الزميل سعد محسن خليل أمين سر نقابة الصحفيين ، لم يشغله عمله القيادي في نقابة الصحفيين العراقيين عن التواصل مع الابداع في مجالات الكتابة الصحفية، حتى انتقل ليؤرخ لنا فصولا من تأريخ بغداد وسيرة ملوكها، التي تعد الفترة الذهبية للعراق من وجهة نظر كثيرين، لما احتوته من صدق الانتماء ووقفة الرجال في المحن والشدائد وبناء معالم دولة، وإقامة صرح لها كان محل تقدير العالم!!
كانت بداية مشوار الزميل سعد محسن في سبر اغوار تأريخ بغداد قد بدأت منذ ان اعد كتابه ( شقاوات الزمن الماضي ) وسرد الكثير من قصص هؤلاء وما حكته بعض المصادر عن أفعالهم ونوادرهم، وكانوا هم من تعتمد عليهم القوى السياسية العراقية في الصراع المحتدم بينها في الستينات والسبعينات، لكنهم لم يكونوا ظاهرة مستفحلة تعكر الأمن الوطني او تشكل تهديدا له كما يجري الان في بلادنا، بل كانت الدولة قادرة على فرض سطوتها عليهم عندما تجدهم انهم خرجوا عن الحدود المسموح بها في إسقاط هيبة الدولة، بل نكلت بالكثيرين منهم عندما تجاوزوا الخطوط الحمر ، وانتهى أمرهم منتصف السبعينات !
أما الانجار الأكثر روعة والذي يعكف الزميل سعد محسن على إصداره قريبا هو كتابه عن سيرة ملوك بغداد وقصص نضالهم الوطني المشهود له بالأصالة والوقفات الرجولية، كما اهتم الكتاب بطرائف حكمهم وبساطة احوالهم في تعاملهم مع الشعب، وكيف كانوا يقضون معظم أيامهم يجوبون شوارع بغداد ويلتقون بالعامة، وما حفلت به نوادرهم خلال تلك المسيرة المعطاء على الرغم من كل مالاقاه هؤلاء الملوك من تنكيل بهم من قبل بعض القوى السياسية العراقية، تحت دعاوى اقامة حكم جمهوري او تحت مبررات ما انزل الله بها من سلطان، بالرغم من ان كثيرين منهم لم يذهبوا بالعمالة للأجنبي كما ذهب حكام العراق في آخر زمانهم، يوم باعوا بلدهم في سوق النخاسة بثمن بخس، دراهم معدودة!!
الزميل سعد محسن بقي لسنوات عضوا في مجلس نقابة الصحفيين، حتى احتل منذ اكثر من ثماني سنوات أمانة سر النقابة، ولديه علاقات طيبة مع الزملاء، وقد عاصرناه منذ ان كان في وكالة الانباء العراقية مراسلا ومحررا مثابرا ، تجول في كل ساحات العراق ليكتب قصصا كثيرة، وبخاصة في فترات الحروب، التي كانت تعد الأكثر مرارة في تأريخ العراق، وكان الصحفيون قد قدموا شهداء كثرين من اجل ان يحفظوا بلدهم من شرور كل عدوان يتعرضون له من أي بلد كان، وكانت لهم جميعا وقفات مشهودة، الى جانب الشعب والوطن ، وهذا ما رفع من شأن الأسرة الصحفية واعلى من شأنها، وبقيت محافظة على حضورها الدائم بين أوساط الشعب تنقل همومه واحزانه وآماله المشروعة في العيش الكريم، وهي تحث الخطى لكي يصعد بالوعي الاجتماعي الى أعلى مراحل النضوج من اجل ان يتجاوز البلد محنته الحالية عله يخرج من حالى الفوضى والاضطراب هذه، ويستقر العراقيون على حال، بعد ان ضاق بهم الحال والأحوال، ولم تعد حياتهم لها قيمة في زمن لم يعد للانسان فيه من قيمة او اعتبار للأسف الشديد!!
تحياتنا للاستاذ سعد محسن خليل ( أبو احمد ) ، وهو يواصل ابداعه الصحفي والكتابة بمختلف أشكالها، وعسى ان نرى كتابه الأخير وقد ظهر الى الوجود، عن سيرة ملوك بغداد، وتأريخهم الحافل بالامجاد والمواقف الوطنية المشهودة، وله من زملائه كل محبة وتقدير!!