها ويساير نشأتها وتطورها التاريخي والمراحل التي مرت بها والخارطة الجغرافية للمناطق التي انتشرت فيها، ليطلع على ذلك ابناء الامة الاسلامية، وطلاب العلم والمعرفة.
وتأتي اهمية البحث في هذا الموضوع، بحسب المؤلف، من خلال المكانة التي تبوأتها الحوزة العلمية والموقع البارز لها طيلة الفترة الزمنية التي عاشها التاريخ الشيعي، اذ مثلت الكيان الذي يعبر عن رأي الطائفة الإمامية في مختلف شؤونها الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية ووقفت أمام الكثير من محاولات التحريف والتغريب.ولم يغفل الكاتب في بحثه عن دور المرجعية الدينية والحوزة العلمية في الحياة السياسية المعاصرة.
الكتاب الذي يقع في 506 صفحات الصادر عن شركة دار السلام (بيروت –لبنان) والمتوفر في مكتبة الشيخ بهاء الدين العاملي العامة، يقع القسم الاول منه في ستة مجلدات، سعى من خلالها الكاتب لجملة من الاهداف من خلال ابواب وفصول متسلسلة ومتناسقة ومترابطة، اولها التدوين التاريخي والجغرافي للحوزات والمدارس العلمية الشيعية منذ نشأتها والى زماننا الحاضر، وثانيا الاطلاع على النظام التعليمي والمتون الدراسية وابرز الفروع التخصصية العلمية لهذه الحوزات وما امتازت به، اضافة الى معرفة المؤسسين والبانين لهذه الحوزات والمدارس، وجملة من الاهداف الاخرى ابرزها الاطلاع على مدى ارتباط هذه الحوزات الشيعية فيما بينها وبين المدارس والمعاهد والحوزات عند المذاهب الاخرى في نفس البلد او البلدان المجاورة لها.
الكتاب الذي قدم له آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي وآية الله الشيخ علي رضا الاعرافي الذي اقترح موضوع هذا الكتاب وواكب مراحله ووفر له مستلزماته، واجه صعوبات عدة، اولها موضوع البحث وشموله، عملية الموضوع وتخصصيته، فقدان او شحة المصادر والمراجع من جهة، وكثرتها من جهة أخرى، رابعا، الاحتياج الى الكثير من المصادر والمراجع اضافة الى عدم وجود الدراسات الشاملة. واعتمد آل قاسم في كتابه على المصادر التاريخية وكتب الطبقات والتراجم والرجال، اضافة الى كتب الجغرافية والرحلات وكتب اللغة والأدب، والموسوعات ودوائر المعارف اضافة الى المجلات والدوريات التخصصية. |