هل كل من مارس السياسية يعد وطنيا ؟ سؤال يطرح نفسه في خضم التجاذبات طيلة فترة ما قبل الانتخابات ، وفترة الثمانية اشهر التي اعقبتها ولغاية ترشيح الرئاسات الثلاثة ، ولحد هذا التأريخ (6تموز 2011 ) ، حيث لم يتم اختيار الوزراء الامنيين ، بعد مخاض عسير ولّدت حكومة استطيع ان اسميها حكومة تخمة ، عاجزة عن الحركة والانجاز لتخمتها بعدد الوزرات التي لا مبرر لها سوى الارضاء السياسي ، اضافة لارهاقها لميزانية الدولة ،اذ بدل ان تصرف الاموال على هذه الحكومة المترهلة ، يفترض صرفها على الشعب العراقي لتحسين الخدمات مثلا ،ونحن كمواطنين ومن خلال التجربة نضع عدة معايير للسياسي حتى يمكن ان نسميه وطنيا ، اذ ما حاجة الشعب لسياسي لا تتعدى الوطنية عنده مسافة مابين فمه وارنبة انفه ،نحن كمواطنين عراقيين اكتسبنا خبرة طويلة في مجال التمييز بين الوطني الصادق في وطنيته ، وبين مدعي الوطنية ،وتجربتنا تمتد لعشرات السنين من خلال تعاملنا مع السياسيين البعثيين الذين يدعون الوطنية زورا وبهتانا وهم اعداء للشعب والوطن ، وبعض السياسيين الذين ظهروا في الساحة العراقية بعد سقوط صنم بغداد في 2003، لكن الشعب العراقي صاحب التجربة قادر على الفرز والتصنيف من هو السياسي الوطني ، ومن هو مدعي الوطنية ، ومدعو الوطنية لم يبقوا لحد هذا اليوم لولا الدعم الذي يتلقوه من الخارج ولولا الرعاية والحماية الامريكية لهم لدرجة انهم زوروا في نتائج الانتخابات لصالحهم ورغم هذا الدعم الكبير لهم فهم مهزوزون ولا يستطيعون الصمود امام التيارات والاحزاب المدعومة شعبيا ، ونحن اليوم اذ نرقب تطورات العملية السياسية وعملية الاداء الحكومي وتأخير تشكيل الوزارات الامنية والطموحات اللامشروعة لبعض السياسيين ، نرى ان من بديهيات الوطنية ان يكون السياسي على اتم الاستعداد للتفاهم والتوافق مع السياسيين الاخرين المختلفين معه على الثوابت الوطنيه ، وان تطلب الامر ان يضحي بمصلحته الشخصية او الحزبية ، والمعيار الاخر الذي نرصده نحن المواطنون كي نحكم على السياسي بالوطنية هو ان يكون غير مرتبط بالاجندة الخارجية التي لا تريد خيرا للشعب العراقي ، كيف ونحن نرى بعض السياسيين وهو يتلقى التعليمات من الدوائر الخارجية ولا يخطو خطوة الا بعد ان يراجع او يتشاور مع مراجعه في الخارج، علما ان الشعب العراقي قد شخص الدوائر الاجنبية التي تعمل بالضد من المشروع السياسي الجديد في العراق وتحاول ان تدمر العملية السياسية الفتية ، وهذه الدوائر الاجنبية تريد ارجاع العراق الى عهود الظلام البعثية الدموية ،اذ اخذت تصرف ملايين الدولارات لتحقيق هذا الهدف ، واذا طبقنا هذين المعيارين على بعض الشخصيات السياسية وهما عدم الانسجام والتوافق مع الشخصيات السياسية الاخرى من اجل مصلحة الوطن ، والرجوع الى الدوائر الخارجية في اتخاذ القرارات ، نرى ان هذين المعيارين ينطبقان على البعض من السياسيين وان كانوا اقلية ضئيلة ، فهذه الاقلية الضئيلة ترفض التوافق مع الاخرين ، كذلك لا تزال مصرة بالرجوع الى مراجعها الخارجية لاخذ التوجيهات منها ،وازاء هذه المواقف البعيدة عن الوطنية اصبح لزاما على هذه القائمة او تلك ان تتخذ موقفا شجاعا وصريحا من هذه الشخصيات التي تنتمي اليها بان تعلن وامام الشعب استغناءها او ابعادها لهذه الشخصيات المهزوزة والتي تطمح ومن خلفها دوائرها الخارجية بتغيير المسيرة السياسية في العراق لصالح الاجندة التي تعمل لها واصبح اتخاذ مثل هذا الموقف ضرورة وطنية ،ومصلحة عامة تقتضي التخلص من هذه الشخصيات التي تعمل على عرقلة التوافق الوطني وتعويق سير الحكومة ، سيما وان الشعب قد سئم من التأخير والمماطلة واللف والدوران في تشكيل الحكومة للفترة الماضية ، كما ان الشعب قد سئم من محاولات ودعوات البعض للقفز على الاستحقاق الانتخابي ، وقد ادركت المكونات السياسية العراقية الوطنية هذا الواقع ، لذا نراها عازمة على التوافق من اجل تغليب مصلحة الشعب والوطن على المصالح الذاتية ،لغرض الاسراع في تشكيل حكومة وطنية مرشقة تضم جميع مكونات الشعب العراقي وليس شرطا ان تضم جميع القوائم الفائزة ، ودعم الاستاذ المجاهد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الذي يحاول بعض السياسيين تعويق عمله وعمل حكومته رغم اشتراك هؤلاء في تشكيلة الحكومة وهذا امر غريب وغير موجود في أي بلد ديمقراطي ، اذ لابد وان تعمل الحكومة بنفس الرجل الواحد بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية والتعاون لغرض تقديم الخدمات الى الشعب العراقي الذي تحمل الكثير من الآلام والحرمان ، والواجب الوطني يدعو بعض القوائم السياسية لاتخاذ القرار الشجاع والجرئ بالاستغناء عن كل سياسي خارج الاجماع الوطني ويغرد منفردا لمصالح ذاتية واستجابة لدعوات خارجية مخربة للوحدة الوطنية ، اذ اصبح اتخاذ مثل هذا القرار من الضرورات الوطنية التي يتطلع اليها الشعب العراقي لازاحة هؤلاء عن طريق البناء والتقدم وقطع اليد التي تريد تخريب العملية السياسية الجديدة في العراق .
A_fatlawy@yahoo.com |