السّؤال السّادس؛ ما علاقة المرجع الاعلى بالحشد الشّعبي؟.
الجواب؛ الحشد الشّعبي هو الوليد الشّرعي لفتوى الجهاد الكفائي التي اصدرها المرجع الاعلى عندما وقف الارهابيّون على أسوار العاصمة بغداد يهدّدونها بالغزو بعد ان بسطوا نفوذهم على نصف العراق.
انّهُ فخرُ العراق الذي لولاه لسقطت البلاد بيد الارهابيّين الذين وظّفوا صراعات السياسيّين على السّلطة وانشغالهم بتقاسم المنافع الشّخصية والحزبيّة، من جانب، والفساد المالي والاداري الذي استشرى في كلّ مفاصل الدّولة وخصوصاً في المؤسّسة العسكريّة وعلى وجه التّحديد في مكتب القائد العام السابق للقوات المسلّحة الذي ظل يتستّر على الفساد والمفسدين ويلوّح بالملفّات من دون ان يقدّم حتى نصف ملفٍّ للقضاء، وظّفوا كل ذلك لاحتلال نصف العراق وتهديد العاصمة.
لقد تشكّل الحشد الشعبي في ظروفٍ غايةٍ في الخطورة الأمنيّة والحساسيّة العسكرية، فلقد واجه الانهيار المحتمل وتصدّى للارهاب بكلّ شجاعةٍ واقتدار حتى استقرّت الامور بعض الشيء، وتحوّل البلد باكملهِ من حالة الدّفاع عن النّفس الى حالة الهجوم في الحرب على الارهاب، وبرأيي، فان كلّ انتصارٍ يحققهُ العراقيّون في جبهات الحرب على الارهاب وفي ايّ شبرٍ من ارض العراق الطّاهرة انّما يُساهم الحشد في تحقيقهِ سواء بشكلٍ مباشر بالاشتراك في العمليّات الحربيّة او بشكلٍ غير مباشر، لانّ الحشد رسم بتضحياتهِ الحدّ الفاصل بين الهزيمة والنصر، بين الانهيار والثّبات، ثم جاءت من بعد ذلك وتراكمت كلّ الانتصارات المتتالية التي يُحقّقها الجيش وقوّات البيشمركة والمتطوعون من ابناء العشائر، ولَك ان تتخيّل الصورة اذا لم يكن قد تشكّل الحشد الشعبي في اللحظة المناسبة وسقطت بغداد بيد الارهابيّين، أَفهل كان يمكن ان نرى أحداً يقاوم ويصمد في ايّة جبهة اخرى من جبهات الحرب على الارهاب؟!.
ينبغي ان نتذكّر الحشد وانتصاراتهِ وتضحياتهِ والخطّ الفاصل الذي رسمهُ بدمائهِ الطّاهرة، كلّما تحدّثنا عن العراق الجديد.
السّؤال السّابع؛ وكيف ينظر سماحته الى الجيش العراقي والحشد الشعبي؟ ولماذا يركّز على انخراط كلّ الفصائل المسلّحة تحت مظلّة الجيش والشرطة؟.
١/ القوّات المسلّحة العراقية هي المؤسّسة العسكرية الرسمية الوحيدة في العراق، ولذلك لا ينبغي ان نقارنها بأيّة قوّة أُخرى، فهي المؤسسة الدستورية والقانونية الوحيدة في البلاد، وان ايّة قوة أُخرى تتشكّل بسبب الظّروف الطارئة والاستثنائيّة ينبغي ان تكون ضمن هذه المؤسسة الرّسمية حصراً.
٢/ ولذلك حرصت المرجعية الدّينية العليا على ان تنضوي فصائل الحشد الشعبي تحت عنوان هذه المؤسسة وتحت إمرة القائد العام للقوّات المسلّحة رئيس مجلس الوزراء، رافضةً ان تعمل بمفردها وبعيداً عن المؤسّسة الرّسمية.
انّها حريصةٌ أشدَّ الحرص على تقوية المؤسسة الأمنية والعسكريّة، رافضةً ان ينفلت ايّ سلاح خارج سيطرتها.
ولحساسية المرجعية الدّينية العليا من هذا الموضوع ولحرصها الكبير على تكريس هذا المعنى والمفهوم الدّستوري، دعت اكثر من مرة الى عدم رفع ايّة راية سوى علم العراق في جبهات الحرب على الارهاب، وذلك من اجل احترام المؤسسة العسكرية وتقوية شوكتها والتّنبيه الى توحيد صفوفها وتكريس الحسّ الوطني عند المقاتلين الشّجعان.
٣/ للاسف الشّديد فانّ بعض السياسيّين [خاصة الفاشلين منهم الذين اضاعوا البلاد خلال فترة وجودهم في السّلطة وسلّموا نصف العراق للارهابيّين بسبب فشلهم وفسادهم وانشغالهم بالتشبث بالسّلطة وشعارهم (بعد ما ننطيها)] هؤلاء استغلوا الظّروف الأمنيّة المتدهورة ليوظّفوا الفتوى لصالحهم من خلال المبادرة لتشكيل ميليشيات خارجة عن سلطة القائد العام للقوّات المسلّحة [وهو الامر الذي اشار اليه السيد رئيس مجلس الوزراء] قبل عدة ايام والذي يسعى الان لوضع حدٍّ لهُ.
