و ما يذكر من شواهد استنكارية في تربية و تعليم الاطفال في المجتمعات المؤمنة و كون هذه العملية تتم في الصغر و باسلوب التلقين و التحفيظ بدون ترك المجال لهم للاطلاع على الرؤى و الاراء المقابلة و المختلفة فهو استنكار عجيب جداً، خصوصا اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الحقائق العلمية التي تنص على ان عقل الانسان في هذه المرحلة غير قادر على المقارنة و الاستنتاج.

 فبحسب نظرية التطور المعرفي لعالم النفس السويسري جان بياجة 1896-- 1980 – خلال الفترة العمرية الممتدة من عمر 3-8 سنوات حيث يمر فيها بمرحلتين من مراحل التطور المعرفي الاولى و تدعى مرحلة (ما قبل المفاهيم ) والتي يبدو أنها مرحلة تجميع المعلومات عند الطفل فقط، و المرحلة الثانية و تدعى ( التفكير الحدسي ) حيث يميل الطفل للاستجابة لأحد جوانب الموقف أي أن الاستجابة مقيدة بالمثير، و لن يتمكن – الطفل - من الاستنتاج و الاستنباط سوى في المرحلة الثالثة و التي تعرف بـ(مرحلة العمليات المحسوسة) في عمر 8-11 سنة، و التي يكون الاستنتاج و الاستنباط فيها مشروط و مقيد و مرتبط بالمفاهيم الحسية فقط.

و عليه فان المستنكر ايضا لن يستطيع ان يعرض على الطفل في هذا العمر اي معلومة تحتاج الى الاستنباط و الاستنتاج، و لذا نجد ان جميع الميادين المعرفة تستغل هذا العمر في تثبيت المقدمات اللازمة لما يتبعها من معلومات استنتاجية واستنباطية في السنين التالية.

و المضحك في الامر ان احدهم قد عرض فديو لاحد المسلمين و قد قام بتحفيظ ابنته اركان الاسلام و فروع الدين و قارنه بشريط اخر لمجموعة من الاطفال الغربيين و هم يعزفون على الكيتار مقطوعة موسيقية ، ثم علق و قال انظر الى المسلمين كيف يلقنون ابنائهم بينما الثقافة الغربية تعلمهم الاحساس بالجمال و الابداع ..!!! ، بينما كان من الواجب عليه ان يقارن فديو الاطفال الموسيقي بفديو لاطفال يجودون القران الكريم او ينشدون الاناشيد الاسلامية الجميلة حتى تصح المقارنة، و مع ذلك نحن نتوجه له بالسؤال: هل تعلم اولادك في هذا العمر الكتابة و القراءة و تحفظهم الحروف الابجدية ام تعرض عليهم المعادلات الرياضية و القواعد المعقدة للغة !!؟. .... يتبع