في سفرةٍ قصيرة جمعني القدر بمجاهدٍ قديم خبرته مياه الاهوار في الجنوب وجبال كردستان في الشمال وجزيرة الكوت في الوسط خاض معاركاً صعبة ضد ازلام النظام السابق فقاتل قتال الابطال وجاهد جهاد المخلصين ، وأشرف ما شدني فيه أن جهاده هذا كان بنفس القوة على جبهتي النفس والعدو الخارجي نمنا على مقربةٍ من بعضنا ذات ليلة وفي صلاة الفجر رأيته يبكي دون صوت وهو ينظر الى هاتفه وعندما غلبت عليه دموعه تناول منشفةً كانت قريبة منه فلم اتمالك أن أسأله ما يبكيك ابا بلال ؟ فقال هذه رسالة وردتني من عذراء ، ومن تكن عذراء يا اخي ؟ عذراء ابنة صديق لي وأخٍ ورفيق درب غادرنا العراق سويةً عام ١٩٧٩وجاهدنا سويةً ضد النظام تزوج صديقي امرأةً ايرانية الجنسية فرزق بعذراء وعندما بلغت السنتين استشهد ثم توفيت والدتها بعد سنوات قليلة فتكفل عذراء جدها لامها والحقها به رسمياً لكي يستخرج لها الوثائق المطلوبة وبقيت اتابعها - والحديث لابي بلال - رغم ظروفي الصعبة واذكرها بمواقف ابيها وبطولته وشجاعته ووطنيته وتدينه وخلقه في كل لقاء لكن ذلك بين مدة ومدة وحسب القدرة والاستطاعة لم استطع أن اعوضَها حنان ابيها وامها ورسالتها اليوم تبث لي بعض حزنها والمها وهي تكابد مشاكل اسرية مع زوجها. جفت دموع صديقي وزفر حسرته وكتم أنته ، وجلت بخاطري على سنين خلت من المحنة ومحنة ما بعد المحنة من عام ١٩٧٩ الى عام ٢٠٠٣ ومن عام ٢٠٠٣ حتى يومنا هذا كم من عذراء تناشدنا وكم من دماء تعاتبنا فسلطة اليوم ثمرة تاريخ من التضحيات عمدته أزكى الانفس وأطهر الدماء تاريخ نُثرت على جانبيه مئات الالاف من انات الثكالى ودموع الارامل وحسرات الايتام ، تاريخ يستصرخكم ياقادة يا كرام ان تضعوا كل هذا الالم وكل هذه المصائب نصب اعينكم وانتم تحكمون وانتم تتظاهرون وانتم تنتقدون وانتم تتنازعون وانتم تلهون بالمال والولد فعذراء تحاسبكم غداً امام الله حساباً عسيراً فهوناً هونا فلا ينبغي أن تكون دماء ابناءكم دماء ودماء الالاف من الشهداء ماء . وهوناً هونا بالعراق واهله فهم يستحقون ان تبذلوا من اجلهم اكثر مما بذلتم حتى الان ولئن يعذر الحاضر فقد لا يعذر الغائب والسلام . |