٤/ ان الحشد الشعبي الحقيقي هو الذي يأتمر بأمر المؤسسة الأمنية والعسكرية حصراً، والذي يعتبر نَفْسَهُ جزء لا يتجزأ منها، لا يتقاطع معها ولا يسير بموازاتها ولا يدعو للانفصال عنها، وهذا ما أكّد عليه مؤخراً السيد هادي العامري أحد قادة الحشد الشعبي في معرض لقائهِ مع وكالة رويترز للأنباء، ما يعني ان كل فصيل من فصائل الحشد الشعبي لا يأتمر بأَوامر المؤسسة العسكرية فهو ميليشيا خارجة عن القانون ينبغي نزع سلاحها وتفويت الفرصة عليها من اجل ان لا تتضخّم في العدّة والعدد وبالتالي تصبح خطراً على الدّولة.
٥/ انّ المتتبّع للخطاب المرجعي منذ فتوى الجهاد الكفائي سيلمس مدى حرص وجديّة المرجعية الدّينية في حماية المؤسسة الأمنية والعسكرية الدستورية والرسمية، والسبب في ذلك يعود الى حرصها على بناء الدّولة ومؤسساتها، والحشد الذي تشكّل بالفتوى لم يكن الغرض منه الإعداد لتشكلٍ مسلّح يوازي القوات المسلّحة او ينافسها ابداً، وانّما هو في خطٍ واحدٍ معها، وبعبارةٍ اخرى هو نصير وظهير لها لا يوازيها ولا ينافسها ولا يكون البديل عنها ابداً، وهذا هو المعنى الحقيقة لمفهوم التطوّع الذي تلجأ اليه الدول والشّعوب كلّما مرّت بأزمةٍ ومن ايّ نوعٍ كانت.
انّهُ تشكّل في ظرفٍ استثنائي خاص استجابة لفتوى المرجع الديني الاعلى في الجهاد الكفائي، وستتحدّد طبيعة عملهِ في إطار الدستور والقانون حال انتهاء الظّرف الاستثنائي.
لا ننكر ان هناك أطرافاً في العملية السّياسية تسعى لتوظيفهِ في العمل السّياسي من اجل فرض أجنداتها والتغلّب على منافسيها الاخرين، وهذا امرٌ خطيرٌ ينبغي فضحهُ وكشف نواياه قبل ان يستفحل، اذ لا ينبغي توظيف السّلاح في العمل السّياسي ابداً.
ولذلك فانّ امام الحشد بعد تطهير آخر شبر من ارض العراق الطّاهرة من قبضة الارهابيّين، خياران لا ثالث لهما، فإمّا الانخراط في صفوف المؤسسة الأمنية والعسكرية ليكون جزءاً لا يتجزأ منها، وهذا ما يعمل على تشريعهِ مجلس الوزراء وبالتعاون والتنسيق مع مجلس النوّاب، او ان يعود من شاء من عناصرهِ الى مزاولة حياتهِ الطبيعيّة، بعد ان يكون قد لبّى فتوى الجهاد ودافع عن البلاد والعباد.
هذان الخياران امام كلّ من حمل السّلاح ليقاتل الارهاب، سواءً من قوّات الحشد الشعبي او ما يُسمى بالحشد الوطني وكذلك المتطوّعون من ابناء العشائر الغيورة، اذ لا ينبغي ان يظلّ سلاحٌ منفلتٌ بعد التّحرير، فإمّا ان يكون ضمن الأُطر الدستورية والقانونية او ان يسلمهُ صاحبهُ للدولة ويعود لمزاولة حياته الطبيعية.
ان كلّ دعوات تحويل سلاح المتطوّعين الى مؤسسة عسكرية رديفة للمؤسسة العسكرية الدستورية او بديلة عنها هي دعوات باطلة لا تريد خيراً بالعراق.
ومن هنا تحديداً يأتي حرص المرجعية الدّينية على ان ينخرط الجميع ويعمل في إطار المؤسسة الرسمية، وانّ كل من يتبنّى هذه الرؤية انّما هو يتبنّى فكرة الدّولة التي لا يمكن ان تُبنى الا بالمؤسسات الدستورية حصراً، امّا الذي يُعرقل بناء المؤسسة الامنيّة والعسكرية الدستورية لتبقى ضعيفة ويحرّض على التمرّد عليها ويدعو الى حمل السّلاح والاحتفاظ به بحجّة الحرب على الارهاب فانّما يدفع باتّجاه تدمير عمليّة بناء الدّولة وتحويلها الى كانتونات تحكمها ميليشيات الطّوائف، فضلاً عن انّهُ يتقاطع ورؤية المرجعية الدّينية العليا التي ظلّت تطلق على من حمل السّلاح استجابةً لفتوى الجهاد الكفائي بـ [المتطوّعون] والتي تعني العبارة انّهم حالة مؤقتة لدعم واسناد المؤسسة الدستورية وليس البديل عنها بأيّ معنىً!.
يتبع
١٨ شباط ٢٠١٦
للتواصل؛
E-mail: nhaidar@hotmail. com
Face Book: Nazar Haidar
WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920 |